-A +A
حسن باسويد (جدة)، خاص عكاظ (بيروت)
أكد محللان سياسيان سعوديان أن زيارة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى فرنسا وتوقيع عدد من الاتفاقيات هي دلالة على القوة الاقتصادية والسياسية التي تتمتع بها المملكة وحنكة القيادة عبر فتح قنوات لشراكات استراتيجية مع دول كبرى لها ثقلها الاقتصادي والسياسي الدولي. وأوضح الخبير الاستراتيجي الدكتور علي التواتي بأنه في عهد الملك سلمان بدأنا نلاحظ بوادر الانفتاح بشكل واسع على الدول الأوروبية وبشكل خاص على روسيا والمملكة المتحدة والآن فرنسا وبشكل قوي عبر فتح قنوات لشراكات استراتيجية فاعلة تنم عن رغبة الدولة في إيجاد نقلة نوعية حضارية غير مسبوقة في المملكة على المدى الطويل من خلال توقيع اتفاقيات من النوع الثقيل مع كبريات دول العالم الصناعية الغربية. وأضاف بأن زيارة محمد بن سلمان لفرنسا وتوقيع عشر اتفاقيات منها الصناعية والاقتصادية والعسكرية والتقنية، ما هي إلا تكملة لتلك الشراكات الاستراتيجية مع دولة لا تقل عن مثيلاتها من الدول الأخرى قوة قي مجالات الصناعة والتقنية في مختلف المجالات. وأشار إلى أن تلك الاتفاقيات والشراكات الاستراتيجية مع دول تعتبر من الدول الاعضاء في مجلس الأمن، يعكس الوضع الذي يجب أن تكون فيه دولة بحجم وقيمة المملكة لما لها من قوة اقتصادية هائلة من خلال كونها عضوا فعالا في مجموعة العشرين والدولة في مرحلة تفاعل هائل وإعادة ترتيب الاولويات والتوازنات حسب ما يخدم مصالحها في المنطقة. وفي نفس السياق أكد المحلل الاستراتيجي فضل البوعينين أننا أمام إعادة تشكيل العلاقات السياسية السعودية مع دول العالم على أسس مشتركة من المصالح. هناك توجه لدعم العلاقات الدولية؛ والدفع بها إلى نطاقات متقدمة وبما يخدم المصالح السعودية؛ ويحقق أمن المنطقة. وأضاف بأن زيارة سمو ولي ولي العهد إلى فرنسا جاءت بعد أيام معدودات من زيارته إلى روسيا؛ وتوقيعه شراكات اقتصادية نوعية قادرة على توثيق العلاقات السعودية الروسية على أسس اقتصادية؛ وبما يخدم المصالح الوطنية والقومية. التوقيع على عشر اتفاقيات في قطاعات مختلفة وبحجم مالي قدر بـ 12 مليار دولار خطوة متقدمة لتوثيق الشراكات الاقتصادية مع فرنسا؛ أهم الدول المؤثرة في أوربا ومجلس الأمن. وألمح إلى أنه قد تكون اتفاقية البدء في «دراسة جدوى بناء مفاعلين نوويين» من أهم الاتفاقيات الموقعة بسبب ارتباطها ببرنامج الطاقة السلمية التي تدفع السعودية نحو تحقيقها ضمن مشروعها الاستراتيجي لتوليد الطاقة. واللافت في الاتفاقيات الملحقة توقيع اتفاق لتنفيذ دورات تدريب على السلامة النووية وآخر حول معالجة النفايات النووية؛ ما يؤكد المضي نحو إنجاز المشروع النووي السلمي. وقال البوعينين «مازلت أعتقد أن تعزيز علاقات المملكة مع الدول الفاعلة في المجتمع الدولي من خلال الشراكات الاقتصادية الملبية للاحتياجات الداخلية والمحققة للمصلحة القومية؛ وبما يضمن تشكيل قاعدة من العلاقات الدولية المتميزة المحققة للتوازن الأمثل بين الدول الكبرى هو عمل استراتيجي حذق سيسهم في دعم المملكة دوليا؛ ويزيد من خياراتها المستقبلية؛ ويجعلها أكثر قدرة على تفعيل رؤيتها السياسية في المنطقة وبما يحقق مصالحنا الوطنية والقومية. بدوره، أكد الخبير الاستراتيجي الدكتور محمد عبدالغني لـ «عكاظ» أن حجم الاتفاقيات التي أبرمت ما بين المملكة وفرنسا خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد إلى باريس تؤكد اتنقال الشراكة الاستراتيجية الكبيرة التي تربط ما بين الدولتين إلى مرحلة التضامن الاستراتيجي.
وأضاف الدكتور عبدالغني: «الصفقات التي عقدت بين البلدين وبخاصة ما يتعلق منها بالشأن النووي السلمي وبالتسليح العسكري وبخاصة صفقة الطائرات الإيرباص المروحية كلها تدل على أن هذه الشراكة عميقة لجهة التكامل والتضامن الاستراتيجي بحيث تحاكي احتياجات البلدين ومصالحهما المشتركة وهو ما يفتح المجال أمام آفاق جديدة للتعاون الدولي وبخاصة ما بين فرنسا والعالمين العربي والإسلامي في المرحلة المقبلة».

وتابع الدكتور عبدالغني قائلا: «إن هذه الصفقات لن تكون النهاية بل تفتح الأبواب أمام الكثير من الدول العربية والإسلامية لتعزيز شراكتها مع فرنسا وبالتالي تعزيز الدور الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط، هذا الدور الذي أثبت فعاليته ووفاءه للقضايا العربية والإسلامية في أكثر من محطة قديمة وجديدة إن على صعيد الملف الفلسطيني أو على صعيد الملف السوري».
وختم الدكتور عبدالغني: «إن أهمية ما تم في باريس ما بين المملكة وفرنسا من لقاءات واتفاقيات ومعاهدات كونه حدثا استراتيجيا بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وهو حدث لا يمكن فصله عن الزيارة التي سبقته من قبل للأمير محمد بن سلمان إلى روسيا وبالتالي نحن أمام استراتيجية جديدة، استراتيجية الانفتاح الدولي خدمة لمصالح الأمتين العربية والإسلامية».