تتجه أنظار العالم غدا إلى مدينة أنطاليا التركية حيث تنعقد قمة مجموعة العشرين والتي تعتبر أكبر تجمع سياسي واقتصادي في العالم لبحث عدد من القضايا الاقتصادية وسبل دعم الاقتصاد العالمي وكيفية التعامل مع التحولات الاقتصادية العالمية وتعزيز الشراكة السياسية والاقتصادية بين الدول العشرين. وتشارك المملكة في الاجتماع الذي سيستمر لمدة يومين باعتبارها عضوا في هذا التجمع الاقتصادي السياسي العالمي. وأكد السفير السعودي لدى أنقرة عادل مرداد في حوار أجرته «عكاظ» أن عضوية المملكة في مجموعة العشرين تعطيها قوة سياسية واقتصادية، مؤكد أن الرياض تلعب دورا مؤثرا في صنع السياسات الاقتصادية العالمية. وتابع قائلا «مما لا شك فيه أن دور المملكة سيكون له أثر إيجابي وفعال في اجتماعات قمة العشرين الخامسة التي ستعقد في مدينة انطاليا التركية غدا»..
• تستضيف تركيا قمة دول العشرين والتي تشارك فيها المملكة الحريصة على دعم الاقتصاد العالمي باعتبارها الدولة العربية والإسلامية الوحيدة العضو في مجموعة العشرين.. كيف تنظرون الى أهمية مشاركة المملكة في القمة؟
•• في الحقيقة ان المملكة دولة تقوم على أسس اقتصادية وصناعية صلبة ونجحت في توجيه سياستها الاقتصادية من خلال الاستفادة من أصول أموالها واستثماراتها الموزعة في مختلف أنحاء العالم وحسن استثمارها لتلك الأموال باعتبار المملكة واحدة من أكبر الدول التي تمتلك احتياطيات نقدية في العالم.
وتأكيدا لهذا الدور ولمواقفها وقراراتها المعتدلة الاقتصادية الرشيدة التي تبنتها من خلال خططها التنموية الخمسية الشاملة المتتالية عبر العقود الماضية إضافة إلى ازدياد النمو المتوازن للنظام المصرفي السعودي فقد كانت المملكة من أوائل الدول المشاركة في اجتماعات قمم مجموعة العشرين حيث شاركت في القمة الأولى في واشنطن عام 2008م والثانية في لندن عام 2009م والثالثة في تورنتو عام 2010م حيث ترأس وفد المملكة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله وكذلك في اجتماعات القمة عام 2011م في كوريا الجنوبية وفي المكسيك عام 2012م وتوجت مشاركة المملكة في اجتماعات قمة العشرين التي عقدت في استراليا عام 2014م بترؤس وفد المملكة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله عندما كان وليا للعهد نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، هذه المشاركات جاءت كون المملكة مصدرا أساسيا للطاقة العالمية. وهذه العضوية تعطي للمملكة قوة سياسية واقتصادية تجعلها تلعب دورا مؤثرا في صنع السياسات الاقتصادية العالمية ومما لا شك فيه أن دور المملكة سيكون له أثر إيجابي وفعال في اجتماعات قمة العشرين الخامسة التي ستعقد في مدينة انطاليا التركية. وأشار إلى أن الحكومة التركية جندت كافة طاقاتها وهيأت كافة السبل اللوجستية والأمنية لإنجاح هذه القمة التي يتطلع إليها العالم وينتظر منها اتخاذ قرارات تصب في صالح تحريك الاقتصاد العالمي ووضع الرؤى الكفيلة بإنعاشه وبما ينعكس على التغلب على الصعوبات التي تعتريه. وهنا نص الحوار:
تحضيرات للقمة العشرينية
• ماهي الرؤية حيال اجتماعات قمة مجموعة العشرين الخامسة وترتيبات الحكومة التركية لإنجاحها؟
•• منذ أن أعلنت تركيا استضافتها لقمة مجموعة العشرين الخامسة جرت عدة اجتماعات لممثلي الدول الأعضاء في مختلف المجالات حيث عقدت اجتماعات لوزراء الزراعة ووزراء العمل ووزراء المالية ورؤساء ومحافظي البنوك المركزية ووزراء الطاقة ووزراء السياحة إضافة إلى مشاركات مؤسسات المجتمع المدني بإقامة ندوات حيال ما يهم قضايا دول المجموعة مثل شباب رواد الأعمال المرأة وقد كان للمملكة حضور ومشاركة في هذه الاجتماعات والندوات. وبالتأكيد فإن جدول أعمال القمة سيتناول هذه الموضاعات وسيكون للمملكة الدور الايجابي تجاهها.
أما فيما يتعلق بالترتيبات التي اتخذتها الحكومة التركية لاستضافتها لهذه القمة فقد جندت كافة طاقاتها وهيأت كافة السبل اللوجستية والأمنية لإنجاح هذا القمة التي يتطلع إليها العالم وينتظر منها اتخاذ قرارات تصب في صالح تحريك الاقتصاد العالمي ووضع الرؤى الكفيلة بإنعاشه وبما ينعكس على التغلب على الصعوبات التي تعتريه.
علاقات استراتيجية
• بداية كيف تنظرون للعلاقات السعودية التركية في جوانبها السياسية والاقتصادية وأهمية تطويرها مستقبلا؟
•• في الحقيقة انه منذ تولي حزب العدالة ومقاليد الحكم في تركيا عام 2002م شهدت العلاقات السعودية التركية تطورا وتقدما هاما وملحوظا على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية، هذه التطورات انعكست كثافة الزيارات المتبادلة بين المسؤولين في البلدين فزيارات الرئيس رجب طيب أردوغان إلى المملكة عندما كان رئيسا للوزراء أملتها التطورات السياسية الداخلية والخارجية لكلا البلدين ومواقفهما تجاهها سواء على المستوى الثنائي أو مايجري من أحداث في المنطقة عموما خاصة بعد ان قررت تركيا ممارسة سياسة خارجية نشيطة في جميع الاتجاهات وليس نحو الغرب فقط وأدى ذلك إلى تقارب البلدين في مواقفهما تجاه معظم القضايا الإقليمية والدولية.
ولقد شكلت زيارتا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله إلى الجمهورية التركية عامي 2006، 2007م نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين في كافة المجالات حيث وصفتها مختلف وسائل الإعلامالأجنبيةآنذاك أنها نقطة تحول تاريخية ليست بين تركيا والمملكة بل بين تركيا والعالم العربي، وخلال تلك الزيارتين تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات (اقتصادية أمنية عسكرية ثقافية سياحية).
وفي 10/7/1434هـ قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله (عندما كان وليا للعهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع) بزيارة رسمية إلى تركيا بدعوة من الرئيس التركي الأسبق عبدالله غل، حيث اكتسبت هذه الزيارة أهمية بالغة كونها جاءت في ظل ظروف إقليمية ودولية مضطربة وتم خلالها التوقيع على اتفاقية تعاون في مجال الصناعات العسكرية بين البلدين.
وفي 6/ابريل 2015م قام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف عندما كان ولي ولي العهد وزير الداخلية بزيارة الى تركيا وكان توقيتها مهما في ظل الأوضاع التي شهدتها المنطقة وفي إطار التشاور بين القيادتين في البلدين نحو تلك القضايا والعمل على حلها وعدم استمرارها.
ثم جاءت زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إلى المملكة للمشاركة والحضور في صلاة الجنازة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله حيث كان فخامته في زيارات خارجية لعدد من الدول الإفريقية وقطع تلك الزيارة وتوجه إلى المملكة لتقديم واجب العزاء لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ومشاركة المملكة في مصابها الجلل.
وفي شهر مارس 2015م قام فخامة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بزيارة الى المملكة حيث أدى مناسك العمرة والتقى مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله حيث تناولت تلك الزيارة الهامة بحث مختلف القضايا الثنائية والإقليمية والدولية التي تهم البلدين. وتلتقي تركيا حاليا مع المملكة في الكثير من هموم وقضايا المنطقة أكثر من أي وقت مضى، واستنادا إلى هذه المعطيات يمكننا القول ان العلاقات المميزة بين البلدين في جوانبها السياسية والاقتصادية والأمنية تكتسب أهمية ليس لمصلحة البلدين فقط وإنما لإرساء الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط كلها.
• ماهي المجالات التي تحتاج الى مزيد من الاستكشاف في جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين؟
زيادة التعاون الاقتصادي
•• في اعتقادي انه في ظل استيعاب التغيرات الجديدة في السياسة التركية بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في أغسطس 2014م والتي فاز فيها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بمنصب رئيس الجمهورية وفي ضوء ما اسفرت عنه الانتخابات البرلمانية التي جرت في تركيا في الأول من نوفمبر 2015م بفوز حزب العدالة والتنمية بأغلبية كبيرة تمكنه من تشكيل الحكومة بمفرده، فإن كلا البلدين بكل تأكيد سيحرصان على توثيق أواصر التعاون بينهما في كافة المجالات خاصة على المستوى الثنائي وعلى الأخص زيادة التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري وتشجيع الاستثمارات فيما بينهما لما يتمتع به البلدان من إمكانيات اقتصادية كبيرة تمكنهما من إتاحة الفرصة للقطاعين الحكومي والخاص لاستكشاف الفرص المتاحة. ولعله من المناسب هنا ان تكون هناك مبادرات فاعلة لتشجيع القطاع الخاص السعودي والتركي على مزيد من التواصل والتنسيق لتنمية العلاقات التجارية بين البلدين الشقيقين.
• كيف ترون دور المملكة وتركيا في إيجاد حلول لأزمات المنطقة؟
•• لاشك ان المملكة لها ثقل سياسي واقتصادي كبير يستند على ارثها ومواقفها الرصينة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز يرحمه الله ومن بعده أبناؤه الملوك رحمهم الله ثم إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عهد الحزم والعزم والأمل، وباعتبار المملكة مهبط الوحي وأرض الحرمين الشريفين التي تعتز بشرف خدمتهما.
ومن جانب آخر تحتل تركيا موقعا استراتيجيا بين أوروبا واسيا والشرق الأوسط فهي جارة لأكثر من دولة عربية وإسلامية، وبالتالي فإن كل هذه الحقائق تمكن البلدين ان يلعبا دورا رئيسا في محيطهما الإقليمي خاصة ان هناك تطابقا في وجهات النظر تجاه المواقف السياسية المختلفة (قضية فلسطين الأزمة السورية الوضع في اليمن والعراق ومكافحة الإرهاب).
• ماذا عن التعاون بين البلدين في اطار المنظمات الدولية؟
•• التعاون يأتي في إطار العلاقات الثنائية بين البلدين أو من خلال المنظمات الدولية (منظمة الأمم المتحدة منظمة التعاون الإسلامي الجامعة العربية مجلس التعاون لدول الخليج العربي). وأود الإشارة هنا إلى انه في إطار التعاون العربي التركي تم تأسيس منتدى التعاون العربي التركي على مستوى وزراء الخارجية بين تركيا ودول الجامعة العربية يعقد كل عام وعند الضرورة كما تم إنشاء مجموعة الحوار الاستراتيجي الذي يضم تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي الذي يجتمع بصفة دورية ومن خلال هذه القنوات وتأسيسا على العلاقات الثنائية المميزة بين البلدين فإن المملكة وتركيا دولتان ذواتا تأثير سياسي واقتصادي وثقافي كبير ومواقفهما المتطابقة ستنعكس بلا شك على حل العديد من القضايا التي تهم المنطقة.