-A +A
حمدي الحسيني (القاهرة)
كشف عضوالكنيست الإسرائيلي الدكتور عزمي بشارة عن الأسباب الحقيقية لمطاردته أمنيا ، من جانب جهاز الأمن الإسرائيلي “الشاباك “ بعد أن تحول إلى العدو رقم واحد لإسرائيل خلال الأيام الأخيرة ،معتبرا أن دعوته للمساواة في المواطنة بين عرب 48 وباقي الإسرائيليين ثورة هزت إسرائيل، وكشفت زيف مزاعمها بأنها واحة الديمقراطية في المنطقة. ووصف فى حوار لـ”عكاظ” الحملة الأخيرة ضده بأنها الأعنف منذ خوضه انتخابات الكنيست قبل عشر سنوات ،محذرا العرب من تقديم المزيد من التنازلات في الوقت الحالي لأن إسرائيل تعاني تفككا داخليا ولا يمتلك قادتها أي رؤية واضحة تجاه المستقبل أو السلام و تحدث بشارة عن التهم الموجهة إليه وخططه نحو المستقبل والتساؤلات المثارة في ما يتعلق باختياره المنفى أو العودة ومستقبل أسرته ووطنه .


ما هي الرسالة التي اردت أن تنقلها للمسؤولين المصريين فى هذه الزيارة ؟
- مازلت على قناعة بأن مصر تلعب دورا أساسيا في كل ما يجري من أحداث وبالتالي كان ضروريا أن أنقل لهم صورة كاملة عن ملف الأزمة مع السلطات الإسرائيلية وأردت أيضا أن انقل لهم الوقائع من جانبي بدلا من الحصول عليها مشوهة من الطرف الآخر ،ولذلك قابلت وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط وشرحت له في اللقاء رؤيتي ورؤية التجمع الوطني بشأن الحملة الإسرائيلية التي تستهدفني حاليا .
هل كانت لك مطالب محددة من الجانب المصري؟
- لم يكن لي مطالب محددة بل أردت فقط أن أحيط الدوائر المصرية الرسمية بحقيقة الموقف ،لكن على الصعيد الشعبي كانت فرصة لي أن ألتقي بعدد من الشخصيات الفكرية والصحفية المصرية التي أتصور أنها يمكن أن تلعب دورا مؤثرا في القضية التي أواجهها حاليا وقابلت عددا من كبار الصحفيين والمفكرين والمثقفين المهتمين بالشأن الفلسطيني .
ما هي التهم الأساسية التي يحاصرك بها الأمن الإسرائيلي ؟
- وجهوا إليّ العديد من التهم أبرزها التعاون وتسريب معلومات للعدو وقت الحرب “حزب الله “ والاتصال بقوى معادية لإسرائيل “لبنان وسوريا “بجانب خرق قانون تمويل الإرهاب ،وإدخال أموال بطرق غير قانونية ،وهذه كلها تهم أمنية أعدها جهاز المخابرات والأمن الداخلي “شاباك” حيث أبلغني بعض الإسرائيليين قبل أيام من الحملة بأن هناك خطة للإيقاع بي وبالفعل مرت أيام معدودة وبدات الحملة بالصحف وأجهزة الأمن .
- تعرضت لحملات كثيرة في السابق ما هو الفارق هذه المرة ؟
- في السابق كانوا يوجهون إلي تهما على غرار دعم المقاومة والتشجيع على أعمال العنف ،بسبب مواقفي وكنت أرد على هذه التهم بالاعتراف بها امام القضاة باعتبارها ليست جرائم من منظوري كعربي قومي أدافع من خلالها عن حق أبناء شعبي في الدفاع عن انفسهم ومقاومة من يحتل أرضه بكافة الوسائل وفقا للمواثيق الدولية ،وانطلاقا من قواعد الديمقراطية ،وفي كل مرة كنت أحصل على البراءة وأعود إلى ممارسة دوري النضالي والفكري ،لكن هذه المرة الأمر أصبح مختلفا لأن التهم التي جمعوها بعناية تجعلني مدانا سواء اعترفت بها او أنكرتها ومن هنا تأتي خطورة الموقف .
ما هي أدلة الاتهام بحقك ؟
- كل ما جمعوه عبارة عن تسجيلات تليفونية ،ومقالات صحفيه ولقاءات تلفزيونية مع محطات عربية ،اعتبروا أن هذه الأنشطة كانت وسيلة لتسريب المعلومات إلى الأعداء عن طريق شفرات معينة أرسل بها عبر مقالاتي ولقاءاتي الصحفية.
الغريب أن قسما من المجتمع الإسرائيلي يصدق مثل هذه الادعاءات الخيالية التي تهدف إلى وضع حد لمشروعي القومي الخاص بضرورة المساواة بين مواطني إسرائيل وهو الأمر الذي يزعج السلطات الإسرائيلية وتعتبره ضد يهودية الدولة وخطر على مستقبلها فحولني الإعلام الإسرائيلي إلى الخطر رقم واحد لإسرائيل بعد حزب الله اللبناني .
ماذا تنوي أن تفعل إزاء هذه الملاحقات ؟
- خطورة الموقف الجديد أنهم يحاولون إجباري على التنصل من المقاومة والنظر إلى سوريا ولبنان نظرة الأعداء وهذا جوهر الأزمة ،كما يحاولون الدفع بي في لعبة خطيرة تتعلق بمضمون رؤيتنا للصراع ومستقبل عرب الخط الأخضر لذلك قررت السفر إلى الخارج ورفعت لافتة رفض محاكمتي محاكمة مجرمين “وأدرس حاليا الموقف القانوني مع واحد من أبرز القانونيين العرب في إسرائيل للوصول إلى مخرج قانوني وإلى أن نصل إلى هذا المخرج سأظل في الخارج لبلورة موقف نهائي ليس خوفا من الاعتقال أو المحاكمة بل هذا أمر لا يزعجني أبدا بقدر ما يقلقني نواياهم تجاه مستقبل عرب 48 بشكل عام .
هل تتوقع اعتقالك بمجرد عودتك إلى إسرائيل؟
- لو كنت هناك الآن كنت سأكون خلف جدران المعتقل ،لأنهم أعدوا الملفات وخططوا لكل شيء لكن وجودي في الخارج حاليا سوف يساعدني على دراسة الحلول مستفيدا من الخبرات القانونية في الداخل والخارج خصوصا أن القانون الإسرائيلي لا يعترف بالمحاكمات الغيابية لكن هذا لن يقلل من الخطر لأنها المرة الأولى منذ قيام إسرائيل يصدر رئيس جهاز الأمن الداخلي بيانا يوزعه على وسائل الإعلام يتضمن التحريض ضدي بطريقة لم يسبق لها مثيل كما أن الصحف الإسرائيلية تعمدت نشر عنوان منزلي وصوره وهذا يشكل خطرا كبيرا على حياتي من جانب المتطرفين اليهود في ظل تصاعد حملة التحريض التي تصورني على أني الخطر الأكبر على إسرائيل .
ما هو مستقبل عرب 48 في ضوء ما يحدث لك حاليا؟
- السلطات الإسرائيلية قسمت عرب الداخل إلى قسمين الأول يقيم علاقات مع أطراف عربية وفقا لأجندة إسرائيلية وهذا النوع يندرج ضمن أنشطة التطبيع وغيرها وهو نوع مفضل ويلقى الدعم والاستحسان ،أما النوع الثاني هي علاقات عربية تقوم على أجندة قومية بهدف التواصل والتعاون وتبادل الخبرات والأفكار والمعارف وهو النوع الذي أحرص عليه في كل اتصالاتي مع الأشقاء العرب وهذا النوع مزعج وتقاومه إسرائيل بل تعتبره خطرا يهدد امنها وعلى هذا الأساس تنطلق حملتها الحالية ضدي .
- ماذا تريد إسرائيل من عرب الداخل بالتحديد ولماذا الحملة في هذا التوقيت بالذات ؟
- لا استبعد أن تكون إسرائيل تدبر لحرب جديدة وقريبة في المنطقة ربما تنطلق شرارتها من لبنان وهذه الحرب تدرك إسرائيل أنها ربما تتحول إلى حرب إقليمية واسعة وبالتالي قررت أن تحسم الموقف الداخلي بالنسبة لعرب 48 بأن تنتزع منهم اعترافا بأن عدو إسرائيل هو عدوهم حتى لو كان “لبناني فلسطيني مصري إيراني أو سوري “المهم أن تحصل على هذا الاعتراف وتحوله إلى حقائق لا تحتمل التأويل أو المناقشة وأنا وباقي التجمع الوطني نرفض هذا التقسيم الغريب ونقاومه .
وهل باقي القوى العربية ستقبل التعاطي مع هذا التوجه الإسرائيلي ؟
- هم بدأوا بي لأني الأصعب كما لم يسعوا إلى تدمير الحزب الذي أقوده داخل الكنيست واكتفوا بأن يلقنوا كافة القوى العربية درسا قاسيا من خلالي ومن هنا يبدأ التحدي الحقيقي فهم يمارسون من خلال اتهامي نوعا من الإرهاب والتخويف لباقي القوى والرموز العربية في الداخل وأتمنى أن يفشلوا في مخططهم الشيطاني وان تظل القوى العربية متمسكة بهويتها العربية والقومية مهما كانت الرياح الإسرائيلية حيث يسعون إلى تقسيمنا إلى معتدلين ومتطرفين .
أخيرا ماذا عن اسرتك وهل هناك خطر على وجودهم داخل إسرائيل؟
- بالطبع الخطر قائم طالما استمرت حملة التحريض ضدي وبالطبع أخشى على ابنتي وزوجتي من المتطرفين ومن حقهما ان يغادرا إسرائيل في أي وقت وسوف يحدث ذلك في حال تصاعد الخطر على حياتهما.
وأنا حتما سأعود لأنني أرفض الابتعاد عن وطني وبلدي مهما كانت الظروف حتى لو بقيت في الاعتقال فقد خرجت بملابسي ولا أنوي البقاء مبتعداً طويلا.