قبل سنوات لفت انتباهي أحد الكتب التي تحدثت عن الرئيس السادات بعنوان «خريف الغضب» للكاتب هيكل، للوهلة الأولى توقعت أن الكتاب سيسرد تفاصيل هامة لعملية اغتيال الرئيس السادات، خاصة أن تاريخ صدوره كان بعد فترة بسيطة من اغتياله، لكني فوجئت بالكاتب يتناول سيرة الرئيس بعنصرية مقيتة وبقصص لا يتقبلها حتى عقل الجاهل، وهو الأمر الذي استدعى منعه من التداول في مصر وقتئذ، وبحكم اطلاعي على تلك الحقبة من الزمن والتي لا يمكن تحييدها لأنها من أهم فترات التاريخ العربي، والتي ساعدني فيها توافر العشرات من الكتب والأفلام الوثائقية التي تناولت تلك الفترة على لسان معاصريها، ومنهم حسين الشافعي، صلاح نصر، أمين الهويدي، والرئيس السادات نفسه وزوجته السيدة جيهان وغيرهم، تمكنت بعدها من تقييم الكتاب الذي أشرت إليه بموضوعية ساهمت في تكوين رأي محايد عن الكاتب هيكل.
يمكنني القول إن منهج هيكل في الصحافة يعتمد على التضليل وعلى غروره ونزعاته النرجسية، فمن المعلوم أن هيكل كان البوق الإعلامي للرئيس ناصر، حيث مثلت له هذه الفترة عصرا ذهبيا لم يتكرر، ويشهد البعض ممن عاصروا البلاط الناصري أن هيكل كان يجيد تماما السباحة مع التيار، وبحكم عمله كرئيس للأهرام الصحفية فقد سخر قلمه للحديث والإشادة بكل ما تريده حكومة ناصر وليس بما يزخر به ضميره الصحفي كما هو مفترض، فمثلا وخلال حرب الأيام الستة أوهم هيكل الأمة العربية بأن العرب على مشارف تل أبيب، وما هي إلا أيام قلائل حتى عرف الجميع الحقيقة المرة، فقد انتصرت إسرائيل واحتلت سيناء وأجزاء أخرى من الأراضي العربية أيضا.
لقد استمد هيكل سطوته في المجتمع بسبب علاقته بناصر، ويذكر البعض أن هيكل وانطلاقا من عقدة نقص كان يتصل ببعض وزراء حكومة ناصر ويطلب منهم المجيء لمقابلته في مؤسسة الأهرام، ربما الأمر لا يستدعي ذلك ولكن من من الوزراء يستطيع أن يرفض؟ فهو الصديق الحميم للرئيس، ويذكر محمود الجيار سكرتير عبدالناصر العديد من غرائب هيكل، حيث يذكر أن هيكل كان يعشق الانتشاء والتفاخر بعلاقته بناصر وخاصة خلال تواجده في الأماكن العامة، حيث كان يقوم -وبدون مناسبة- بالاتصال هاتفيا من مكان تواجده بمكتب الرئيس بمنشية البكري قائلا وبصوت عال «عاوز أكلم الريس».
ومن المعلوم أيضا أن هيكل لا صديق له انطلاقا من مبدئه «أنا مع الرابح» فهو من قدم رأس صديقه المشير عبدالحكيم عامر قربانا إلى الرئيس ناصر، فالمشير كان يتحصن بقريته «أسطال» بعد حرب 67 وسط مجموعة مسلحة من عشيرته، وأرادت المخابرات الناصرية استدراجه والقبض عليه بعيدا عن قريته، ورفض المشير عامر كل مبعوثي ناصر لاستدراجه، وكان الشخص الوحيد الذي استطاع ذلك هو هيكل بعد أن أغرق المشير بالوعود والأماني الكاذبة، وبعد مجيء السادات للحكم وقيام الأخير بثورة التصحيح العام 1971 والتي زج فيها بمراكز القوى الناصرية في السجن، استطاع هيكل أن يبدل جلده ليتماشى مع الزعيم الجديد، إلا أن السادات لم يكن ليعيره اهتماما كافيا وتأزمت العلاقة بينهما تماما حتى قام السادات بسجنه في العام 1981، وبعد مقتل السادات وخروجه من السجن قام بتأليف خريف الغضب وهو ما دفع السيدة جيهان السادات للحديث في عدة مقابلات تلفزيونية عن أكاذيب هيكل وتفنيدها.
أستطيع الجزم بأن هيكل ومع كل نظام جديد يحاول أن يبحث له عن موطئ قدم، فإن كان له ذلك فنعما هي، وإن لم يكن ادخر غضبه وسخطه لما بعد رحيل النظام كما فعل مع الرئيسين السادات ومبارك، وما استدعاني لكتابة هذه السطور هو خروج هيكل قبل أسابيع منتقدا المملكة وسياساتها في اليمن وتعاملها مع إيران، وأردت أن أوجه له سؤالا: منذ متى كانت تحليلاتك أيها الهيكل دقيقة أو بالأحرى صادقة؟ ألا يعلم هيكل أن العالم تغير عما كان عليه في حقبة الستينات، لقد انفتح العالم العربي كثيرا وبات مثقفوه أكثر من خامليه، إن كان ما ذكره هيكل ينضوي تحت بند المتاجرة بالقلم فهذا أمر يخصه، لكن عليه أن يعلم أن هناك عشرات الأقلام الصادقة في المملكة ومصر أيضا يمكنها أن تميط اللثام عن وجهه وتستطيع الرد على مثل هذه الترهات.
يمكنني القول إن منهج هيكل في الصحافة يعتمد على التضليل وعلى غروره ونزعاته النرجسية، فمن المعلوم أن هيكل كان البوق الإعلامي للرئيس ناصر، حيث مثلت له هذه الفترة عصرا ذهبيا لم يتكرر، ويشهد البعض ممن عاصروا البلاط الناصري أن هيكل كان يجيد تماما السباحة مع التيار، وبحكم عمله كرئيس للأهرام الصحفية فقد سخر قلمه للحديث والإشادة بكل ما تريده حكومة ناصر وليس بما يزخر به ضميره الصحفي كما هو مفترض، فمثلا وخلال حرب الأيام الستة أوهم هيكل الأمة العربية بأن العرب على مشارف تل أبيب، وما هي إلا أيام قلائل حتى عرف الجميع الحقيقة المرة، فقد انتصرت إسرائيل واحتلت سيناء وأجزاء أخرى من الأراضي العربية أيضا.
لقد استمد هيكل سطوته في المجتمع بسبب علاقته بناصر، ويذكر البعض أن هيكل وانطلاقا من عقدة نقص كان يتصل ببعض وزراء حكومة ناصر ويطلب منهم المجيء لمقابلته في مؤسسة الأهرام، ربما الأمر لا يستدعي ذلك ولكن من من الوزراء يستطيع أن يرفض؟ فهو الصديق الحميم للرئيس، ويذكر محمود الجيار سكرتير عبدالناصر العديد من غرائب هيكل، حيث يذكر أن هيكل كان يعشق الانتشاء والتفاخر بعلاقته بناصر وخاصة خلال تواجده في الأماكن العامة، حيث كان يقوم -وبدون مناسبة- بالاتصال هاتفيا من مكان تواجده بمكتب الرئيس بمنشية البكري قائلا وبصوت عال «عاوز أكلم الريس».
ومن المعلوم أيضا أن هيكل لا صديق له انطلاقا من مبدئه «أنا مع الرابح» فهو من قدم رأس صديقه المشير عبدالحكيم عامر قربانا إلى الرئيس ناصر، فالمشير كان يتحصن بقريته «أسطال» بعد حرب 67 وسط مجموعة مسلحة من عشيرته، وأرادت المخابرات الناصرية استدراجه والقبض عليه بعيدا عن قريته، ورفض المشير عامر كل مبعوثي ناصر لاستدراجه، وكان الشخص الوحيد الذي استطاع ذلك هو هيكل بعد أن أغرق المشير بالوعود والأماني الكاذبة، وبعد مجيء السادات للحكم وقيام الأخير بثورة التصحيح العام 1971 والتي زج فيها بمراكز القوى الناصرية في السجن، استطاع هيكل أن يبدل جلده ليتماشى مع الزعيم الجديد، إلا أن السادات لم يكن ليعيره اهتماما كافيا وتأزمت العلاقة بينهما تماما حتى قام السادات بسجنه في العام 1981، وبعد مقتل السادات وخروجه من السجن قام بتأليف خريف الغضب وهو ما دفع السيدة جيهان السادات للحديث في عدة مقابلات تلفزيونية عن أكاذيب هيكل وتفنيدها.
أستطيع الجزم بأن هيكل ومع كل نظام جديد يحاول أن يبحث له عن موطئ قدم، فإن كان له ذلك فنعما هي، وإن لم يكن ادخر غضبه وسخطه لما بعد رحيل النظام كما فعل مع الرئيسين السادات ومبارك، وما استدعاني لكتابة هذه السطور هو خروج هيكل قبل أسابيع منتقدا المملكة وسياساتها في اليمن وتعاملها مع إيران، وأردت أن أوجه له سؤالا: منذ متى كانت تحليلاتك أيها الهيكل دقيقة أو بالأحرى صادقة؟ ألا يعلم هيكل أن العالم تغير عما كان عليه في حقبة الستينات، لقد انفتح العالم العربي كثيرا وبات مثقفوه أكثر من خامليه، إن كان ما ذكره هيكل ينضوي تحت بند المتاجرة بالقلم فهذا أمر يخصه، لكن عليه أن يعلم أن هناك عشرات الأقلام الصادقة في المملكة ومصر أيضا يمكنها أن تميط اللثام عن وجهه وتستطيع الرد على مثل هذه الترهات.