-A +A
حمود أبو طالب
في كل الحوادث الأمنية التي تمر بها دول الخليج على أيدي الإرهابيين أو غيرهم من الذين يريدون اختراق الأمن بأي صورة تبرز الأجهزة الأمنية كقلاع حصينة بأدائها المتميز، الاستباقي في كثير من الأحيان، أو عندما تضطر للمواجهة. مؤخرا وبعد حادثة مسجد الصادق في الكويت عقد وزراء داخلية دول مجلس التعاون اجتماعا طارئا لبحث الأمور الأمنية المشتركة وصدر بيان شامل يغطي كل الجوانب، تضمن هذه الفقرة: «التأكيد على دور علماء المسلمين ووسائل الإعلام في إيضاح الصورة الحقيقية للإسلام الوسطي المعتدل البعيد عن الغلو والتطرف والعنف». هنا وعلى حروف هذه الجملة نضع أيدينا على معضلة مزمنة مؤسفة يمكن اعتبارها المأساة الحقيقية للمسلمين في هذا الوقت، والسبب الأساسي في كل الكوارث التي يرتعون فيها.
سؤال واحد فقط يجب أن نطرحه بوضوح، هو إذا كان رؤساء الأجهزة الأمنية يجتمعون عند كل حادثة تواجهها أوطانهم ويكررون نداءهم لعلماء المسلمين بضرورة تحمل مسؤوليتهم أمام الله أولا ثم أوطانهم وشعوبهم، فقولوا لنا كم مرة اجتمع وزراء الشؤون الإسلامية أو علماء المسلمين أو مؤسساتهم التي تتخذ أسماء وكيانات لا حصر لها، كم مرة اجتمعوا بشكل طارئ وقالوا شيئا واضحا مفيدا وسعوا إلى تنفيذه. نعرف أنهم يجتمعون بشكل روتيني موسمي ويصدرون بيانات في غاية المثالية لكن للأسف الشديد يتم اختراقها والعمل ضد مضمونها على مرأى ومسمع منهم، ومن بعض المحسوبين على هيئاتهم ومؤسساتهم ووزاراتهم.

كم سمعنا عن الوسطية والاعتدال منذ انطلاق شرارة التكفير والإرهاب، وكم سمعنا الاسطوانات الباهتة التي تتحدث عن نبذ الغلو والتطرف والعنف، اسطوانات تدار كتحصيل حاصل ليس إلا، لا تبدو أنها صادرة عن قناعة وإيمان حقيقي بالدور الإنساني والأخلاقي والديني الذي يجب أن يستشعره كل محسوب على علماء المسلمين.
الآن بدأت النار تقترب من أطراف الثوب، أعلام داعش التي وجدها رجال الأمن في مداهمة الجمعة بمدينة الطائف ليست سوى مؤشر على تفوق الأمن وفشل المواجهة الفكرية، أو بالأصح دور علماء المسلمين الذين يناشدهم المسؤولون عن الأمن النهوض بمسؤوليتهم ونحن نناشدهم كذلك منذ زمن طويل.
الغريب كيف لا يفكر العلماء أن هذه المكانة الرفيعة التي يتبوؤونها والتقدير والاحترام من الجميع ليس له اعتبار لدى فصائل الدواعش ومن شابههم، وأنهم في نظرهم ليسوا على الدين القويم، هذا على الصعيد الشخصي، أما على الصعيد الوطني فعليهم أن يتذكروا أن الوطن هو القيمة التي لن يكون لأحد قيمة أو وجود بدونها لا قدر الله.