-A +A
جعفر عباس
بالكلمات أعلاه هتفت جيسيكا لينش التي سردت عليكم بالأمس حكاية وقوعها في أسر العراقيين خلال الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.. وكيف أن الأمريكان زعموا أنها قاتلت ببسالة حتى نفدت ذخائرها وسقطت جريحة ثم كيف أن قوة من المغاوير الأمريكان قامت بتحريرها من الأسر.. يوم الثلاثاء الماضي مثلت لينش أمام لجنة للكونغرس وقالت: وقعت في الأسر في الثالث والعشرين من مارس من عام 2003 أي في اليوم الثالث للحرب، بعد ان تعرضت مركبتنا لكمين عراقي وأصبت بجروح بالغة، وعندما أفقت وجدت نفسي في مستشفى عراقي وقد بذل الأطباء العراقيون جهودا ضخمة لإنقاذ حياتي، بل قاموا بتسهيل تسليمي للقوات الأمريكية لأنهم رأوا أنني بحاجة الى رعاية طبية أفضل، ولكن وزارة الدفاع الأمريكية جعلت مني بطلة بـ«الأوانطة»، فأنا لم أطلق رصاصة لأنني أصلا غير مقاتلة، بل مجرد كاتبة في كتيبة الصيانة.. ولم يكن نقلي من المستشفى عملية إنقاذ بطولية، لأن العراقيين هم من سهلوا تسليمي الى القوات الأمريكية.. باختصار يا جماعة ليس في الأمر بطولة لا من جانبي ولا من جانب القوات التي أخرجتني من المستشفى.
طبعا «بركات» الديمقراطية الأمريكية عمت أفغانستان قبل ان تعم العراق.. بالتحديد في نوفمبر 2001 أي بعد أحداث 11 سبتمبر بقليل،.. وكان لاعب الفوتبول الأمريكي الشهير بات تيلمان قد تطوع للالتحاق بالقوات المقاتلة في أفغانستان، وبعد وصوله هناك بأيام وقف جنرالات أمريكا أمام الكاميرات يحكون كيف ان تيلمان كان رامبو القرن الحادي والعشرين بجدارة، حتى لقي مصرعه وهو يقود هجوما كاسحا وناجحا في منطقة جبلية في أفغانستان.. واتضح لاحقا ان تيلمان قتل بنيران أمريكية في ساعة زنقة، فالجنود الذين اعتادوا على إطلاق النار على كل شيء وشخص يتحرك في المناطق التي يحاربون فيها (لأن كل من يحاربهم لا قيمة له في تقديرهم)، رأوا تيلمان يحاول اتخاذ صخرة ساترا فطخوه ثم زعم مسيلمة رامسفلد وزير الدفاع الأمريكي المخلوع أنه مات بنيران طالبان.. ميري تيلمان والدة القتيل قالت للجنة الاصلاح الحكومي في الكونغرس إن رامسفلد مارس الغش والخديعة والاحتيال لتسويق حروبه... في 22 يوليو من عام 2004 أعلن البنتاغون كيف أن الرقيب باتريك مكافراي قتل بعد أن استبسل في القتال في كمين نصبه «الارهابيون» في بغداد.. وبعد عامين كاملين اتضح ان الرجل كان يدرب مجموعة من الجنود العراقيين، وأن هؤلاء الجنود هم من تولوا قتله.. فكر الجماعة في وزارة الدفاع الأمريكية في الأمر: نقول للناس ان الجماعة اللي ندربهم في العراق على شؤون الحكم والإدارة انقلبوا علينا؟ ما يصير.. مو كافي أن أسلحة الدمار الشامل العراقية طلعت «إشاعة» وصارت الصحافة تقول إن الأمريكان هم اللي سووا الدمار الشامل بالعراق.. يللا مستر مسيلمة سَهَّاف (صحاف).. قول للناس ان مكافراي بعد مات بطل وشهيد.. وعنه ما حد حوَّش!