أعرف أنه شيء غير مبهج ولا مسل، بل قد يكون جالبا للكدر أن يوالي هذا العمود الحديث عن ازدواجية السياسيين وأكاذيبهم وتلونهم، لكن ماذا يفعل المراقب وهو يتابع أوضاع المجتمعات المضطربة المهددة بالأخطار والنزاعات وهو يعلم أن من مصادر شقاء الناس هذه «المخلوقات» التي تحرك العالم ولديها من المهارات والحيل ما يغيب الحقيقة عن الكثيرين.
بالأمس أشرت في هذه المساحة، إلى تقاليد راسخة لدى السياسيين العرب في تبني خطابين: أحدهما للأهل البسطاء الطيبين العاطفيين الذين يرضيهم الكلام المعسول والوعود البراقة حتى لو كان صاحبها لا يملك القدرة على تنفيذها، اعتمادا على ضعف الذاكرة الجماعية أو الثقة في المتلقي الذي يسامح «الزعيم» بائع الهواء وتاجر الخطب الرنانة «حامي» الأوطان من أطماع الاستعمار ومخرج الشعوب من ظلمات التخلف والجهل والمرض إلى نور التقدم والعلم والعافية. والخطاب الآخر موجه إلى العالم «المتحضر» المعني بالحريات وحقوق الإنسان والديموقراطية. يبحث هؤلاء الذين احترفوا «بيع الكلام» عن كل الأوعية المناسبة لإيصال خطابهم «المتحضر» ولأن وسائل مخاطبة الرأي العام هي الأنسب، تراهم يعطون المقابلات ويجرون الحوارات مع وسائل الإعلام الأجنبية، بل يدفعون المبالغ الطائلة لسماسرة العلاقات العامة من أجل ترتيب من يحاورهم أو يساعدهم على إيصال رسائلهم إلى الجمهور المستهدف.
ويبدو أن «العدوى» العربية أصابت آخرين من زعماء الدول الغربية فلم تعد القنوات الدبلوماسية والمؤتمرات والزيارات الرسمية كافية لإيصال أصواتهم وقناعاتهم ومواقف دولهم إلى مراكز صنع القرار في الدول الصديقة والحليفة، وربما أدركوا أن مساندة الحلفاء لم تعد تتم بصورة كافية من خلال الرأي المعلن الذي تنقله القنوات الرسمية وأصبحت محتاجة إلى مخاطبة الرأي العام مباشرة، وهذا يتطلب استخدام الإعلام بكل صيغه ووسائله.
وهذا ما فعله رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون ورئيس فرنسا فرانسو أولاند والمستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، حين تضامنوا وكتبوا مقالا بعنوان «لماذا ندعم الاتفاق النووي مع إيران» نشرته صحيفة «واشنطن بوست» قالوا فيه: إنه على مدى أكثر من عقد من الزمان ظل البرنامج النووي الإيراني مصدر قلق، رغم مزاعم إيران وما تروجه من أن مسعاها وأهداف برنامجها سلمية، لكن قبل عامين واجهنا توسعا مثيرا للقلق الأمر الذي شكل خطرا جسيما ليس على «أمن إسرائيل» فحسب بل على أمن دولنا.. نحن لدينا مسؤولية مشتركة في التعامل مع هذا التهديد، ودخلنا في المفاوضات الصعبة والتفصيلية التي أفرزت، في النهاية، اتفاقا يغلق كل السبل التي تمكن إيران من إنتاج سلاح نووي، مقابل رفع تدريجي للعقوبات المتعلقة بالبرنامج، نحن ندعم الاتفاق بشدة لأنه يحقق الأهداف التي وضعناها.
وهكذا تكشف أفكار المقال وتوقيته أن الهدف منه هو دعم الرئيس باراك أوباما في مواجهة المعارضة القوية التي يخوض ضدها معركة لتمرير الاتفاق، وهي معركة وصفت بأنها لتكسير العظم وتستخدم فيها كل الأسلحة، ومن أهمها صوت الناخب الأمريكي الذي يتصارع عليه الحزبان الديمقراطي والجمهوري قبل موسم الانتخابات الرئاسية. وتأتي أهمية المقال من أنه يعكس موقف الدول الأوروبية الثلاث الكبرى التي وقعت الاتفاق ولتقول للرأي العام الأمريكي، ومن خلال الإعلام، إنها تدعم الاتفاق النووي مع إيران وترى فيه خروجا من مرحلة القلق على «أمن إسرائيل» وهي تعرف ماذا يعني هذا لدى مجموعات الضغط وآلة الدعاية الإعلامية التي يسيطر عليها أنصارها.
والمقال يسلط الضوء على تعاظم الإعلام وأهميته وتأثيره في العمل السياسي فمتى يكون للعرب إعلامهم المؤثر في الرأي العام العالمي؟.
بالأمس أشرت في هذه المساحة، إلى تقاليد راسخة لدى السياسيين العرب في تبني خطابين: أحدهما للأهل البسطاء الطيبين العاطفيين الذين يرضيهم الكلام المعسول والوعود البراقة حتى لو كان صاحبها لا يملك القدرة على تنفيذها، اعتمادا على ضعف الذاكرة الجماعية أو الثقة في المتلقي الذي يسامح «الزعيم» بائع الهواء وتاجر الخطب الرنانة «حامي» الأوطان من أطماع الاستعمار ومخرج الشعوب من ظلمات التخلف والجهل والمرض إلى نور التقدم والعلم والعافية. والخطاب الآخر موجه إلى العالم «المتحضر» المعني بالحريات وحقوق الإنسان والديموقراطية. يبحث هؤلاء الذين احترفوا «بيع الكلام» عن كل الأوعية المناسبة لإيصال خطابهم «المتحضر» ولأن وسائل مخاطبة الرأي العام هي الأنسب، تراهم يعطون المقابلات ويجرون الحوارات مع وسائل الإعلام الأجنبية، بل يدفعون المبالغ الطائلة لسماسرة العلاقات العامة من أجل ترتيب من يحاورهم أو يساعدهم على إيصال رسائلهم إلى الجمهور المستهدف.
ويبدو أن «العدوى» العربية أصابت آخرين من زعماء الدول الغربية فلم تعد القنوات الدبلوماسية والمؤتمرات والزيارات الرسمية كافية لإيصال أصواتهم وقناعاتهم ومواقف دولهم إلى مراكز صنع القرار في الدول الصديقة والحليفة، وربما أدركوا أن مساندة الحلفاء لم تعد تتم بصورة كافية من خلال الرأي المعلن الذي تنقله القنوات الرسمية وأصبحت محتاجة إلى مخاطبة الرأي العام مباشرة، وهذا يتطلب استخدام الإعلام بكل صيغه ووسائله.
وهذا ما فعله رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون ورئيس فرنسا فرانسو أولاند والمستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، حين تضامنوا وكتبوا مقالا بعنوان «لماذا ندعم الاتفاق النووي مع إيران» نشرته صحيفة «واشنطن بوست» قالوا فيه: إنه على مدى أكثر من عقد من الزمان ظل البرنامج النووي الإيراني مصدر قلق، رغم مزاعم إيران وما تروجه من أن مسعاها وأهداف برنامجها سلمية، لكن قبل عامين واجهنا توسعا مثيرا للقلق الأمر الذي شكل خطرا جسيما ليس على «أمن إسرائيل» فحسب بل على أمن دولنا.. نحن لدينا مسؤولية مشتركة في التعامل مع هذا التهديد، ودخلنا في المفاوضات الصعبة والتفصيلية التي أفرزت، في النهاية، اتفاقا يغلق كل السبل التي تمكن إيران من إنتاج سلاح نووي، مقابل رفع تدريجي للعقوبات المتعلقة بالبرنامج، نحن ندعم الاتفاق بشدة لأنه يحقق الأهداف التي وضعناها.
وهكذا تكشف أفكار المقال وتوقيته أن الهدف منه هو دعم الرئيس باراك أوباما في مواجهة المعارضة القوية التي يخوض ضدها معركة لتمرير الاتفاق، وهي معركة وصفت بأنها لتكسير العظم وتستخدم فيها كل الأسلحة، ومن أهمها صوت الناخب الأمريكي الذي يتصارع عليه الحزبان الديمقراطي والجمهوري قبل موسم الانتخابات الرئاسية. وتأتي أهمية المقال من أنه يعكس موقف الدول الأوروبية الثلاث الكبرى التي وقعت الاتفاق ولتقول للرأي العام الأمريكي، ومن خلال الإعلام، إنها تدعم الاتفاق النووي مع إيران وترى فيه خروجا من مرحلة القلق على «أمن إسرائيل» وهي تعرف ماذا يعني هذا لدى مجموعات الضغط وآلة الدعاية الإعلامية التي يسيطر عليها أنصارها.
والمقال يسلط الضوء على تعاظم الإعلام وأهميته وتأثيره في العمل السياسي فمتى يكون للعرب إعلامهم المؤثر في الرأي العام العالمي؟.