-A +A
محمد الفيفي
حين ننظر إلى جبل فيفا نجده مبنيا بالمدرجات من قاعدته إلى قمته، ولا نكاد نعثر فيه على مساحة لا ينتظمها البناء والتشكيل الذي أخذ في التنامي منذ فترة زمنية، وإن أرضا لها هذه الظروف فالطرق فيها لا تشق شقا وإنما تبنى بناء، وجبل كهذا يجب أن يراعى فيه كل التفاصيل والعناوين التي تراوح بين الخطأ القاتل الذي ارتكبته مشاريع شق الطرق من قبل هيئة تطوير فيفا التي قضت على نصف الأودية الخصبة لفيفا وغورت مناهلها ودفنت الرقعة الخضراء وحولتها إلى ركام من الصخور الناتج عن الانهيارات أثنا التنفيذ وبعده.
تم شق الطرق بصورة لم تراع الانحدارات الجبلية الشاهقة ونسبة التماسك في القشرة الصخرية بعد زعزعتها بأطنان الديناميت التي أدت إلى تفكيك وحلحلة الطبقة الظاهرة على أكتاف الجبل ولهذا تظل هذه الطرق عرضة للانهيارات مع كل بلل زهيد كما هو الحال في منطقة (الكدرة)، و(شميلة) وطريق ثمانية في غالبيته من نيد الضالع إلى منطقة (النكرة) ولن تتوقف هذه الظاهرة ولن يزول خطرها ما دام الجبل قائما.

والثقافة المحلية تعرف الدروب القديمة التي تجمع بين نسيج الجبل بما تشكله من أعراف وأحكام وأدبيات، إذ تمت إحالتها إلى أثر بعد عين فتقطعت أوصالها ودفنت الذكريات تحت أطنان من الأتربة والصخور، وتبددت النمنمات التي نقشتها الأقدام الحافية على منعطفات (جذيمة)، و(العرعرة)، و(القعبة)، و(حبالة)، و(نيد القرية) وغيرها.
اما التاريخ والآثار المتمثلة في المدرجات الزراعية وبقايا الأكواخ الحجرية القديمة فتندرج تحت الأثر الذي يجب المحافظة عليه في منطقة هي أشبه بالحديقة التاريخية الغناء، وسيجدها القادم منتجعا فاتنا وكتابا مفتوحا يشف عن أصالة إنسان الجبل وعلو همته في تطويع الظروف المحيطة به، ومع ذلك تتفاخر الهيئة بأنها قضت على نسبة من المدرجات الزراعية أثناء شق الطرق وأزالت بعضا من النباتات وقد كان يمكن أزالتها بطرق مناسبة من تلك التي دفنت غالبية الموارد المائية في جبل فيفا.
لقد تم سحق مساحات شاسعة من الجبل نظرا لطبيعته الشاهقة فتسقط صخرة من المقمعل لتستقر في وادي الغمر وأخرى من غرب (الكدرة) لتستقر في وادي الصوملة وهكذا الحال في بقية منحدراته.
لقد نفذت هذه الطرق من قبل هيئة تطوير فيفا بصورة قسمت الجبل إلى نصفين، وعزلت السكان في مجموعتين:
الأولى تعيش فوق الطريق خلف جدار شاهق قد يصل ارتفاعه في بعض الأماكن ما مقداره 40 مترا.
والثانية أسفل منه، خلف كتلة من الصخور والدمار يصل امتدادها إلى مئات الأمتار بعمق الجبل نفسه.
ذلك الأسلوب الخاطئ في شق الطرق حول حياتهم إلى نكد.
محمد مسعود الفيفي