-A +A
محمد المختار الفال
حققت إيران مكاسب من اتفاقها مع مجموعة 5+1 حول ملفها النووي، وهو التفاهم الذي أدخل المنطقة مرحلة جديدة يدور النقاش، الآن، حول ملامح مستقبلها وتشكل تكتلاتها ومن الرابح أو الخاسر فيها. ومن أبرز المكاسب الإيرانية ثلاث قضايا رئيسية، تحت كل واحدة منها عشرات الملفات:
•• تقليل احتمال التدخل العسكري الأمريكي، الذي ظل مصدر قلقها منذ 1979.
•• رفع العقوبات المفروضة، وهي عقوبات طالت القطاعات العسكرية والاقتصادية والمالية، واشتد تأثيرها بعد فرضها تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فشملت: شركات الطاقة والطيران وتجميد أكثر من 100 مليار دولار.
ومن الطبيعي أن يؤدي رفع العقوبات إلى زيادة مداخيل إيران، ويشجع الاستثمار الأجنبي، ويفتح أمامها الأبواب للحصول على التكنولوجيا الحديثة في مجال إنتاج الطاقة.
• إذا التزمت إيران ببنود الاتفاق، فسيخفف عزلتها ويفتح الباب أمامها لتحسين علاقاتها مع المجتمع الدولي بعد أن كانت دولة منبوذة (سارعت الوفود والشركات الغربية إلى طهران بعد توقيع الاتفاق، كل يريد «القطفة الأولى» من ثمرة هذا الاتفاق)..
هذه الفوائد وما يتفرع عنها من مكاسب ستترك آثارها في الداخل والخارج، والذي يهمنا في هذه المنطقة هو تأثيرها على استقرار مجتمعاتنا وحفظ أمننا وصون ثروات أوطاننا ــ وقبل كل ذلك ــ استقلال إرادتنا وعدم التدخل في شؤوننا.. ولهذا تصبح الأسئلة الأبرز هي: ما تأثير الاتفاق على السياسة الإيرانية الخارجية، وبالأخص تجاه جيرانها! وهل تجربة العقود الماضية أوجدت قناعة بضرورة التحول من «الثورة» الجامحة التي تريد تصدير الأفكار والهيمنة على الجار وزرع الوكلاء والاتباع والإنفاق عليهم ليظلوا أدوات طيعة يستخدمون بالقدر المطلوب وفي الوقت المناسب، أم أن إيران ستتحول إلى دولة يحرك سياستها منطق المصالح ومنهج التوازن وحساب المكاسب والخسائر، وأن الأصدقاء هم من يحققون المصلحة المساعدة على الأمن والاستقرار؟.
يرى البعض إن الرئيس روحاني قدم نفسه «مسوقا» لسياسة خارجية تقبل «الموازنات»، وأن التسويق الجيد ورغبة الدول الكبرى واستعدادها للتقارب أدى إلى توقيع الاتفاق النووي، لكننا نقول إنها لم تلتزم بهذه السياسة مع الجميع، فلا تزال سياستها الإقليمية لم تتغير، وخطابها الموجه إلى جيرانها العرب كما هو، وهو خطاب يحمل رياح الشك، بل يدفع إلى اليقين بأن تقاربها مع الغرب سيفتح شهيتها لمزيد من الإنفاق على مشاريعها في المنطقة العربية.
بصراحة، السياسة الإيرانية تجاه جيرانها الخليجيين والمنطقة العربية كلها لا تدعو إلى الاطمئنان ولا تساعد على الثقة بها، ومن هنا تصبح البيانات والتصريحات المعلنة ضعيفة التأثير، ولن تحدث أي تغيير، بل ستجعل الدول الخليجية أكثر إصرارا على المضي في تعزيز قوتها بالعمل الجاد القادر على إيقاف الطموحات غير المشروعة. وقد أثبتت عاصفة الحزم وما يجري على الأرض اليمنية أن هذه المجموعة قادرة على حماية أوطانها وأمنها، وأنها تستطيع إيقاف التدخل الإيراني الذي يروج لسياسة طائفية انتقائية.
وبكل وضوح، إيران ترى أن وجودها في بعض الدول العربية: العراق ــ سورية ــ لبنان ــ اليمن، تفرضه متطلبات الأمن القومي، أي أن إيران تعتبر الهيمنة على أجزاء من الوطن العربي يدخل في «ضروراتها»، وهذا يجعل التفاهم معها غير ممكن إذا لم تصحح رؤيتها وسياستها.


للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 151 مسافة
ثم الرسالة