بغض النظر عن تاريخ وتجارب نصائح صندوق الدولي لدول العالم الثالث التي طالما اكتوت بهذه النصائح غير الناصعة البياض، ولا غرو فهو يعمل لمصلحة مالكي قراره، إلا أن تقريره الأخير عن المملكة يستحق منا العناية والتدبر. بدأ بالثناء على أداء الاقتصاد السعودي، والسبب الرئيس الالتزام بتعزيز الاستقرار في سوق النفط العالمية، وبالطبع لم يجد الصندوق الوقت الكافي ليسأل ماذا قدمت لنا اقتصادات الدول المستفيدة من جهودنا لاستقرار سوق النفط العالمي.
ينصحنا مديرو الصندوق بإجراء إصلاحات شاملة في أسعار الطاقة وإحكام فاتورة الأجور في القطاع العام ورفع كفاءة استثماراته، وتوسيع نطاق الإيرادات غير النفطية بوسائل تتضمن استحداث ضرائب على القيمة المضافة وضريبة على الأراضي، وبكل هذا، وحسب الصندوق، سنواجه عجزا بـ19.5% من إجمالي الناتج المحلي المتوقع تباطؤه على المدى المتوسط بمعدل 3%، إلا أن الصندوق طمأننا بأن التضخم سيبقى منخفضا (الرياض الاقتصادي، 19 أغسطس الجاري).
استوقفني أمران؛ إصرار الصندوق على رفع أسعار الطاقة، واعتقاده بانخفاض التضخم، إذا كان الأول يعني رفع الدعم الحكومي، فهي مسألة شائكة متداخلة، ربما تكون حتمية، ولكن بعد اكتشاف أبعادها وتداخلاتها، وسبل تلافي تأثيرها المباشر على المواطن ومتوسط دخله المنخفض أصلا (إنتاجيته قصة أخرى)، وكذلك انعدام وجود وسائل مواصلات عامة فعالة في بلد مترامي الأطراف، مع وجود كم كبير من العمالة غير النظامية كمستهلك أكبر للوقود، إضافة للوقود المهرب والمنهوب، آخرا وليس أخيرا انخفاض كفاءة استخدام الوقود بمختلف أنواعه.
أما التضخم، فلعل خبراء الصندوق ربطوا ذلك بانخفاض أسعار السلع عالميا تأثرا بانخفاض أسعار النفط، وعموما تدني معدل الإنتاج العالمي الغارق في أزمة كساد قد تطول، إلا أن سوقنا غير، وكذلك تجارنا ومعهم وزارة تجارتنا وابنتها الخديج جمعية حماية المستهلك، لا أحد منهم فسر لنا أحجية انخفاض أسعار معظم أنواع السلع عالميا وارتفاعها محليا، ويبدو ألا أحد من مسؤولينا، الذين قابلوا خبراء الصندوق أثناء جمعهم المعلومات، أشار إلى هذه الأحجية، ولا أعلم هل استعان هؤلاء الخبراء بالأرقام المعلنة لمؤشرات الاقتصاد السعودي ومستويات المعيشة ومعدلات الأسعار دوريا، بل ونسب التضخم المعلنة والمتزايدة كل دورة اقتصادية.
لا شك أنها نصائح جيدة وثمينة، لكن يجب أن نكون حذرين في تلقيها، بالموازنة بين إيجابياتها الكثيرة والتقليل من سلبياتها إن وجدت، وأن نعرف مراميها ونلتفت لأبعادها، وأن نلفت نظر مديري الصندوق في زياراتهم القادمة أن الالتزام باستقرار سوق النفط يجب أن يكون له ثمن ومقابل.
ينصحنا مديرو الصندوق بإجراء إصلاحات شاملة في أسعار الطاقة وإحكام فاتورة الأجور في القطاع العام ورفع كفاءة استثماراته، وتوسيع نطاق الإيرادات غير النفطية بوسائل تتضمن استحداث ضرائب على القيمة المضافة وضريبة على الأراضي، وبكل هذا، وحسب الصندوق، سنواجه عجزا بـ19.5% من إجمالي الناتج المحلي المتوقع تباطؤه على المدى المتوسط بمعدل 3%، إلا أن الصندوق طمأننا بأن التضخم سيبقى منخفضا (الرياض الاقتصادي، 19 أغسطس الجاري).
استوقفني أمران؛ إصرار الصندوق على رفع أسعار الطاقة، واعتقاده بانخفاض التضخم، إذا كان الأول يعني رفع الدعم الحكومي، فهي مسألة شائكة متداخلة، ربما تكون حتمية، ولكن بعد اكتشاف أبعادها وتداخلاتها، وسبل تلافي تأثيرها المباشر على المواطن ومتوسط دخله المنخفض أصلا (إنتاجيته قصة أخرى)، وكذلك انعدام وجود وسائل مواصلات عامة فعالة في بلد مترامي الأطراف، مع وجود كم كبير من العمالة غير النظامية كمستهلك أكبر للوقود، إضافة للوقود المهرب والمنهوب، آخرا وليس أخيرا انخفاض كفاءة استخدام الوقود بمختلف أنواعه.
أما التضخم، فلعل خبراء الصندوق ربطوا ذلك بانخفاض أسعار السلع عالميا تأثرا بانخفاض أسعار النفط، وعموما تدني معدل الإنتاج العالمي الغارق في أزمة كساد قد تطول، إلا أن سوقنا غير، وكذلك تجارنا ومعهم وزارة تجارتنا وابنتها الخديج جمعية حماية المستهلك، لا أحد منهم فسر لنا أحجية انخفاض أسعار معظم أنواع السلع عالميا وارتفاعها محليا، ويبدو ألا أحد من مسؤولينا، الذين قابلوا خبراء الصندوق أثناء جمعهم المعلومات، أشار إلى هذه الأحجية، ولا أعلم هل استعان هؤلاء الخبراء بالأرقام المعلنة لمؤشرات الاقتصاد السعودي ومستويات المعيشة ومعدلات الأسعار دوريا، بل ونسب التضخم المعلنة والمتزايدة كل دورة اقتصادية.
لا شك أنها نصائح جيدة وثمينة، لكن يجب أن نكون حذرين في تلقيها، بالموازنة بين إيجابياتها الكثيرة والتقليل من سلبياتها إن وجدت، وأن نعرف مراميها ونلتفت لأبعادها، وأن نلفت نظر مديري الصندوق في زياراتهم القادمة أن الالتزام باستقرار سوق النفط يجب أن يكون له ثمن ومقابل.