-A +A
اخترقت إيران المنطقة العربية عبر البوابة السورية، بعد أن كان العراق حاجز الجبهة الشرقية العربية، وقد كانت سوريا بمثابة البيث الثاني للإيرانيين حيث نشط وجودهم في لبنان والعراق وفلسطين، مسببة شرخا عربيا عميقا بمساعدة النظام السوري.
ويقول نائب الرئيس السوري السابق عبدالحليم خدام في حوار مع «عكاظ» حول طبيعة هذه العلاقة وأبعادها ومن أسسها، إن رئيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان موسى الصدر كان له الدور الرئيسي في تأسيس اللبنة الأولى، حيث بدأ الأسد يوطد علاقاته مع الشخصيات الشيعية اللبنانية من أجل أن يقدم نفسه كضمان لنفوذ الشيعة في لبنان.

ويرى خدام أن إيران استغلت حافظ الأسد لكي تكون سوريا بمثابة مركز عمليات في المنطقة وبالتالي تهديد للأمن اللقومي العربي، وبالفعل تمكن النظام الإيراني من إنشاء التحالف مع عدد من الفصائل الفلسطينية الرافضة للعملية السلمية، وبذلك أصبحت موجودة عبر هذه الفصائل في قلب المعادلة الفلسطينية وقلب ساحة الصراع العربي - الإسرائيلي، وفي العراق وظفت الحرب الأمريكية على العراق فأمسكت الوضع في العراق عبر حلفائها وعبر أجهزتها الأمنية، وأصبح لها دور رئيسي في العراق ما اضطر الولايات المتحدة لطلب الحوار معها حول الوضع الأمني في العراق، كما أنها وظفت الحرب الأمريكية على نظام طالبان لتمسك بجزء مهم من الوضع الأفغاني ما دفع أيضا الولايات المتحدة لبحث الحوار معها حول أفغانستان.
ويؤكد خدام خطر المشروع الإيراني على المنطقة العربية لأنه يتجاوز سيادتها الاقليمية ويشكل تدخلا في شؤونها الداخلية ما يزيد من إرباك الأوضاع في المنطقة ويعقد العلاقات بين إيران والدول العربية، ويشدد خدام على أن إيران هي أخطر دولة على العرب، الأمر الذي يتطلب المزيد من تحصين الجبهة العربية الداخلية.
وحول دور حزب الله اللبناني في الاستراتيجية الإيرانية لزعزعة الأمن العربي، يقول خدام «هناك دور مهم جدا لحزب الله في الاستراتيجية الإيرانية، وهذا الأمر مؤثر في لبنان ومقلق للقوى السياسية اللبنانية، ومن هنا تأتي نوعية العلاقة السورية الإيرانية التي يشكل حزب الله جسرا لها.. وقد أكدت الأحداث الأخيرة في سوريا هذا الدور لحزب الله الذي يتحرك بموجب توجيهات الولي الفقيه.
وفي سياق توصيف العلاقة بين النظامين، استوضحت «عكاظ» رأي الدكتور حسام الحافظ القنصل السوري في إيران الذي انشق مع بدايات الثورة. وقال إن الفرق بين حافظ وبشار هو مستوى التوازن في هذه العلاقة، ففي الوقت الذي كان الأسد الأب محافظا على التوازن إلى حد ما، فيما يخص القضايا السورية الداخلية، إلا أن الابن ونتيجة عدم فهمه لأصول الحكم كسر هذا التوازن لصالح إيران التي باتت أكثر سيطرة على سوريا خلال حكمه.
ومن أدلة سيطرة النفوذ الإيراني، قال في عهد الأب كان هناك تحفظ حول انتشار المد الشيعي الإيراني في سوريا، وكذلك حالة من الضبط للمدراس الدينية، وجاء الابن ليفسح المجال لإيران بشكل كامل. إذ نشطت إيران بشكل لافت في إنشاء المدارس الدينية.
وأضاف في الوقت الذي كان هناك ما يقارب 80 شركة ومكاتب اقتصادية عاملة إيرانية في سوريا، لم يكن هناك أية شركة سورية في إيران، بل غالبا ما يضيق الإيرانيون الخناق على المستثمرين السوريين، دون إعطائه أولوية.
وحول دور السفارات في تنسيق هذه العلاقة، أوضح الحافظ الذي عمل قنصلا ما بين العامين 2000-2001 أنه عادة ما تختار سوريا شخصية تكون مقبولة من إيران وموثوقة بشكل كبير من النظام السوري، مثلما كان السفير الأسبق أحمد الحسن الذي عمل سفيرا في إيران ما بين 1989-2001، إذ كان له دور في ترتيب اللقاءات الأمنية والاستخباراتية.
واعتبر أن بشار الأسد فتح الباب لإيران على مصراعيه، حتى إن نفوذ حزب الله تعدى ما هو مرسوم له في السياسة السورية، كاشفا أن الأسد أراد تغيير قواعد الحكم في سوريا فور وصوله، لذلك كان بشار يحتقر أفكار حزب البعث الاشتراكي الذي يقوم عليه الحكم، وحاول إيجاد طريقة جديدة في الحكم تقوم على المحاور والتحالفات وكانت إيران هي الدولة الوحيدة اللاعبة في سوريا.