-A +A
عبدالاله الهوساوي
كثر الحديث مؤخرا عن وضع الأطباء وأدائهم في القطاع الصحي. وتفاوت تقييم الأطباء من شرائح مختلفة من المجتمع، فهنالك من اكتفى بشتمهم ونعتهم بأوصاف لا يليق ذكرها في هذا المقال (كما رأينا في بعض المقاطع التي صورها بعض هؤلاء المتطاولون وتم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي) وهنالك من تعدى التطاول اللفظي الى التطاول الجسدي بالضرب! ولم يتوقف التقييم السلبي للأطباء عند هذا الحد، بل خرج علينا من هو «محسوب على الإعلام الصحي!» بنظرية المؤامرة في مقال له قبل ايام قلائل وجاءنا بعبارات مثل: «اعوجاج الأطباء» و «لوبي الأطباء» وكأنني اقرأ قصة خيالية عن عصابات المافيا الإيطالية!.
ومن باب أهمية هذا الموضوع واحتراما لعقول القراء، وجدت أنه من الأهمية بمكان أن نناقش موضوع أداء الأطباء بعقلانية وبعيدا عن الفرقعات الإعلامية واللعب بالمشاعر أو استخدام الألفاظ غير اللائقة والتي لا تخدم الموضوع.

أقول في البداية ومن باب الشفافية التامة إنني طبيب ولازلت أمارس الجراحة، وأتشرف بخدمة المرضى والمجتمع من خلال ممارستي لتخصصي. ولكني سأدع للقارئ (القارئة) الحكم إذا كنت محايدا أم لا!
فيما يلي بعض إيجابيات الاطباء:
- معظم الاطباء الذين أعرفهم وعملت معهم سواء في السعودية أو كندا أو الولايات المتحدة الأمريكية، دخلوا كلية الطب وأكملوا تدريبهم السريري لهدف رئيسي مهم ألا وهو: خدمة المرضى والمجتمع.
- مهنة الطب هي من المهن التي تتطلب العمل لأوقات وساعات طويلة، فكم من طبيب قضى فترة العيد داخل المستشفى؟ (بدل أن يقضيها مع عائلته)، وكم من جراح صائم في رمضان اضطر إلى أن يفطر بعد صلاة العشاء في المستشفى (بدل أن يأكل طعام الافطار عند أذان المغرب مع أطفاله وأسرته) وذلك لانشغاله بأداء العملية طول النهار في غرفة العمليات، وكم من طبيب لم يتمكن من أداء صلاة التراويح في رمضان بسبب انشغاله مع مريض حالته حرجة في غرفة الطوارئ ؟! وكم من طبيب ظل ساهرا في المستشفى طوال الليل بسبب خدمته للمرضى؟!
ولكن، كما ذكرت إيجابيات الاطباء، سأقوم بسرد بعض السلبيات:
- هنالك أطباء يتعاملون مع المرضى بتعالٍ وفوقية.
- هنالك أطباء لا يعطون المريض الوقت الكافي لفهم مرضهم وطرح أسألتهم.
- هنالك أطباء قد يستغلون المريض ماديا ويطلبون بعض الفحوصات والتحاليل من دون سبب.
- هنالك بعض الأطباء الذين يقومون بإجراء بعض العمليات الجراحية أو علاج بعض الأمراض (مع عدم تخصصهم في علاجها) مما قد يؤدي إلى أضرار على المرضى.
ما أردت قوله فيما سبق أن الطبيب هو جزء من المجتمع، وكأي جزء من المجتمع، هنالك الصالح وهنالك غير ذلك، لكن الشحن الإعلامي وما يقوم به «بعض المحسوبين على الاعلام» من مقالات وتصريحات «بعيدة عن المهنية» لا يخدم المرضى «و المجتمع بل يزيد من صب الزيت على النار ولربما تسبب هؤلاء في الموجة الإعلامية السلبية المنصبة على الاطباء والتي أدت في بعض الأحيان، للأسف، إلى التطاول اللفظي (والجسدي) على الأطباء، وكأنك عندما تقرأ مقالات هؤلاء تعتقد أن الأطباء لا يوجد لديهم إلا هم واحد وهو الاضرار بالمريض والمجتمع!
ما هو الحل للخروج من هذه الدوامة من الاتهامات المتبادلة؟
- هنالك وثيقة ممتازة أخرجتها وزارة الصحة تتحدث عن حقوق المرضى وعوائلهم، ويجب علينا أن ندفع في اتجاه تطبيق هذه الحقوق بفاعلية، ومتابعة تطبيقها، وتعليم المرضى بها، ومن ثم محاسبة من لا يلتزم بتطبيق هذه الوثيقة من الاطباء.
- وكما ينبغي علينا تطبيق حقوق المرضى، فإنني أطالب المسؤولين من خلال هذا المقال بإصدار قانون يحفظ حقوق الممارسين الصحيين (من أطباء وغيرهم) ويجرم التطاول عليهم وقت أدائهم لعملهم في المستشفيات والمراكز الطبية..