-A +A
عزيزة المانع
غرد أحد المواطنين شاكيا من أنه حين كان يراجع الواجبات المدرسية لابنته الطالبة في المرحلة الابتدائية، فوجئ بأن أحد كتبها يطلب منها الرجوع إلى موقع بعينه على الإنترنت لتتمكن من حل الواجب. ومفاجأة هذا الوالد، لم تكن لأنه وجد طرق التدريس عندنا تطورت بهذه السرعة فصار الطلاب يدربون على كيفية البحث عن المعلومات بأنفسهم بدلا من تلقينهم إياها مباشرة، ولا لأن طرق التعليم صارت تحفزهم على استخدام مصادر المعرفة الحديثة، أو تعطيهم مساحة واسعة للتفكير والاستنتاج قبل الشروع في حل واجباتهم المدرسية، مفاجأة هذا الوالد كانت لإحالة ابنته إلى (موقع) يعرف عنه أنه مملوء بالأفكار المتشددة والمناهضة لما يحدث في المجتمع من تغييرات معاصرة. يقول في تغريدته:
«بكتاب بنتي واجب ص169 محال لموقع (...). بالموقع رؤوس مقطعة، المرأة في العقل الليبرالي، الصحوة، ومواضيع عن الإعلام، والغزو الفكري، والتعريض بنساء الشورى. هذا موقع يحيل إليه واجب بكتاب الطالب لبنات سادس ابتدائي، أي أنه معتمد لدى الوزارة».

بعد أن قرأت تلك التغريدة، زرت الموقع، فوجدت حقا طابعه العام، النقمة على عناصر التغيير الاجتماعي، ولكن أكثر من هذا وجدت أنه أحيانا ينشر بعض المقالات أو يعرض الكتب بطريقة قد تضر الشباب وتخالف سياسة الدولة، فهو مثلا يتضمن تحفيز الشباب على (الجهاد) وذلك كما جاء في عرض لكتاب بعنوان (هكذا ظهر جيل صلاح الدين) حيث أجمل الكلام عن الكتاب في استنتاج عام يتلخص في عبارة تقول: «ما نحتاجه هو قائد مسلم يستلهم روح الجهاد ويعبئ الصفوف».
هذا كل ما نحتاج إليه؟!!! أي أنه بإمكان أي وغد مثل البغدادي أن يدعي أنه ذلك القائد، كي ينجرف الشباب وراءه!!
وفي مقال بعنوان (أيقض (أيقظ) رجل الهيئة الذي بداخلك)، تحفيز للشباب على التطوع في العمل الاحتسابي، رغم أن المتطوعين للعمل الاحتسابي، لحداثة سنهم ونقص معرفتهم، يقعون أحيانا في تصرفات هوجاء تسيء إلى سمعة الهيئة وإلى العمل الاحتسابي نفسه. وفوق ذلك فيه حث للشباب على حضور مجلس أحد الشيوخ الذين اشتهروا بالتشدد وتعرضوا للمحاسبة والسجن بسبب دعواتهم التشددية.
وأسوأ من هذا كله أني وجدت مقالا بعنوان (مشاريعي وأفكاري الدعوية) شممت منه رائحة مشبوهة، فقد كانت كاتبة المقال تشير إلى مكان إقامتها باستخدام تعبير (ولايتي) بدلا من اسم المنطقة التي تعيش فيها أو المدينة أو المحافظة، وتتحدث عن الأماكن المجاورة لها باسم (الولايات)، فماذا يعني هذا؟
وعلى الإجمال، وجدت من بين ما ينشر، مقالات ركيكة في الصياغة، وتحتوي أخطاء إملائية، بالإضافة إلى ما فيها من فكر متشدد، فكيف يكون مثل هذا الموقع مرجعا (علميا) يحال إليه الطلاب؟ إن الموقع الذي يحال إليه الطلاب كبارا أو صغارا، يتوقع أن يكون موثوقا في معرفته، رفيعا في لغته، ناضجا في فكره، وليس موقعا لهواة موجهين ايديولوجيا، ما زالوا يتعثرون في معرفتهم ولغتهم وتفكيرهم.