-A +A
عبدالعزيز محمد النهاري
** اشتعلت هذا الصيف هجمة جديدة من مصادر لا نعلمها للنيل منا، وكان ينبغي أن نقف منها موقفا يكشف تلك المصادر، ويدافع عن مئات الآلاف من الأسر السعودية التي سافرت إلى كل الدول السياحية في العالم وألصقت بهم صفات الفوضى وعدم احترام النظام، لكن ما حدث أننا في الداخل والخارج صدقنا ما أثارته تلك الهجمة، وأخذنا نتداولها ونعلق عليها وننشر صورها في كل وسائل التواصل المتاحة للكل، وبقينا مذهولين لما حدث في النمسا وباريس ولندن من المصطافين الذين قررت تلك الهجمة أنها لسعوديين، حيث انتشرت لقطات فوضى لشابين أو ثلاثة ذبحوا بطة من بحيرة نمساوية، وامرأتين تشاجرتا مع سائق باص نمساوي، ولرجل مع أسرته وشيشته أمام برج إيفيل في باريس، و ما تم تداوله عن المشجعين السعوديين في لندن وما أحدثوه في مدرجات ملعب «لوفتس رود» في لندن، إلى جانب قصص أخرى أضاف عليها الرواة من خيالهم الشيء الكثير، وكلها مجتمعة صورتنا على أننا قوم جئنا من أحراش أفريقيا أوغابات آسيا، ونتصف بالهمجية والفوضى و «قلة الذوق»، في الوقت الذي ثبت في أغلب تلك الممارسات القليلة أنها ليست لسعوديين أو سعوديات، فالذين ذبحوا البطة التي أثارت النمساويين على حد ما قرأنا وسمعنا أنها لشباب ليسوا سعوديين، وأن حادثة الباص ليست من النمسا بل من السويد وحدثت في عام 2014م لمقيمتين عراقيتين ولهما سببهما في تضجرهما وعراكهما مع السائق، أما جلسة الشيشة أمام برج إيفيل فلا أبررها، لكن الشيش منتشرة في أغلب المقاهي العربية والإيرانية في باريس، وأمام برج إيفيل وحوله حدائق عديدة يقصدها السواح من كل الجنسيات وهي مساحات مفتوحة قد يمنع في داخل مساحات بعضها التدخين لكن أرصفتها تسمح به وعلى أي وجه يكون.
لقد هولنا الوضع أكثر مما يجب، وجلدنا أنفسنا بقسوة لا نستحقها، وأعنا غيرنا على أنفسنا، دون وعي وإدراك، فنحن والله شعب متنور وواع ومثقف ومتعلم ومن يقصد أوروبا أو أمريكا كسائح ولديه القدرة على تحمل تكاليف إجازته، يعرف جيدا ماذا يفعل وكيف يتصرف، أما الذين يضيقون برؤية إخوانهم من السعوديين في الخارج ويتداولون الجملة المشهورة «مليانة سعوديين» فعليهم البقاء في بيوتهم لأن ما يحق لهم، يحق لغيرهم أيضا.