-A +A
حمود أبو طالب
أكثر من مرة، وبعد أكثر من حادثة وموقف، يتبرع بعض المحللين السياسيين باتهام بعض دول الخليج والمملكة تحديدا بأنها ترفض من الأساس فكرة الحوار والتقارب مع إيران، وأنها بذلك لا تتبع مسارات السياسة واشتراطاتها في إدارة اللعبة الدبلوماسية في علاقات الدول مهما اعتراها من مد وجزر، ومثل هذا التنظير ينظر للأمور بعين واحدة ومن زاوية واحدة فقط، ويغمض العين الأخرى عن الأسباب الموضوعية الهامة التي تجعل الطرف الآخر مشكوكا في سلامة نواياه ومصداقيته في أنه يبحث عن حسن جوار وعلاقات طيبة متكافئة بإزالة أسباب التوتر.
مرارا وتكرارا، أعلنت المملكة منفردة أو تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي أنها ترحب بالحوار مع إيران وتتوق إلى علاقات جيدة معها إذا هي أبدت بالفعل ما يؤكد رغبتها الحقيقية في ذلك، من خلال تصرفاتها وممارساتها وطبيعة تعاملها مع دول الخليج، وليس فقط بالتصريحات. وقد صرح وزير الخارجية السعودي مجددا خلال لقاءاته بأقطاب السياسة العالمية عن هذه الرغبة الحقيقية لدى المملكة والمشروطة بكف يد إيران عن الشؤون الداخلية لدول الخليج وجواره الإقليمي. وقد تم طرح فكرة حوار خليجي إيراني محتمل في شهر سبتمبر القادم بمبادرة قطرية قالت الأخبار إن إيران رحبت بها ترحيبا حارا، لكن المملكة والإمارات والبحرين تحفظت عليها، وكالعادة تم تفسير هذا التحفظ برفض الحوار من حيث المبدأ وليس لأنه مشروط بصدق النوايا والأفعال.

الآن، وبعد كشف الخلية الإرهابية الخطيرة في الكويت المتهمة بارتباطها بحزب الله، والترسانة الضخمة من الأسلحة الفتاكة التي تم ضبطها واتضح أنه تم تهريبها من إيران، هل يمكن لعاقل أن يصدق إيران في حديثها عن حوار وحسن جوار، وهل يستطيع أي مدرك أن يتحفظ على تحفظ المملكة على الحوار مع إيران وهي مستمرة في محاولات التخريب وتقويض الأمن في دول الخليج وبهذا المستوى من الإجرام بإقحام شبكات إرهابية ضليعة في الإجرام.
لسنا معنيين إذا كانت إيران سعيدة بمحاولة أمريكا والغرب تبييض صفحتها من خلال الملف النووي، فما يعنينا هو طبيعة ممارساتها التي تزداد سوءا مع محيطها، والتي تفرض علينا وحدنا محددات علاقاتنا معها، وكم سيكون مخيبا لآمال الشعوب الخليجية عندما تعرف أن هناك حوارا مع إيران بعد أيام من محاولتها نسف دولة خليجية بأكملها.