انتهى بحمد الله وتوفيقه حج هذا العام .. وبدأت رحلة العودة لقوافل من أنعم الله عليه بأداء هذه الفريضة في سلام وأمان .. بعد أيام روحانية مليئة بالدعاء والرجاء والتوسل لله سبحانه وتعالى بالقبول والرحمة .. ومع هذه النهاية السعيدة، يبرز الجهد الخارق الذي بذله مئات الآلاف من العاملين في كل الأجهزة المعنية بالحج، يضاف إليهم أيضا عشرات الآلاف من العاملين خارج المشاعر والمتواجدين في كل مكان وعلى كل طريق يسلكه الحاج، منذ وصوله أرض المملكة وحتى مغادرته لها. هذا الجهد هو واجب خص به الله بلادنا وشرف به أبناءها المسؤولين والمواطنين كل في موقعه، واجب لا منة لنا في أدائه، ولا نحتسب فيه إلا الأجر والتوفيق منه سبحانه وتعالى، لخدمة ضيوفه حجاج بيت الله الحرام، الذين تقدر أعدادهم بالملايين، وبما لا يقل عن متوسط مليوني حاج سنويا، تتزايد أعدادهم عاما بعد عام، وهم خليط من أكثر من مائة وسبعين جنسية ولغة، فيهم المتعلم والأمي، والطاعن في السن، والشاب ومتوسط العمر، منهم السليم والعليل، ومن يعاني من أمراض مزمنة كالشيخوخة وغيرها مما يجعله تحت لطف الله ورحمته وقدره، كل هذه الملايين بما هي عليه من أوضاع عمرية ومذهبية وثقافية وصحية واجتماعية واقتصادية تحتاج إلى رعاية وحماية وخدمات متنوعة، نحن قادرون على القيام بها رغم هذه التنوعات الديمغرافية التي تحكم سلوك الحجاج وحركتهم ومستوى تفكيرهم وتجاوبهم مع التعليمات المنظمة للحج دينيا وإجرائيا، هذا التجاوب الذي نفتقده كبلد منظم للحج من الغالبية العظمى من الدول الإسلامية التي يرد منها الحجاج، ويقتصر دورها فقط على تمكينه من السفر الى الديار المقدسة بعد ارتباطه بإحدى مؤسسات الطوافة. ذلك التجاوب والتعاون، هو في الحقيقة مسؤولية تتحملها المنظمات والمؤسسات الإسلامية الشعبية والحكومية السياسية منها والدينية المتواجدة في كل الدول الإسلامية، لخدمة مواطنيها الراغبين في الحج، وهو إجراء ليس صعبا ولا مستحيلا، ولنا في الدولة الماليزية أفضل مثال على تنظيمها لحجاجها وتثقيفهم وتعليمهم لكل ما له علاقة بالحج، وليت كل الدول الإسلامية تأخذ بالنموذج الماليزي لمصلحة وسلامة مواطنيها القاصدين للحج.