قبل ثلاث سنوات، وتحديدا في شعبان 1433هـ، أصدرت وزارة النقل لائحة محدثة لنظام ممارسة نشاط الأجرة «الخاصة»، وجاءت فيها قرارات ملفتة جدا، فقد منعت اللائحة ــ وفقا لمادتها الخامسة والعشرين ــ تجول السائقين في الشوارع للبحث عن ركاب، والمخالفة تستوجب غرامة قدرها 5 آلاف ريال. وأوضحت الوزارة حينها أنه سيتم إقامة مراكز لممارسة النشاط تتولى استقبال الطلبات وتوجيه السيارات إلى الراغبين في الخدمة بهدف الحد من الزحام، كما ألزمت اللائحة شركات سيارات الأجرة تركيب نظام التعقب الآلي (GPS) في السيارة لتتبع وتوجيه المركبات ورصد بيانات سرعة المركبة وخط سيرها ونقاط وزمن التوقف، والذي يرتبط إلزاميا بوزارة النقل ومركز المعلومات الوطني، وتفرض اللائحة غرامة قيمتها 5 آلاف ريال في حال عدم استخدام هذا النظام الآلي، بالإضافة إلى العديد من الضوابط الأخرى؛ مثل فرض زي موحد للسائقين، وتوفير هواتف في مراكز ممارسة النشاط لاستقبال الطلب على الخدمة، وتتمتع بخاصية تسجيل المكالمات ليتم الرجوع إليها عند الحاجة ولفترة لا تقل عن 6 أشهر.
وفي أواخر العام الماضي، أصدرت وزارة النقل أيضا لائحة جديدة لتنظيم ممارسة نشاط الأجرة «العامة»، وهذه اللائحة تشمل تنظيم عمل الأفراد السعوديين في هذا النشاط، واللائحتان متقاربتان نوعيا في مجملهما، ولكن الفرق الأبرز بينهما هو أن اللائحة الأولى يكون احتساب الأجرة وفق ما يتفق عليه بين المنشأة والراكب، بينما اللائحة الأخيرة تفرض تركيب «عداد» لاحتساب الأجرة، يتطابق مع شروط ومواصفات وزارة النقل.
وعندما قرأت هذه اللوائح، كنت أتصور للوهلة الأولى أننا مقبلون على نقلة نوعية غير مسبوقة، لدرجة أنني تخيلت أننا سنشاهد نموذجا شبيها لـ «تاكسي دبي» ــ إن جاز التعبير، بل وبلغ بي حد التصور بأن هذا القطاع قد يوفر خدمات متقاربة مع «تاكسي لندن»، خصوصا بعد الأخبار التي تداولتها الصحف ووسائل الإعلام المختلفة في شهر يوليو 2013 عن إعلان شركة تاكسي لندن البريطانية، والمعروفة بطرازات سياراتها الفريدة من نوعها في العالم، أنها ستصنع ما لا يقل عن 400 سيارة لمصلحة إحدى شركات النقل السعودية في العاصمة الرياض، بالإضافة إلى إعلان إحدى شركات سيارات الأجرة في المملكة في شهر مارس الماضي عن تعاونها مع شركة مايكروسوفت العالمية لوضع أجهزة «إكس بوكس» لألعاب الفيديو داخل سيارات الأجرة لإتاحة الفرصة للعملاء للاستمتاع بمشاويرهم.
ولكن.. اعتذر عن المبالغة العفوية في تخيلي لمسألة استقدام «تاكسي لندن» وتوفير خدمة مشابهة له، فمجرد التفكير في هذا الأمر هو ضرب من الخيال، ولمن لا يعلم، فإن الحصول على رخصة قيادة (تاكسي لندن) يعتبر الأصعب في العالم، حيث يتطلب تدريب مدته 3 سنوات، وفي المعدل العام يدخل السائق الاختبار النهائي 12 مرة حتى يتمكن من اجتيازه، فهذا الاختبار يتطلب من السائق وصفا بالتفاصيل للطرق التي تؤدي إلى 2.500 شارع في العاصمة البريطانية المعقدة و20 ألفا من المعالم والأماكن الأساسية بما فيها الفنادق والمطاعم داخل مساحة دائرية نصف قطرها 6 أميال في وسط لندن، أما سيارات «تاكسي لندن» التي قدمت خدماتها في مواقع محدودة بالعاصمة الرياض منذ العام الماضي، فقد توقفت 100 سيارة منها عن الخدمة؛ بسبب أعطال فنية، وأنباء عن قرب توقف هذا المشروع نهائيا.
ولا شك أن لوائح تنظيم قطاع سيارات الأجرة في المملكة يقابلها واقع نشاهده عمليا أمامنا، فالغالبية سمعت جعجعة ولم تر طحينا، والواضح أمامنا أن هذه اللوائح في وادي وتطبيقها في وادٍ آخر، وفرض وجود هذه المعايير ليس سوى حبر على ورق، والأسباب تعود إلى الخلافات التي نشأت بين وزارة النقل واللجنة الوطنية للنقل البري في مجلس الغرف السعودية، فالأخيرة ترى بأن تطبيق اللائحة التنظيمية لمركبات الأجرة «العامة» و«الخاصة» يتطلب جاهزية البنية التحتية لشبكة الإنترنت لتطبيق نظام تتبع المركبات، وترقيم المباني وتسمية الشوارع، إضافة إلى عدم وجود خريطة «جي بي إس» لكل مدن المملكة، وأن خدمة الشبكة يوجد فيها انقطاعات داخل المدن، وحول تطبيق العدادات، أشارت لجنة الأجرة في غرفة جدة إلى أن الركاب يرفضون تشغيل العداد؛ لأنه يحتسب مبالغ كبيرة، وخاصة في المدن الكبيرة، فيما ردت وزارة النقل على منتقدي اللوائح الجديدة للأجرة بلجنة النقل بالغرف التجارية بأن هذه الأنظمة قد عارضت مصالح وأعمال بعض المستثمرين العاملين في اللجنة دون التفكير برؤية مستقبلية للصالح العام، وأن المعارضة انحصرت على المصلحة الشخصية فقط دون غيرها.
ولذلك.. في خضم كل هذه التجاذبات، فما يمكن تأمله على أقل تقدير، هو أن تحظى مركبات الأجرة بمعايير أساسية للسلامة؛ مثل ضمان صلاحية أحزمة الأمان، وأن تلصق على مؤخرة هذه المركبات عبارة «احذر .. توقف مفاجئ» على غرار عبارة «احذر.. توقف متكرر» التي اشتهرت بها حافلات خط البلدة!.
وفي أواخر العام الماضي، أصدرت وزارة النقل أيضا لائحة جديدة لتنظيم ممارسة نشاط الأجرة «العامة»، وهذه اللائحة تشمل تنظيم عمل الأفراد السعوديين في هذا النشاط، واللائحتان متقاربتان نوعيا في مجملهما، ولكن الفرق الأبرز بينهما هو أن اللائحة الأولى يكون احتساب الأجرة وفق ما يتفق عليه بين المنشأة والراكب، بينما اللائحة الأخيرة تفرض تركيب «عداد» لاحتساب الأجرة، يتطابق مع شروط ومواصفات وزارة النقل.
وعندما قرأت هذه اللوائح، كنت أتصور للوهلة الأولى أننا مقبلون على نقلة نوعية غير مسبوقة، لدرجة أنني تخيلت أننا سنشاهد نموذجا شبيها لـ «تاكسي دبي» ــ إن جاز التعبير، بل وبلغ بي حد التصور بأن هذا القطاع قد يوفر خدمات متقاربة مع «تاكسي لندن»، خصوصا بعد الأخبار التي تداولتها الصحف ووسائل الإعلام المختلفة في شهر يوليو 2013 عن إعلان شركة تاكسي لندن البريطانية، والمعروفة بطرازات سياراتها الفريدة من نوعها في العالم، أنها ستصنع ما لا يقل عن 400 سيارة لمصلحة إحدى شركات النقل السعودية في العاصمة الرياض، بالإضافة إلى إعلان إحدى شركات سيارات الأجرة في المملكة في شهر مارس الماضي عن تعاونها مع شركة مايكروسوفت العالمية لوضع أجهزة «إكس بوكس» لألعاب الفيديو داخل سيارات الأجرة لإتاحة الفرصة للعملاء للاستمتاع بمشاويرهم.
ولكن.. اعتذر عن المبالغة العفوية في تخيلي لمسألة استقدام «تاكسي لندن» وتوفير خدمة مشابهة له، فمجرد التفكير في هذا الأمر هو ضرب من الخيال، ولمن لا يعلم، فإن الحصول على رخصة قيادة (تاكسي لندن) يعتبر الأصعب في العالم، حيث يتطلب تدريب مدته 3 سنوات، وفي المعدل العام يدخل السائق الاختبار النهائي 12 مرة حتى يتمكن من اجتيازه، فهذا الاختبار يتطلب من السائق وصفا بالتفاصيل للطرق التي تؤدي إلى 2.500 شارع في العاصمة البريطانية المعقدة و20 ألفا من المعالم والأماكن الأساسية بما فيها الفنادق والمطاعم داخل مساحة دائرية نصف قطرها 6 أميال في وسط لندن، أما سيارات «تاكسي لندن» التي قدمت خدماتها في مواقع محدودة بالعاصمة الرياض منذ العام الماضي، فقد توقفت 100 سيارة منها عن الخدمة؛ بسبب أعطال فنية، وأنباء عن قرب توقف هذا المشروع نهائيا.
ولا شك أن لوائح تنظيم قطاع سيارات الأجرة في المملكة يقابلها واقع نشاهده عمليا أمامنا، فالغالبية سمعت جعجعة ولم تر طحينا، والواضح أمامنا أن هذه اللوائح في وادي وتطبيقها في وادٍ آخر، وفرض وجود هذه المعايير ليس سوى حبر على ورق، والأسباب تعود إلى الخلافات التي نشأت بين وزارة النقل واللجنة الوطنية للنقل البري في مجلس الغرف السعودية، فالأخيرة ترى بأن تطبيق اللائحة التنظيمية لمركبات الأجرة «العامة» و«الخاصة» يتطلب جاهزية البنية التحتية لشبكة الإنترنت لتطبيق نظام تتبع المركبات، وترقيم المباني وتسمية الشوارع، إضافة إلى عدم وجود خريطة «جي بي إس» لكل مدن المملكة، وأن خدمة الشبكة يوجد فيها انقطاعات داخل المدن، وحول تطبيق العدادات، أشارت لجنة الأجرة في غرفة جدة إلى أن الركاب يرفضون تشغيل العداد؛ لأنه يحتسب مبالغ كبيرة، وخاصة في المدن الكبيرة، فيما ردت وزارة النقل على منتقدي اللوائح الجديدة للأجرة بلجنة النقل بالغرف التجارية بأن هذه الأنظمة قد عارضت مصالح وأعمال بعض المستثمرين العاملين في اللجنة دون التفكير برؤية مستقبلية للصالح العام، وأن المعارضة انحصرت على المصلحة الشخصية فقط دون غيرها.
ولذلك.. في خضم كل هذه التجاذبات، فما يمكن تأمله على أقل تقدير، هو أن تحظى مركبات الأجرة بمعايير أساسية للسلامة؛ مثل ضمان صلاحية أحزمة الأمان، وأن تلصق على مؤخرة هذه المركبات عبارة «احذر .. توقف مفاجئ» على غرار عبارة «احذر.. توقف متكرر» التي اشتهرت بها حافلات خط البلدة!.