-A +A
منصور الطبيقي
تراها من بعيد خلف السراب بسورها الطويل الذي يحميها من كثبان الرمال تقع جامعة جدة بمساحتها الشاسعة التي تقدر بخمسة ملايين وأربعمائة ألف متر مربع والتي تبعد حوالى 50 كيلو مترا عن منتصف مدينة جدة.
الجامعة التي أرادتها القيادة الرشيدة رافدة لجامعة المؤسس ومنبعا للعلم والمعرفة لأبناء عروس البحر الأحمر والمدن والقرى المجاورة، حيث لم تكن إجراءات فصل كليات شمال جدة التي كانت تتبع جامعة الملك عبدالعزيز تحت مسمى (جامعة جدة) بعد القرار الملكي أمرا يسيرا، فجهود حثيثة وموفقة لرجال مخلصين كانت تتابع وتوجه وتدعم وفي مقدمتهم أمير منطقة مكة المكرمة سمو الأمير خالد الفيصل الذي كان ولا يزال يتابع شخصيا جهود استكمال أعمال الجامعة الإنشائية ومدير الجامعة المكلف الأستاذ الدكتور عبدالرحمن اليوبي وعمداء الكليات ووكلاؤهم وشؤون الموظفين في الجامعتين والأكاديميون والإداريون في الكليات ومسؤولو وأخصائيو تقنية المعلومات ومهندسو المشاريع في الجامعتين الذين بذلوا جهودا عظيمة واستثنائية حتى تم انتهاء فصل الجامعة إداريا وتقنيا وتشغيليا قبل بضعة أشهر.

ولكن كونها جامعة عروس البحر الأحمر التي تحمل اسما غاليا على قلوبنا نطمح دائما للمزيد، فالطريق الموصل إليها وحتى بعد ازدواجه ما زال يمثل خطرا داهما على مرتاديه من الطلبة وهيئة التدريس، لضيقه ووجود بعض التحويلات وخطورة الالتفاف نحو الطريق القادم من عسفان عند بوابة الجامعة، وتوجد خطورة عالية لمرتاديه ويجب وضع حلول سريعة لوقف نزيف دماء أبنائنا المتعجلين للحاق بالمحاضرات.
كلية الطب بإمكانياتها المحدودة قدمت جهودا رائعة لتدريس الطلبة وموظفوها يعملون بجهد مضاعف ومستمر كخلية نحل، ولكن لن تكتمل فرحتهم ولن تحصل المنفعة التعليمية الكاملة والجودة المطلوبة إلا بعد استكمال المبنيين المخصصين للطلبة والطالبات والمستشفى الجامعي الذي هو الأساس في تدريب أطباء وطبيبات المستقبل حيث يتيح ذلك تخفيف العبء على مستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي وزيادة في استفادة وتحصيل الطلبة كما زيادة في أعداد قبول الطلاب.
كما لن تستطيع الجامعة أن تؤدي رسالتها التعليمية كاملة ودون تعثر حتى يوفر لها خطوط إمداد رئيسية للكهرباء والمياه والاتصالات.
وفي المقابل يستطيع القطاع الخاص وكبار رجال الأعمال في المملكة المحبين لعروس البحر الأحمر والذين تزخر بهم مدينة جدة تقديم خدمات جليلة لجامعة مدينتهم إن أتيحت لهم الفرصة ووجهت لهم دعوات للمشاركة رغبة في إشراكهم في خدمة مجتمعهم ووطنهم الذي قدم لهم الغالي والنفيس وردا للجميل واستثمارا في عمل الخير في العلم الذي ينتفع به، وهذا بالمناسبة ديدن كثير من الجامعات العالمية الحكومية.
أجزم إن تم ذلك ووفر الدعم المطلوب أن نرى هذه الجامعة الناشئة قلعة خضراء جميلة للعلم والمعرفة في قلب الصحراء في غضون شهور قليلة لأن عشاق جدة كثيرون.
وفي الختام، توأمة جامعة جدة مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية التي تبعد عنها عشرات الكيلومترات فقط ضرورية للاستفادة من الخبرات والتجارب، ومن المهم أن تستقطب جامعة جدة الكفاءات الأكاديمية المتميزة والتخصصات التي يحتاجها سوق العمل وأن تعمل بخطة استراتيجية أكاديمية جديدة ومختلفة حتى تنجح وتتميز.