-A +A
محمد حسن أبوداود
صرح رئيس أحد المجالس البلدية بأن وزارة المالية وأرامكو يتحملان المسؤولية في غرق مدينته بالسيول. سلسلة القرار ما زالت تدور وتدور حول المشاكل بلا حل ولعقود. الأمل في الله ثم حكومة الحزم. لأننا اكتشفنا الكثير والكثير من القرارات او اللا قرارات او عدم تنفيذ قرارات في طريقة إدارة القرار. فعندما تحدث كارثة ويصدر قرار او تصدر تعليمات فمن تلك اللحظة الى ان يكون التنفيذ على ارض الواقع يقبع ما يسمى بالفعالية. وهي اسلوب سريان قرار او تعليمات وتحويله الى شيء ملموس.
افتراض المسؤول ان تعليماته تنفذ هو الشيء الطبيعي في المؤسسة الناجحة والتى تملك حرية القرار. لكن دوامة القطاع العام تكمن في ما يسمى بالبيروقراطية. وأول سبب للوم وزارة المالية بسيط وهو انها لا تعمل كما يعمل القطاع الخاص. وزارة المالية من اعقد الاليات وعندما تصدر تعليمات للمستمع البسيط يعتقد ان اي تعليمات تعني الان وان الامر انتهى والجميع يستطيعون الذهاب الى بيوتهم والنوم لان قرارا سينفذ من وزارة المالية. والواقع غير ذلك. هنالك اول عقبة تواجه كل موضوع يطرح بل وهذا ما لا يعيه الكثيرون هي ان تجد جهة متخصصة في الموضوع. طبعا في دول العالم الاول تفتح دليل او دفتر الهاتف او النت لتبحث عن افضل جهة متخصصة في المجال. اما في العالم الثالث فانت لا تعرف ماهية هذا المتخصص. والادهى ان الذي يبحث هو نفسه ليس مؤهلا للبحث عن المتخصص. وحينها تبدا في اول معضلة من يفهم في هذا الموضوع. وتبدا ثقافة محلية بحتة اسمعها على اعلى المستويات وهي اختراع محلي «هل تعرف لنا واحد متخصص في هذا الموضوع؟» وانا هنا لا أفكر حتى في الاستهزاء والعياذ بالله ولكني أقول الحقيقة.

وهنا تبدو الثقافة المحلية في اجمل صورها وهي القدرة على الفتوى في اي شيء. فتبدأ رحلة ثلاثة انواع من المفتين. اولا الانتهازي الذي يدلي بان الجهة الفلانية والتي له فيها مصلحة بأنها الأفضل والنوع الثاني المستمع ويقول سمعت ان الجهة الفلانية هي المتخصصة في هذا المجال، والثالث وهذه الضربة المميتة من يفتي بان التغيير مطلوب فلنستند على الخبرة المحلية ونشجع الجامعة في مدينتنا، والرابع ان يوكل البحث لجهة استشارية محلية. وهي مرحلة قبل مربع رقم واحد. ولكن عند تقديم الطلبات لوزارة يأتيها يوميا مئات الطلبات من جهات كلها مهمة وكلها تحمل توقيع شخصيات اكثر من مهمة. الجميع يتوقع ان الجالس على الصندوق يقوم فورا بالصرف والتعميد والموافقة. وهذا ليس صحيحا. بل لديه الية للصرف معقدة لحماية ما هو مسؤول عنه وهو المال العام. ولدى هذه الجهة إيمان تام بان المطلوب ليس ضروريا كما يلوح للطالب ولا يقع على رأس قائمة الاولويات للصرف. ويوجد أشخاص معمرون في الوزارة يعرفون شيئا اسمه الوقت والمال وان الاستعجال من الشيطان. وأنهم لو استجابوا بسرعة لكل طلب لما بقي لديهم مخزون اسمه النقد.
ويعاني بعض قاصدي وزارة المالية من الاحباط وله علاج اما الوزارة فلا تعاني من اي شيء فهو عمل وهم يحملون اي موضوع بمحمل الجد وعملت مع الكثير منهم. وهم اشبه بجنود الحراسات وعندهم الجميع مشتبه به حتى يثبت حاجته للمال الحقيقي. اما ان تحلم جهة وتفترض ان كل ما نريد يمكن الحصول عليه فهذا من سابع المستحيلات. والموضوع شيق ولنا عود اليه. وابتسامة الوزير لا تعني حصولك على اي شيء. لانه يبتسم للجميع فيعتقد المتفائل انه قد حصل على ما لم ينله الأوائل. ويكون الوزير قد استعمل ما يسمى بنظام النسب وقرر ان هذا الشيء سيحصل على عشرة بالمائة وهذا كثير. ويذهب المتفائل الى دائرته ويقول الوزير وعد خير. وهي لغة تعني لدي أولويات وسأعطيك 10 او 20 %‏ من طلبك لا غير. بينما المتلقي لا يعرف السبب في حرمانه. ويبتسم ونبتسم وكل ميزانية والجميع بخير.