هل أنتم تتطيرون ؟! – أي تتشاءمون –
البعض من الناس هم هكذا، إما من قط أسود، أو رجل أعور، والتصديق على كلامي هذا، أنه أيام طفولتي في الطائف، عرفت رجلا كان (كريم العين) – أي أعور -
وعرفت منه فيما بعد أن أصحاب الدكاكين كانوا يرفضون رفضا قاطعا أن يبيعوه أية سلعة، وإذا افتتحوا يومهم وتصبحوا بوجهه، فلديهم مع الأسف اعتقاد راسخ أنهم لو فعلوا ذلك لغدا يومهم كله نحسا.
تذكرت ذلك الرجل ومعاناته التي لا حول له فيها ولا طول، وظلت ملازمة له طوال معايشتي له، وانقطعت عني أخباره، ولا أدري اليوم هل هو لازال حيا يرزق، أم أنه اتكل على الله، وهو بالمناسبة في منتهى الذكاء، ولديه موهبة خارقة في تقليده لبعض المطربين والمطربات – خصوصا عندما يلبس النظارة الشمسية ويرتدي (الباروكة) ويقلد المغنية الكويتية (عائشة المرطا).
عموما التشاؤم والتفاؤل ودلالاتهما ورموزهما موجودة عند مختلف الشعوب.
وكنت أظن إلى وقت قريب أنني من أحسن الناس طوية - أي نية -، إلى أن حصل معي قبل مدة هذا الموقف الذي جعلني أتشكك بنفسي وأعيد حساباتي.
فكنت كل أسبوع أو أسبوعين أذهب إلى منزل رجل مجتمع كريم لأتناول العشاء على مائدته العامرة المشتهرة بكل ما لذ وطاب.
وفي إحدى الليالي دلفت إلى مجلسه الممتلئ بأصحابه وكانت الساعة العاشرة والنصف تقريبا، والجميع يتابعون مباراة في كرة القدم، وقبل أن أجلس على مقعدي، وإذا بهدف يدخل في مرمى الفريق الذي يشجعه ويتحمس له صاحب الدار، وإذا به يلتفت لي دون أي ود قائلا: الحقيقة أنك أشأم من (طويس)، وأردت أن أخفف دمي فقلت له مازحا: لا والهدف الثاني في الطريق، وما هي إلاّ أقل من ثلاث دقائق وإذا بتوقعي يتحقق، عندها أرغى وأزبد قائلا: انت ايش جابك، الله لا يحييك ولا يبارك فيك، وأتبعها بكلمات جارحة أحرجتني أمام الحضور، فأردت أن أعبر له عن استيائي فاستأذنت بالخروج معتقدا أنه سوف يعتذر ويلح علي بالبقاء، وإذا بأذنه كأن بها طين أو عجين، ولم يلتفت لي أو يسمعني، ولسان حاله كأنه يقول لي: (طس) الله لا يرجعك.
خرجت أجر أذيال الخيبة واسم (طويس) لازال يرن في أذني.
والآن وقبل أن أكتب هذه المقالة، عرفت من المراجع أن ذلك الرجل الذي تضرب فيه الأمثال بالشؤم، هو من أهل المدينة، ومولى لبني مخزوم، واسمه (عيسى بن عبدالله) وهو أول من أظهر المجون بالمدينة، وكان مغنيا يضرب بالدف ويحسن الرقص، فسئل عن مولده فقال: ولدت يوم مات رسول الله، وفطمت يوم مات أبوبكر الصديق، وختنت يوم قتل عمر، وتزوجت يوم قتل عثمان، وولد لي ولد يوم قتل علي بن أبي طالب، فيقولون في أمثالهم السائرة: أشأم من طويس – انتهى
صحيح أنني مشؤوم بين الحين والآخر، ولكن ليس إلى هذه الدرجة.
البعض من الناس هم هكذا، إما من قط أسود، أو رجل أعور، والتصديق على كلامي هذا، أنه أيام طفولتي في الطائف، عرفت رجلا كان (كريم العين) – أي أعور -
وعرفت منه فيما بعد أن أصحاب الدكاكين كانوا يرفضون رفضا قاطعا أن يبيعوه أية سلعة، وإذا افتتحوا يومهم وتصبحوا بوجهه، فلديهم مع الأسف اعتقاد راسخ أنهم لو فعلوا ذلك لغدا يومهم كله نحسا.
تذكرت ذلك الرجل ومعاناته التي لا حول له فيها ولا طول، وظلت ملازمة له طوال معايشتي له، وانقطعت عني أخباره، ولا أدري اليوم هل هو لازال حيا يرزق، أم أنه اتكل على الله، وهو بالمناسبة في منتهى الذكاء، ولديه موهبة خارقة في تقليده لبعض المطربين والمطربات – خصوصا عندما يلبس النظارة الشمسية ويرتدي (الباروكة) ويقلد المغنية الكويتية (عائشة المرطا).
عموما التشاؤم والتفاؤل ودلالاتهما ورموزهما موجودة عند مختلف الشعوب.
وكنت أظن إلى وقت قريب أنني من أحسن الناس طوية - أي نية -، إلى أن حصل معي قبل مدة هذا الموقف الذي جعلني أتشكك بنفسي وأعيد حساباتي.
فكنت كل أسبوع أو أسبوعين أذهب إلى منزل رجل مجتمع كريم لأتناول العشاء على مائدته العامرة المشتهرة بكل ما لذ وطاب.
وفي إحدى الليالي دلفت إلى مجلسه الممتلئ بأصحابه وكانت الساعة العاشرة والنصف تقريبا، والجميع يتابعون مباراة في كرة القدم، وقبل أن أجلس على مقعدي، وإذا بهدف يدخل في مرمى الفريق الذي يشجعه ويتحمس له صاحب الدار، وإذا به يلتفت لي دون أي ود قائلا: الحقيقة أنك أشأم من (طويس)، وأردت أن أخفف دمي فقلت له مازحا: لا والهدف الثاني في الطريق، وما هي إلاّ أقل من ثلاث دقائق وإذا بتوقعي يتحقق، عندها أرغى وأزبد قائلا: انت ايش جابك، الله لا يحييك ولا يبارك فيك، وأتبعها بكلمات جارحة أحرجتني أمام الحضور، فأردت أن أعبر له عن استيائي فاستأذنت بالخروج معتقدا أنه سوف يعتذر ويلح علي بالبقاء، وإذا بأذنه كأن بها طين أو عجين، ولم يلتفت لي أو يسمعني، ولسان حاله كأنه يقول لي: (طس) الله لا يرجعك.
خرجت أجر أذيال الخيبة واسم (طويس) لازال يرن في أذني.
والآن وقبل أن أكتب هذه المقالة، عرفت من المراجع أن ذلك الرجل الذي تضرب فيه الأمثال بالشؤم، هو من أهل المدينة، ومولى لبني مخزوم، واسمه (عيسى بن عبدالله) وهو أول من أظهر المجون بالمدينة، وكان مغنيا يضرب بالدف ويحسن الرقص، فسئل عن مولده فقال: ولدت يوم مات رسول الله، وفطمت يوم مات أبوبكر الصديق، وختنت يوم قتل عمر، وتزوجت يوم قتل عثمان، وولد لي ولد يوم قتل علي بن أبي طالب، فيقولون في أمثالهم السائرة: أشأم من طويس – انتهى
صحيح أنني مشؤوم بين الحين والآخر، ولكن ليس إلى هذه الدرجة.