تنشر الصحف المحلية بين حين وآخر عن تمكن جهات الاختصاص من القبض على دجالين محتالين يزعمون أن لديهم القدرة على تحويل الأوراق البيضاء إلى أوراق نقدية من فئات كبيرة جدا، عن طريق استخدام مادة يسمونها «الزئبق الأحمر»، وأنهم يقومون بذلك مقابل مبلغ نقدي يقدمه لهم من يحب التعامل معهم، قد لا يزيد على عشر المبلغ الذي سوف يستلمه منهم بعد تحويلهم الأوراق البيضاء إلى عملة ورقية تصل قيمتها إلى نصف مليون ريال أو أكثر، فيندفع نحوهم الراغبون في الثراء السريع ويقدمون لهم مبالغ نقدية بعشرات الآلاف ويستلمون منهم بعد ذلك حقيبة فيها عملات مرصوصة ويكون الاستلام في معظم الأحيان ليلا وتحت أضواء خافتة، فإذا انصرف المستلم بالحقيبة وجد أن ما على «الوجه» عملة ورقية كبيرة أما الباقي فما هو سوى أوراق بيضاء مقصوصة ومرصوصة بعناية تامة حتى لتبدو أنها حزم من العملية الورقية، ولو عاد «المليح» بعد خمس دقائق إلى الموقع الذي عادة ما يكون وسط أزقة ضيقة ملتوية لاكتشف ما وقع فيه من نصب واحتيال، لأنه لن يجد أحدا في الموقع ممن تعامل معهم، فإما أن يأكلها «صائمة» ولا يخبر بالأمر أحدا وإما أن يبلغ جهات الاختصاص ويقدم نفسه لها وللصحافة على أساس أنه ضحية وبريء، فيتم عمل كمين للنصاب للإيقاع به ليلقى جزاءه الرادع.
ولكن ما استوقفني في هذه الحكايات المتكررة عدة أمور، منها عدم اعتباري للمنصوب عليه ضحية لأنه شارك في عملية النصب، فلو أن المحتال يستطيع حقا تحويل أوراق بيضاء إلى عملة ورقية ويبيعها على الضحية المزعوم بعشر قيمتها، فإن الأخير يعلم علم اليقين أنها ستكون عملة مزيفة فكيف يسمح له خلقه وأمانته ووطنيته أن يوزع في وطنه عملة مزيفة «أيخون إنسان بلاده» على حد قول بدر شاكر السياب عندما هتف ذات يوم إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون؟»، وكيف يرضى أن يدفع 50 ألف ريال، كما حصل لآخر حالة نصب نشرت عنها الصحف خلال الأيام الأخيرة، ليستلم بدلها نصف مليون أو مليون ريال، وماذا لو كانت مجرد عملة مزورة أراد المزور تصريفها مقابل المبلغ الذي حصل عليه لأنه يعلم أنه لا قيمة لها على الإطلاق، هل يعني ذلك أن «المليح» سوف يساهم في توزيع عملة مزورة بمئات الآلاف ثم ينجو من العقاب وهل هو في هذه الحالة ضحية أم نصاب؟!
ولكن ما استوقفني في هذه الحكايات المتكررة عدة أمور، منها عدم اعتباري للمنصوب عليه ضحية لأنه شارك في عملية النصب، فلو أن المحتال يستطيع حقا تحويل أوراق بيضاء إلى عملة ورقية ويبيعها على الضحية المزعوم بعشر قيمتها، فإن الأخير يعلم علم اليقين أنها ستكون عملة مزيفة فكيف يسمح له خلقه وأمانته ووطنيته أن يوزع في وطنه عملة مزيفة «أيخون إنسان بلاده» على حد قول بدر شاكر السياب عندما هتف ذات يوم إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون؟»، وكيف يرضى أن يدفع 50 ألف ريال، كما حصل لآخر حالة نصب نشرت عنها الصحف خلال الأيام الأخيرة، ليستلم بدلها نصف مليون أو مليون ريال، وماذا لو كانت مجرد عملة مزورة أراد المزور تصريفها مقابل المبلغ الذي حصل عليه لأنه يعلم أنه لا قيمة لها على الإطلاق، هل يعني ذلك أن «المليح» سوف يساهم في توزيع عملة مزورة بمئات الآلاف ثم ينجو من العقاب وهل هو في هذه الحالة ضحية أم نصاب؟!