تاريخنا أو تراثنا الإسلامي مليء بالمفارقات المضحكة المبكية، ويا ويلك وسواد ليلك لو أنك كشفت المستور وعريته، عندها لن يطهرك حتى ولا كل مياه بئر زمزم.
وعندما كتبت قبل أسبوعين تقريبا عن (حمام الحرم)، على أساس أنه طير وديع من طيور الله لا يختلف عن الحمام في ميدان (الطرف الأغر) في لندن مثلا، أو عن الحمام في ساحة (الفاتيكان) في روما، فكلها تأكل الحبوب وكلها تخرج فضلاتها، وكلها تتناسل وكلها تموت.
ما إن كتبت ذلك حتى تصدى لي الغيورون على (بيضة) الإسلام، وكأن حمام الحرم ما هو إلا فصيل من فصائل الملائكة.
ولكي تعرفوا مقدار السذاجة التي يتحلى بها البعض، فقد سمعت أن ساحات الحرم المكي الشريف، عندما كانت مفروشة (بالحصاء) -أي الحجارة الصغيرة- التي يأتون بها من مراجم الشياطين في (منى) وقت الحج، كانت لها قدسية عند البعض، إلى درجة أنه في الزمن الغابر، سأل رجل (عمر بن قيس) عن الحصاة من حصى المسجد الحرام يجدها الإنسان في ثوبه أو خفه أو عالقة بجبته، فقال له: ارم بها، فقال الرجل: زعموا أنها تصيح حتى ترد إلى مكانها في المسجد، فقال له عمر: دعها تصيح حتى ينشق حلقها، فقال الرجل: سبحان الله، أولها حلق أيضا يا سيدي!! فقال له عمر: فمن أين تصيح إذن؟!
بل إنه قيل أيضا إن بعض الحجاج الذين يأتون من أقاصي الأرض، يأتي كل واحد منهم (بكفنه)، ويفرشه على الحصباء وينثر عليه الحبوب، فيقع عليه الحمام ويأكله وغالبا ما يترك عليه فضلاته قبل أن يطير، وكلما كانت الفضلات كثيرة كلما كانت البركة أكثر، لهذا لا يغسله الحاج المعتقد أبدا، بل يطويه على ما فيه ويعود به إلى بلده مثلما كان، وبعد أن يموت يكفنه به أهله، وكأن تلك الفضلات أعزكم الله تخفف عليه وطأة عذاب القبر.
إنني لا أهجو بذلك حمام الحرم بقدر ما أستمتع بمشاهدته، فليس بيني وبينه أي ثأر، ولا خطر ببالي يوما أن آكله وهو مطبوخ (بالفريك) لا سمح الله، إنه مخلوق مسكين خفيف يحلق ويمرح في فضاء الله الواسع.
وما دمنا ولا زلنا نجدف في كتب التراث، ولكي أخرجكم وأخرج نفسي التي أشبعتها كلاما، دعونا نعمل (EXT)، ونخرج قليلا كنوع من الترويح الذي لا يضر ولا ينفع.
ومما قاله سيد الساخرين (الجاحظ):
رأيت جارية حسناء بسوق النخاسين ببغداد ينادى عليها وكان على خدها خال أسود فاقتربت منها وأخذت أتفحصها فقلت لها: ما اسمك؟ قالت: مكة، فقلت: الله أكبر قرة الحج أتأذنين لي أن أقبل الحجر الأسود؟ فقالت له: إليك عني ألم تسمع قول الله تعالى: (لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس).
يا لهوي كم هي رائعة تلك الجارية، وأرجو ألا تستخفوا بعقلي إذا قلت: كم أنا حسدت عمنا الجاحظ على رؤيتها، ويا ليتني كنت مكانه.
مافيش فايدة، فالحسد متغلغل في كيان الإنسان، حتى لو بعد ألف سنة.
Meshal.m.sud.1@gmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 738303 زين تبدأ بالرمز 455 مسافة ثم الرسالة
وعندما كتبت قبل أسبوعين تقريبا عن (حمام الحرم)، على أساس أنه طير وديع من طيور الله لا يختلف عن الحمام في ميدان (الطرف الأغر) في لندن مثلا، أو عن الحمام في ساحة (الفاتيكان) في روما، فكلها تأكل الحبوب وكلها تخرج فضلاتها، وكلها تتناسل وكلها تموت.
ما إن كتبت ذلك حتى تصدى لي الغيورون على (بيضة) الإسلام، وكأن حمام الحرم ما هو إلا فصيل من فصائل الملائكة.
ولكي تعرفوا مقدار السذاجة التي يتحلى بها البعض، فقد سمعت أن ساحات الحرم المكي الشريف، عندما كانت مفروشة (بالحصاء) -أي الحجارة الصغيرة- التي يأتون بها من مراجم الشياطين في (منى) وقت الحج، كانت لها قدسية عند البعض، إلى درجة أنه في الزمن الغابر، سأل رجل (عمر بن قيس) عن الحصاة من حصى المسجد الحرام يجدها الإنسان في ثوبه أو خفه أو عالقة بجبته، فقال له: ارم بها، فقال الرجل: زعموا أنها تصيح حتى ترد إلى مكانها في المسجد، فقال له عمر: دعها تصيح حتى ينشق حلقها، فقال الرجل: سبحان الله، أولها حلق أيضا يا سيدي!! فقال له عمر: فمن أين تصيح إذن؟!
بل إنه قيل أيضا إن بعض الحجاج الذين يأتون من أقاصي الأرض، يأتي كل واحد منهم (بكفنه)، ويفرشه على الحصباء وينثر عليه الحبوب، فيقع عليه الحمام ويأكله وغالبا ما يترك عليه فضلاته قبل أن يطير، وكلما كانت الفضلات كثيرة كلما كانت البركة أكثر، لهذا لا يغسله الحاج المعتقد أبدا، بل يطويه على ما فيه ويعود به إلى بلده مثلما كان، وبعد أن يموت يكفنه به أهله، وكأن تلك الفضلات أعزكم الله تخفف عليه وطأة عذاب القبر.
إنني لا أهجو بذلك حمام الحرم بقدر ما أستمتع بمشاهدته، فليس بيني وبينه أي ثأر، ولا خطر ببالي يوما أن آكله وهو مطبوخ (بالفريك) لا سمح الله، إنه مخلوق مسكين خفيف يحلق ويمرح في فضاء الله الواسع.
وما دمنا ولا زلنا نجدف في كتب التراث، ولكي أخرجكم وأخرج نفسي التي أشبعتها كلاما، دعونا نعمل (EXT)، ونخرج قليلا كنوع من الترويح الذي لا يضر ولا ينفع.
ومما قاله سيد الساخرين (الجاحظ):
رأيت جارية حسناء بسوق النخاسين ببغداد ينادى عليها وكان على خدها خال أسود فاقتربت منها وأخذت أتفحصها فقلت لها: ما اسمك؟ قالت: مكة، فقلت: الله أكبر قرة الحج أتأذنين لي أن أقبل الحجر الأسود؟ فقالت له: إليك عني ألم تسمع قول الله تعالى: (لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس).
يا لهوي كم هي رائعة تلك الجارية، وأرجو ألا تستخفوا بعقلي إذا قلت: كم أنا حسدت عمنا الجاحظ على رؤيتها، ويا ليتني كنت مكانه.
مافيش فايدة، فالحسد متغلغل في كيان الإنسان، حتى لو بعد ألف سنة.
Meshal.m.sud.1@gmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 738303 زين تبدأ بالرمز 455 مسافة ثم الرسالة