-A +A
حوار: فارس القحطاني (الرياض)
أفاد الفريق المتقاعد عبدالعزيز بن محمد الهنيدي قائد القوات الجوية الملكية السعودية رئيس الجمعية الوطنية للمتقاعدين، أن شهر رمضان عبارة عن جامعة تضم 9 كليات. وأشار إلى عدة وقائع جرت في الشهر الكريم وغيرت مجرى التاريخ، منها غزوة بدر الكبرى التي انتصر فيها المسلمون على كفار قريش، فتح مكة ومعركة عين جالوت، كما أن الله سبحانه وتعالى خص هذا الشهر أن أنزل فيه صحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داوود والقرآن الكريم على قلب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
وأضاف في حديثه لـ«عكاظ»، أن في الشهر الكريم توحدت الحجاز ونجد باسم المملكة في 7 رمضان من عام 1351هـ، وتمكن الأخوان رايت الأمريكيان لأول مرة في التاريخ من القيام بأول رحلة طيران ناجحة في 27 رمضان عام 1321هـ.
وتحدث عن رمضان في أبها أيام الصبا، مؤكدا أن أهل القرية كانوا على قلب رجل واحد حيث كانت والدته توقظ جيرانها عبر الضرب بالنجر على الجدار الطين على جاراتها وترد عليها إذا ما استفاقت لتناول طعام السحور، وكان الرجال يفطرون في المسجد وبعد الصلاة يكمل كل واحد إفطاره مع أسرته في منزله.... فإلى التفاصيل:

• هل اختلف رمضان اليوم عن أيام زمان؟
•• زمان كنت تشعر أن رمضان شهر صيام وبركة وتسامح، وكثيرا ما كان الناس يفطرون في المساجد على ما تيسر من التمر والماء والقهوة، ثم يكملون إفطارهم في منازلهم، كان الناس أكثر إيمانا وتسامحا، الآن الناس أشغلتهم الدنيا، لكنني متفائل أن الناس سوف يعودون إلى الله وأن يشغلوا وقتهم في الطاعة.
• وكيف تنظرون أنتم إلى الشهر الفضيل؟
•• رمضان جامعة إسلامية تضم 9 كليات، كلية القرآن وعلومه، كلية الصلاة، كلية الصبر على العطش والجوع، كلية التسامح، كلية الاقتصاد والإدارة، كلية الدعاء والتوبة، كلية الانتصار في الفوز برضا الله والتقرب منه بالطاعات، كلية الانضباط بحيث يكون هناك أوقات يمارس فيها الأعمال، وكلية الصحة البدنية والنفسية من خلال التعامل مع الآخرين.
• ما هي الأمور التي تمارسها في رمضان؟
•• أحرص على قراءة القرآن وتفسيره، وأخذ وقت فيه ومعرفة معاني الكلمات وتقوية اللغة العربية.
• ما هي الأكلات التي تحرص عليها؟
•• أحرص على أخذ التمر والقهوة واللبن، وأداء الصلاة في المسجد، وتناول صحن الفول والشربة والسمبوسة، والشاي بعد الإفطار.
• مواقف في حياتك وأشخاص لا تنساهم؟
•• كنت موظفا حكوميا في الجمارك براتب شهري 250 ريالا، وترقيت في العمل من كاتب صادر وكاتب برقيات إلى أن أصبحت كاتبا خاصا عند أمين الجمارك بالمنطقة الشرقية عام 1371هـ، ولحسن الحظ شغرت وظيفة مأمور سجلات في جمرك مطار جدة، وكان معي كاتب اسمه فاروق خضر، كنا نشاهد الطائرات في المطار الداكوتا والسكاي ماستر، وكانت أعمارنا في العشرين، وذهبنا وقدمنا على مدارس سلاح الطيران.
• ماذا حدث عند التقديم على مدرسة سلاح الطيران؟
•• كنت مربي «سكسوكة» وصديقي فاروق خضر «شارب عريض»، وعندما تقدمنا قالوا إنهم يريدون أعمار 15، 16عاما، ذهبنا وعدنا في اليوم الثاني بدون السكسوكة والشارب، وبمجرد أن شاهدونا قالوا إننا صغرنا 4 سنوات وتم قبولنا، وبعد قبولنا في مدرسة الطيران تم إرسالنا إلى الظهران للكشف الطبي، وهذا جزء من العقد المبرم بين الحكومة الأمريكية والمملكة في عهد الملك سعود أن تعمل على تدريب السعوديين كفنيين وطيارين، وبناء المساكن للطيارين والفنيين.
• وكيف كانت الدراسة في مدرسة سلاح الطيران؟
•• بقينا في معهد الطيران في الظهران سنة كاملة لدراسة الإنجليزية، بعدها انتقلنا إلى جدة، وأتذكر أن عددا من أبناء التجار الذين دخلوا معنا مدرسة سلاح الطيران لم يستطيعوا المواصلة بسبب أننا كنا نعيش على الكفاف، كما كنا نعاني من غياب الماء حيث كنا نحرص على الحصول على «الزمزمية» وتبقى معنا في الغرفة ونستخدمها للوضوء، وقد شهدنا وفاة زملاء لنا خلال التدريب.
وأتذكر فهد العيسى كان من أفضل الطيارين رحمه الله، كان يقود طائرة بريطانية «هوكر هنتا» ويحاول عمل مناورة بها والهبوط وملامسة الأرض والإقلاع، وخلال أداء المناورة انخفض مستوى الوقود ما أدى إلى إطفاء المحرك وهو في الجو قبل المدرج بـ 300 متر فسقطت الطائرة وتوفي رحمة الله عليه، وهكذا جاء يوم التخرج والذي لا أنساه كان يوم 22/7/1379هـ.
• بدء مسيرة العمل؟
•• بدأنا العمل على طائرات بريطانية «تشبمنك» وبعدها طائرات أمريكية أسرع k28، وبقينا على هذا النحو عامين، وكان لدينا 200 ساعة طيران وتم تقسيمنا إلى 3 مجموعات، طيران قتال، وطيارو نقل وطيارو العامودي، وتم نقلنا إلى الظهران كطياري قتال وتدربنا على الطائرات الأمريكية تـ 33 وبعدها الطائرة القتالية ف 86 التي تحمل الصواريخ، ومكثت في الظهران في العمل الإداري بجانب الطيران والتدريب على الطيران المتقدم، ثم نقلت إلى كلية الملك فيصل الجوية بالرياض للعمل فيها وكنت وقتها ملازما أول، وعملت فيها 12عاما في جناح التعليم وذهبت في دورة إلى الولايات المتحدة لمدة عام، وواصلت عملي في الكلية حتى رتبة عقيد، بعدها عدت إلى الظهران كقائد معهد الظهران لمدة 5 سنوات، بعد ذلك عينت في قاعدة الملك فيصل في تبوك لمدة عامين ونصف العام، ونقلت إلى قاعدة الملك فهد في الطائف لمدة ثلاث سنوات ونصف، بعدها عدت إلى قيادة القوات الجوية وأصبحت رئيس هيئة الإدارة -لواء حديث-.
وعند حرب تحرير الكويت وبأمر من الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله - أصبحت مسؤولا عن هيئة الإمدادات وزميلي في هيئة الإمدادات يمسك هيئة الإدارة، وهذه الإدارة تعنى بإمداد قطع الغيار والأسلحة والعقود وبقية فيها لمدة 6 سنوات، في هذه الفترة تقاعد الفريق أحمد بحيري، وجاء أمر أن أسير العمل بالنيابة عنه.
• اتصال غير متوقع؟
•• بعد 5 أشهر رن هاتف المنزل وإذ بسواق الأمير سلطان بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ يتحدث إلي ويقول بأن الأمير سلطان يريد التحدث إليك، فقلت من تقصد قال: الأمير سلطان بن عبد العزيز، وإذا بالأمير سلطان ـ رحمه الله ـ يقول لي يا أخ عبدالعزيز أبشرك أننا كنا في مجلس الوزراء والملك فهد ـ رحمه الله ـ وافق على تعيينك قائدا للقوات الجوية برتبة فريق، شكرت سموه على هذا الخبر السار وغير المتوقع، وبعدها ذهبت إلى وزارة الدفاع وقلدني الأمير سلطان ـ رحمه الله ـ رتبة فريق، واستمر العمل في قيادة القوات الجوية لمدة 8 سنوات وخمسة أشهر إلى أن تقاعدت في 20 صفر عام 1425هـ، بعد ثمانية وأربعين عاما في القوات الجوية.
• ماذا بعد التقاعد؟
•• عملت في هيئة حقوق الإنسان لمدة عام ونصف العام وتسلمت إدارة العلاقات والمنظمات الدولية، وقد استفدت منها، وحضرت ست جلسات في مجلس حقوق الإنسان الدولي في جنيف.
• بصفتك الآن رئيس الجمعية الوطنية للمقاعدين، ماذا تم حيال المتقاعدين؟
•• 5 سنوات مرت في الجمعية، أنهينا الدورة الأولى ومدتها 4 سنوات والآن في الدورة الثانية، والتحق بمجلس الإدارة عدد من الأشخاص المشاغبين الذين عانينا منهم. لكني أرى أن التقاعد ربيع الحياة إذا خططت لهذا الأمر، وإذا نظرت إليه بمفهوم حضاري ينطلق من التفكير والعطاء للمجتمع، لأني غير مرتبط بعمل، وهدفنا خدمة المتقاعدين وقد حصلنا على مبالغ مالية وأراض لكافة فروع الجمعية الـ19 في مناطق المملكة، وحصلنا على أراض وقف من التجار.
• ماذا عن المعاناة الآنية للمتقاعدين؟
•• معاناة المتقاعدين كثيرة وأهمها الحد الأدنى للمعاش التقاعدي، وعلاوة سنوية لمواجهة غلاء المعيشة، وتأمين صحي وسكن من المشاريع الحكومية وأن يعطى المتقاعدون الأولوية، وتخفيض بنسبة 50 % في عدد من الخدمات مثل الكهرباء وتذاكر السفر والخدمات العامة والاستقدام وغيرها.
• كيف تنظر إلى ثقافة التعامل والاهتمام بقضايا المتقاعدين؟
•• للأسف هناك ضعف في هذه الثقافة، والعمل الخيري التطوعي الذي تعمل عليه الجمعية يعاني من دخول عدد من الأعضاء يسعون وراء مصالح شخصية بعيداً عن الجانب الخيري والتطوعي، ونصدم من بعض رجال الأعمال الذين إذا طلبنا منهم المساهمة بتبرع مالي يقولون إن المتقاعدين يحصلون على معاش تقاعدي، ونرد عليهم بأن الجمعية بحاجة إلى موظفين ورواتب لهؤلاء الموظفين والعمل الإداري وغيرها من الأمور المالية التي لا تقوم جمعية بدونها.