-A +A
فؤاد مصطفى عزب
شيء عجيب!! لم أتوقع أن يحدث ما كتبته هنا يوم الأربعاء الماضي كل هذا التفاعل الإنساني والتجاوب في نفوس الناس. وبعض القراء ابتكر شيئا من الإسقاطات في المقال ربما لم أقصدها. وكما قال (طاغور): نحن نكتب والقراء يضعون المعاني، لفت انتباهي رسالة أحببت أن أشرككم إياها لعمقها ولخفة ظلها، وصلتني من قارئة طلبت مني ألا أشير لاسمها. لن أطيل عليكم حيث إنني أريد أن أترك كامل المساحة هذا الأسبوع لها.
تقول الرسالة: «الحديث عن المؤسسات الصحية الخاصة باب من يدخله ? يعود، فبعض هذه المؤسسات يبدو أن الفساد تحول فيها إلى فلسفة وتركيبة ومفهوم ونظام، وأنا أحد ضحايا هذا النوع من المؤسسات، حيث ضيق علي في رزقي ونكل بي في عملي، وأجبرت على الاستقالة من مدير غير محترف متواضع الفكر والمؤهل جل عمله إرضاء صاحب المؤسسة وعائلته والمتاجرة بإمكانيات المؤسسة لصالحة، ومن رأيي أنه آن الأوان لحملة تطهيرية مشابهة لتلك التي تم فيها تصحيح أوضاع العمالة المخالفة وببسالة من قبل الجهات المعنية فالمدير الجاهل عدو مبين!!، المهم يا دكتور إن كنت أوافقك فيما ذهبت إليه نحو هذه الفئة، إلا أنه أزعجني تحاملك على (الحمير)!! وأنا أكتب لك اليوم فقط إحقاقا للحق والحقيقة، وتصحيحا لاستخدامنا السلبي لهذا الوصف في تراثنا اللغوي المعاصر، فالحمار من المخلوقات التي أودعها الخالق جل شأنه العديد من الصفات التي ? تتوفر في غيره حتى في بعض البشرأ حيانا. فالحمار مثلا يتميز بحسن التقدير الذي ? يتمتع به كثير من عباد الله، فلو أنه يحمل حملا ثقيلا وواجهته قناة صغيرة ضيقة، ? يخاطر بالقفز فوقها وهو يرى أن هنالك احتمالا ضئيلا أن تخفق قفزته فيتعثر أو يقع حمله من على ظهره، بل يختار الحمار أن يمشي مسافة أطول وحمله على ظهره حتى يجد قنطرة يعبر من عليها حتى لو أشبعته ضربا، فلن يخاطر مخاطرة غير محسوبة. كذلك لو ذهبت بالحمار مشوارا، حفظ الطريق من أول مرة حتى ولو كان يسير في ظلام دامس، عرف بعد ذلك هدفه بسرعة. ويندر أن تجد حمارا يحيد عن هدفه الذي انطلق من أجله، وحتى أن تذهب به من طريق لآخر، تثور ثائرته ويصر أن يسير في الطريق الموصل إلى الهدف مباشرة، ولن تجد حمارا يرى أن الطريق إلى القدس يمر عبر الكويت مثلا!! كما أن الحمار لديه حكمة قد ? تتوفر عند بعض الناس، فيروى عند الأقدمون أن كل ما أكل منه الحمار أو شرب فهو غير ضار بالإنسان. فإذا حدث وضللت طريقك في متاهة، ثِق أن الحمار لن يأكل إ? نباتا غير سام، ولن يشرب إ? ماء غير ملوث. ونشاهد حالات وأعراضا كثيرة في غرف الطوارئ، ولكن قلما نجد حمارا مصابا بتسمم غذائي أو تلبك معوي! ثم إن الحمير ? تسير إ? في طريق آمن، وقد أدرك المجاهدون الأفغان هذه الميزة، فكانوا يتركون الحمير تسير أمامهم في الطريق الصحراوي للتأكد من خلوها من الألغام. ولن يسعني المجال لتعداد صفات الحمير، إ? أنني أكتفي بصفتين أخريين يندر أن تجدهما في أي مخلوقات أخرى، وهي أنك لو وضعت إناء صغيرا فيه بعض الحبوب أمام عدد من الحمير، فستجدها تأكل منه جميعا دون أن يزيح أحدهما الآخر. كذلك هناك اتفاقية شرف بينهما أن ? يضع الحمار أنفه في (خرج) الحمار الآخر، ونحن البشر نضع أيدينا ونقحم أنوفنا في مكاتب ومنازل وأدراج وجيوب غيرنا، ونحيك لهم الدسائس والمكايد لنستولي على ما لديهم ونزيحهم عن طريقنا، ثم ننكر ذلك. أتمنى يا دكتور ألا يجد هذا الموضوع طريقه للنشر، فقد يخطئ فهمه بعض البشر. عموما إن رأيت غير ذلك فلك كامل الحق في النشر ورزقك ورزقي على الله».

انتهت رسالة القارئة.. ما رأيكم؟!.