-A +A
محمد حسن أبوداود
بحثت عن أفضل قصص الإصرار في التاريخ ولم أجد أفضل من قصة إصرار رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى دين الله باللين والعفو والتي هي أحسن. بينما لديه وسائل القوة والإعجاز والفرض لأن الله خيره وأعطاه الخيار في الكيفية. وهذه نقطة مهمة في أنه اختار الطريق الصعب والشاق. أعطي الخيار في أن يكون له الملك والمال ولكنه اختار الفقر والمعاناة له ولمن معه. عانت أمهات المؤمنين وبناته الفاضلات وصحابته اختيارا كان هو خير قدوة لهم. هذا الرسول الكريم المتسامح تميز بزهده في ملبسه وأكله ومسكنه وكرمه بكل ما يملك وحلمه على المشركين والكفار، وصبره على العذاب والفقر وأذى ذوي القربى له وإصراره على أن يوصل الرسالة ويؤدي الأمانة. وقد عرض عليه ما شاء من قريش. وطيبته وتواضعه وحبه للفقراء والجلوس معهم وتقواه وشكره لله وحمده مدرسة في الإصرار مازال العالم بكافة مستشرقيه وأكاديمييه فهم هذا الإعجاز وكيف تحقق، لدارسي الاستراتيجية لا يوجد منهج مثل هذا في الإصرار يمكن تقليده أو محاكاته. في ظروف المحيط الذي كان فيه رسول الله يمكن المحاولة بالدعوة ولكن لا يمكن النجاح. كل الموانع موجودة في هذه الحالة الديناميكية. طبعا هي إرادة الله قبل كل شيء ورسول الله يعرف هذا ويعرفه يقينا. طبعا لا يمكن أن حتى أن نحاول أن نسرد الحقيقة والمعاناة هنا أو بعضا من إصرار رسول الله. لأن وضعه في أول الدعوة لا يمكن أن يعيه بشر، لأن عناد قريش لا مثيل له وقد أخذتهم العزة بالإثم. كان يمكن أن يقابل ذلك أن يطبق الأخشبين عليهم ومقابلة الشدة بالشدة ولكنه اختار طريق الرحمة والمحبة والرفق صلى الله عليه وسلم. إنه إصرار من نوع فريد، تحفه الرغبة في أن يكون رحمة للعالمين. والوضع في أول الإسلام لم يكن كما كان في حجة الوداع، الكثير من الناس بل حتى المؤرخين افترضوا أن الإسلام في بداياته كان كما في الحج الأخير لرسول الله. ورجال قريش عتاولة أفذاذ متكبرون ويأتي ابنهم ليدعوهم إلى دين جديد. وهنا نقطة الاختلاف في الوعي بالوضع الكلي لأهل هذه المنطقة. فكفرهم ليس من جهل بل من كبرياء في رأيي. وكفر الكبرياء أشد من كفر الجهل. لأن الجاهل إذا عرف الحق آمن. أما المتكبر فهو إن عرفه لا يقبله فهو قوة شيطانية ومدمرة. وشاهدنا في عصرنا الحالي قوادا لدول عربية. هؤلاء ليسوا الا من أمثال أكابر مجرميها في قريش وإلا لما نزلت فيهم آيات ربانية. التفنن في عذاب المسلمين والإبداع في صنوفه. الإصرار له طريقان لا ثالث لهما إما الثبات والسير إلى الأمام والقتال حتى الفوز أو الموت أو اختيار طريق السلام والرضا والدعوة بالحسنى. وكلاهما صعب.