-A +A
عبدالعزيز محمد النهاري
** يبدو، والله أعلم، أن جدة محظوظة كثيرا بإعلامها وأهلها وكتابها وصحفها وديوانياتها ومجالسها، فهي تقع في بؤرة اهتمامهم جميعا، وينظرون لها نظرة تنبع من حب قاتل وأعمى في نفس الوقت، فلا يعجبهم عجب ولا الصيام في رجب أو شعبان. بعض أهل جدة لديهم قناعة راسخة بأنها كانت تنافس «جنيف» أو «باريس» ولكن هناك من شوهها وعبث بها، ولذلك لم تنفع مليارات المليارات من الريالات التي أنفقت ولا تزال تنفق على المشروعات الكبيرة في تحسين صورتها لدى أهلها، رغم أن مشاريعها الخدمية تلاحق تمددها شمالا وجنوبا وشرقا. في الأسبوع الماضي هطلت أمطار على هذه المدينة، وقام الشرق الأوسط وربما العالم بمتابعة أخبار تلك الأمطار التي جفت على مراحل من المدينة ولم يبق منها غير تجمعات مياه في بعض الأحياء ربما تكون قد جفت أو هي في طريقها للجفاف. وقع هذه الأمطار التي انتهت، لا زال حتى اليوم محل اهتمام إعلامي، حتى كأن ما تعرضت له جدة «تسونامي» أكثر فتكا مما تعرضت له أندونيسيا.
عندما أقول إن جدة محظوظة أو لنقل «مشهورة» بين مدن المملكة والعالم، والحبة فيها تصبح «قبة»، فإني أقارنها بمدن بلادنا الأخرى، ومنها عاصمتنا الرياض، والتي تشهد أمطارا تملأ شوارعها، وتغلق بعض أنفاقها، ولا نسمع أو نقرأ أو نتابع عنها ولا حتى عشر ما تحدثه أمطار جدة من ردود فعل لا تتوقف حتى يمل الناس منها.

حقيقة، جدة شقية ببعض أهلها الذين يعجز فيها الناقد «الشبعان»، عن التنظيف أمام داره، أو حتى إصلاح جزء من الشارع الذي يقع عليه بيته. في الوقت الذي لا يتورع فيه أن يشكك في ذمة المسؤولين، وينال من جهد العاملين الذين أتمنى أن لا يلتفتوا إلى كل ما يقال عن جهودهم وأعمالهم، حتى لا يصابوا بالإحباط، أو حتى لا نصاب نحن بالإحباط، فالمسؤولون والموظفون هم نحن وأبناؤنا وإخواننا وأقاربنا.