-A +A
احمد عائل فقيهي
في المؤتمرات والندوات التي تناقش واقع ومستقبل التعليم في بلادنا يخوض المعنيون والمختصون في معالجة المسألة التعليمية والتربوية ومحاولة إيجاد حلول جذرية للمشاكل التي تحول دون تقدم حركة التعليم واتجاهها حول المستقبل من خلال إدارة حقيقية تقفز بالمسألة التعليمية نحو مصاف دول كبرى خاصة أن كل الإمكانات متوفرة من مادية وبشرية، وبالرغم من أن الدولة وعلى مدى سنوات تكوينها السياسي والاجتماعي والاقتصادي ومن خلال ما يسمى بدولة المؤسسات أسهمت كثيرا في بناء مشروع تعليمي يبدأ من سلالمه الأولى، الابتدائية والمتوسطة والثانوية إلى سلمه الأعلى وهو التعليم الجامعي. إضافة إلى كل ذلك نجد المعاهد والمراكز العلمية ومن التعليم الصحي إلى التعليم المهني، لكن السؤال الذي يبرز هنا، ما هو منتج هذا التعليم ومدى ارتباطه اليوم بسوق العمل؟. هناك اتجاه عام في المجتمع يرى بضرورة إعادة النظر بالمجمل في العملية التعليمية من حيث المناهج والتأهيل والأداء العلمي والأكاديمي ومستوى من يقوم بمهمة التدريس في كل المراحل وجعل التعليم في عمومه ليس مجرد تخريج طلبة وطالبات فقط ولكنه خلق قيم وغرس مبادئ وربط ذلك كله بالوازع الديني السليم والمتحضر وتجذير الانتماء الوطني. في كتابه المعنون «عن هذا وذاك» للراحل الكبير الدكتور غازي القصيبي مقالة طويلة تحمل عنوان «رأي في التعليم» ومقالة أخرى «عن فلسفة التعليم الجامعي» وفي المقالتين يطرح الدكتور غازي القصيبي بعقلية الأستاذ الجامعي والمسؤول والمثقف هموم وهواجس التعليم في مستوياته وتدرجاته المختلفة والكتاب صادر في طبعته الأولى في عام 1389 هـ – 1978م يناقش فيهما أهمية الخروج من النظام التعليمي السائد والربط بين «اقتصاد يحصل على حاجته من الفنيين والمهنيين ويتيح للطلاب ذوي الملكات العقلية إكمال دراستهم الجامعية ويجعل عدد خريجي الجامعة متناسبا مع متطلبات التنمية ويكفل بالتالي إذا درس وطبق بدقة جعل العامل البشري يقوم بدوره الكامل في خدمة الجيل والأجيال القادمة» دكتور غازي رحمه الله طالب بإصلاح الخلل الكبير في النظام التعليمي لذلك يطرح في مقاله «رأي في التعليم» سؤالا كبيرا ومفصليا ولا يزال قائما ومطروحا وملحا حتى الآن بعد رحيله رحمة الله عليه، كيف «نستطيع تغيير النظام التعليمي بشكل يتمشى مع متطلبات التطور، ويجعل العامل البشري قوة تدفع التنمية لا عقبة تعوقها؟ من هنا لابد من حلول جذرية تربط بين ثنائية التربية والتعليم وبالتالي تتصل اتصالا مباشرا ببناء الإنسان ذلك أن التعليم ليس حشوا من المعلومات فقط بل هو فهم وإدراك وعقلية تفكر وأسئلة تشعل ذهنية الطلاب والطالبات وتجعلهم في موقع السائل وليس في موقع المتلقي فقط.
ينبغي أن يكون التعليم وتحديدا الجامعي مساهما رئيسيا في تحديث المجتمع وإشاعة قيم التنوير وخلق بيئة علمية داخل الجامعة من خلال تشجيع البحث العلمي وجعل العقول المضيئة هي التي تقود حركة المجتمع لا العقول الكسولة والكسيحة.
إن التعليم هو أساس تقدم الأمم والمجتمعات وبغير إصلاح التعليم لا يمكن إصلاح أي شيء.

a_faqehi@hotmail.com


للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 203 مسافة ثم الرسالة