-A +A
عيسى الحليان
رغم أن فاتورة دعم الكهرباء تكلف الخزينة العامة 150 مليار ريال وهو البند الذي يوازي كامل الإنفاق على كل هيئات الدولة الوطنية (16 هيئة) بما في ذلك الهيئة الملكية وهيئات الطيران المدني والهلال الأحمر والسياحة والاتصالات والغذاء والدواء وغيرها (44 مليارا) مضافا إليها كل جامعات المملكة الـ 27 (57 مليارا) ويمكن أن تضيف مع البيعة كل بلديات المملكة الـ 284 (40 مليارا) ومع ذلك يبقى معك «فكة» تصل إلى 10 مليارات ريال.
فرغم الجدل المتزايد في السنوات الأخيرة حول الارتفاع المطرد لهذه الفاتورة الباهظة على اقتصادنا على حساب بدائل قد تكون أكثر أولوية، إلا أن لا أحد يمكن له السير باتجاه وقف هذا الدعم مباشرة لا لأسباب منطقية اقتصاديا، ولكن لأسباب تتعلق بطبيعة نظامنا الاقتصادي والاجتماعي القائم حاليا والمتداخل والذي تشكل هذه الصيغة جزءا واحدا فقط من ملامحه ومكوناته إضافة لأسباب وجوانب هيكلية لم تساير هي الأخرى المنطق الاقتصادي ذاته، خلاف أن المستهلك ليس أقل أهمية من التاجر أو المستثمر الأجنبي والذي يحصل هو الآخر على دعم مماثل تقريبا (107 مليارات ريال) تمثل فاتورة دعم الغاز، لكننا بالمقابل مع سلسلة إصلاحات متكاملة ومتناغمة تفضي وفق خطة زمنية معلومة إلى معالجة كل هذه التشوهات الاقتصادية واللحاق باقتصاد السوق وتحقيق معدلات أعلى من تحرير الأسعار على اعتبار أن الاستمرار في هذه السياسة الاقتصادية غير ممكن أساساً في المستقبل، ولكي لا نضطر إلى إجراءات دراماتيكية في لحظة ما، ومن بين هذه المعالجات المطلوبة قطاع الكهرباء نفسه الذي يعاني من تشوهات اقتصادية هو الآخر ليس في النطاق السعري المعلن فقط وإنما في النطاق التشغيلي المسكوت عنه أيضا، فرغم أن الشركة تحصل على الزيت الثقيل مثلاً بـ 0.43 دولار في الوقت الذي يباع فيه نظيره العالمي بـ 15.13 دولار وينطبق هذا على الديزل، إلا أن قيمة التعرفة بالنسبة للمستهلك العادي لا تلحق حتى بسعر التكلفة، رغم أن أسعار الوقود عامة تقل عن السعر العالمي بحوالي 30 ضعفاً وهذا بطبيعة الحال له أسبابه التي لا تتعلق بالمستهلك الذي تنسب له كل عيوب هذه الصناعة وإنما لعدم كفاءة هذه الصناعة ذاتها، وهو الأمر الذي ظل موضوع تعتيم شديد طوال السنوات الماضية، وهذا ما سوف أتطرق له لاحقا.