يمكن اعتبار هذه المقالة الوجه الإيجابي لمقالتي السابقة لتقرأ (اليونان حديث المجالس ولكن موت وحياة الأسواق قد يأتي من الشرق).
ففي المقالة الأولى أوضحت بعض الجوانب السلبية للتباطؤ الذي طرأ على وتيرة نمو الاقتصاد الصيني والذي ما لبث أن ألقى بظلاله الثقيلة على أسواق الأسهم. أما في هذه المقالة فسأستعرض كيف أمكن لحزمة المحفزات للسوق الصينية على مدى الأسبوعين الماضيين أن تبث موجة من التفاؤل وإن كانت مؤقتة في الأسواق العالمية.
فالكل يعلم أن انهيار الأسواق الصينية الناشئة بالكيفية والعمق الذي حدث به كان حدثا استثنائيا في تاريخ الصين الحديث وإن كان عاديا في الدول قديمة العهد بالأسواق المالية. ولذلك كان رد فعل السلطات المالية الصينية في البداية أشبه ما يكون بردود أفعال النمور الآسيوية في نهاية التسعينات ودول الخليج العربية في 2006.
فبعد أن ظنت الحكومة الصينية أن أسواقها المالية محصنة من الانهيارات ولم تلق بالا لنصائح بيوت الخبرة العالمية بل عملت بعكسها، إذا بها تكتشف بأن ما يجري في أسواقها هو تصحيح حاد طال انتظاره وأن كافة أسواق المال العالمية سواء، وأن لا كبير في لعبة الأسواق.
وبعد استيعاب الصدمة، قررت السلطات المالية الصينية أن تصمم حزمة محفزات لإيقاف النزيف وبث الحياة من جديد في أوصال السوق. ولكنها حاولت في البداية التلاعب على الشركاء في القرية العالمية الصغيرة التي نتشارك العيش فيها، فلجأت في البداية لاختبار المياه بالسماح لعملتها المثبتة في مقابل الدولار بالهبوط لثلاثة أيام متتالية على أمل تقرير الفدرالي الأمريكي لرفع سعر فائدة الأساس اعتبارا من 1 سبتمبر. ولكن الأمريكيين لم يكونوا ليسمحوا لغريمهم المزاحم أن يحقق أهدافه بسهولة على حسابهم، فقرروا أن الوقت لم يحن بعد لرفع سعر الفائدة ما أدى إلى حدوث نرفزة غير متوقعة في الأسواق نقلت الدولار فجأة من القوة للضعف ولكنها في نفس الوقت أحبطت الأسواق الصينية التي تسابقت للسقوط الحر لستة أيام متتالية ساحبة معها كافة أسواق العالم المالية بما فيها الأمريكية في الهبوط حد ذوبان (ترليون) دولار عالمية في يوم واحد هو يوم الاثنين الأسبوع الماضي، ولتضطر الحكومة الصينية لتدارك الوضع بالإعلان يوم الثلاثاء عن مزيد من التخفيض في سعر الفائدة وتخفيض متطلبات الاحتياطيات النظامية في البنوك. ولكن الإعلان عن المحفز الأهم كان يوم الأربعاء 26 أغسطس وهو الوعد باستثمار أكثر من 19 مليار دولار في شراء أسهم محلية.
ونظرا لأن هذا الالتزام أعلن بعد إغلاق الأسواق الصينية والأوروبية فقد تفاعلت معه مؤشرات الأسواق الأمريكية وحققت ارتفاعات لم يسبق لها مثيل في يوم واحد منذ ست سنوات.
ولعل هذا النجاح في تحفيز الأسواق الصينية والعالمية هو ما دفع بالحكومة الصينية لإعلان مزيد من نفس المحفز الأهم يوم الجمعة الماضي وذلك بالسماح لصندوق معاشات التقاعد الصيني باستثمار (313) مليار دولار في الأسواق المحلية.
ولكن المفاجأة أن الأسواق العالمية التي استمرت بالتجاوب مع المحفزات الصينية ليوم الجمعة أيضا بدأت تعطي إشارات ضعف في الأداء مطلع الأسبوع الحالي والسبب أيضا كان الظلال الثقيلة لتباطؤ الاقتصاد الصيني إضافة للتطورات التي طرأت على جبهة إنتاج النفط العالمي بعد تلميح الوكالة الدولية للطاقة لاحتمال انخفاض إنتاج النفط الأمريكي للشهر الماضي وهو ما أكدته المصادر الأمريكية مساء نفس اليوم (الاثنين) ما أعطى تفسيرا للزيارة التي يقوم بها الرئيس الأمريكي لألاسكا في الشأن النفطي أيضا وعزز المخاوف بشأن حقيقة النفط الصخري والإنتاج الأمريكي وما إذا كان الانخفاض في الإنتاج أكبر بكثير، مما أعلن أو أن هذا النقص لا يمثل سوى قمة جبل الجليد.
وانعكست كل هذه التخوفات بالتالي على الأسواق وأسهمت في تماسك أسعار النفط والذهب بل وارتفاعها بنسبة لا تقل عن 4 % وانخفاض قيمة الدولار وإحمرار السوق مرة أخرى.
ومن كل هذا نستفيد أن العالم قرية كونية يراقب سكانها بعضهم بعضا، وكلما حاول طرف أن يستفيد على حساب غيره يتم إحباط جهوده، وأن حزم التحفيز المالية والنقدية يجب أن توجه للقوى الاقتصادية المحركة للسوق بدلا من توجيهها لرفع قراءة الترمومتر الذي يقيس حرارة تلك القوى. فتحفيز التداول في الأسواق المالية بحرق مزيد من الأموال فيها لرفع مؤشراتها لا يعكس حقيقة الوضع الاقتصادي للبلاد. وأخيرا، فلا بد من الحذر في التعامل مع الأسواق العالمية لاختلاط الاقتصادي فيها بالسياسي والحقيقة بالخيال ما ينعكس بدوره على سرعة التحرك من قطاع لآخر وعكس الاتجاهات المتوقعة بسرعة قد ترفع بلمح البصر سلعة أو عملة أو قطاعا وتحط غيرها..
ففي المقالة الأولى أوضحت بعض الجوانب السلبية للتباطؤ الذي طرأ على وتيرة نمو الاقتصاد الصيني والذي ما لبث أن ألقى بظلاله الثقيلة على أسواق الأسهم. أما في هذه المقالة فسأستعرض كيف أمكن لحزمة المحفزات للسوق الصينية على مدى الأسبوعين الماضيين أن تبث موجة من التفاؤل وإن كانت مؤقتة في الأسواق العالمية.
فالكل يعلم أن انهيار الأسواق الصينية الناشئة بالكيفية والعمق الذي حدث به كان حدثا استثنائيا في تاريخ الصين الحديث وإن كان عاديا في الدول قديمة العهد بالأسواق المالية. ولذلك كان رد فعل السلطات المالية الصينية في البداية أشبه ما يكون بردود أفعال النمور الآسيوية في نهاية التسعينات ودول الخليج العربية في 2006.
فبعد أن ظنت الحكومة الصينية أن أسواقها المالية محصنة من الانهيارات ولم تلق بالا لنصائح بيوت الخبرة العالمية بل عملت بعكسها، إذا بها تكتشف بأن ما يجري في أسواقها هو تصحيح حاد طال انتظاره وأن كافة أسواق المال العالمية سواء، وأن لا كبير في لعبة الأسواق.
وبعد استيعاب الصدمة، قررت السلطات المالية الصينية أن تصمم حزمة محفزات لإيقاف النزيف وبث الحياة من جديد في أوصال السوق. ولكنها حاولت في البداية التلاعب على الشركاء في القرية العالمية الصغيرة التي نتشارك العيش فيها، فلجأت في البداية لاختبار المياه بالسماح لعملتها المثبتة في مقابل الدولار بالهبوط لثلاثة أيام متتالية على أمل تقرير الفدرالي الأمريكي لرفع سعر فائدة الأساس اعتبارا من 1 سبتمبر. ولكن الأمريكيين لم يكونوا ليسمحوا لغريمهم المزاحم أن يحقق أهدافه بسهولة على حسابهم، فقرروا أن الوقت لم يحن بعد لرفع سعر الفائدة ما أدى إلى حدوث نرفزة غير متوقعة في الأسواق نقلت الدولار فجأة من القوة للضعف ولكنها في نفس الوقت أحبطت الأسواق الصينية التي تسابقت للسقوط الحر لستة أيام متتالية ساحبة معها كافة أسواق العالم المالية بما فيها الأمريكية في الهبوط حد ذوبان (ترليون) دولار عالمية في يوم واحد هو يوم الاثنين الأسبوع الماضي، ولتضطر الحكومة الصينية لتدارك الوضع بالإعلان يوم الثلاثاء عن مزيد من التخفيض في سعر الفائدة وتخفيض متطلبات الاحتياطيات النظامية في البنوك. ولكن الإعلان عن المحفز الأهم كان يوم الأربعاء 26 أغسطس وهو الوعد باستثمار أكثر من 19 مليار دولار في شراء أسهم محلية.
ونظرا لأن هذا الالتزام أعلن بعد إغلاق الأسواق الصينية والأوروبية فقد تفاعلت معه مؤشرات الأسواق الأمريكية وحققت ارتفاعات لم يسبق لها مثيل في يوم واحد منذ ست سنوات.
ولعل هذا النجاح في تحفيز الأسواق الصينية والعالمية هو ما دفع بالحكومة الصينية لإعلان مزيد من نفس المحفز الأهم يوم الجمعة الماضي وذلك بالسماح لصندوق معاشات التقاعد الصيني باستثمار (313) مليار دولار في الأسواق المحلية.
ولكن المفاجأة أن الأسواق العالمية التي استمرت بالتجاوب مع المحفزات الصينية ليوم الجمعة أيضا بدأت تعطي إشارات ضعف في الأداء مطلع الأسبوع الحالي والسبب أيضا كان الظلال الثقيلة لتباطؤ الاقتصاد الصيني إضافة للتطورات التي طرأت على جبهة إنتاج النفط العالمي بعد تلميح الوكالة الدولية للطاقة لاحتمال انخفاض إنتاج النفط الأمريكي للشهر الماضي وهو ما أكدته المصادر الأمريكية مساء نفس اليوم (الاثنين) ما أعطى تفسيرا للزيارة التي يقوم بها الرئيس الأمريكي لألاسكا في الشأن النفطي أيضا وعزز المخاوف بشأن حقيقة النفط الصخري والإنتاج الأمريكي وما إذا كان الانخفاض في الإنتاج أكبر بكثير، مما أعلن أو أن هذا النقص لا يمثل سوى قمة جبل الجليد.
وانعكست كل هذه التخوفات بالتالي على الأسواق وأسهمت في تماسك أسعار النفط والذهب بل وارتفاعها بنسبة لا تقل عن 4 % وانخفاض قيمة الدولار وإحمرار السوق مرة أخرى.
ومن كل هذا نستفيد أن العالم قرية كونية يراقب سكانها بعضهم بعضا، وكلما حاول طرف أن يستفيد على حساب غيره يتم إحباط جهوده، وأن حزم التحفيز المالية والنقدية يجب أن توجه للقوى الاقتصادية المحركة للسوق بدلا من توجيهها لرفع قراءة الترمومتر الذي يقيس حرارة تلك القوى. فتحفيز التداول في الأسواق المالية بحرق مزيد من الأموال فيها لرفع مؤشراتها لا يعكس حقيقة الوضع الاقتصادي للبلاد. وأخيرا، فلا بد من الحذر في التعامل مع الأسواق العالمية لاختلاط الاقتصادي فيها بالسياسي والحقيقة بالخيال ما ينعكس بدوره على سرعة التحرك من قطاع لآخر وعكس الاتجاهات المتوقعة بسرعة قد ترفع بلمح البصر سلعة أو عملة أو قطاعا وتحط غيرها..