أود التأكيد بداية أنني لا أهدف من مقال اليوم لمحاباة الأمير خالد الفيصل، فمثله لا يحتاج لمديحي لأن مواقفه تشهد له، ومثلي لا يحتاج للتملق لأنني أكتب فقط ابتغاء للمصلحة العامة، أما مناسبة هذا الحديث الآن فهو مضمون التصريح المهم الذي أدلى به الأمير مؤخرا؛ تعليقا على أداء بعض الأجهزة الخدمية في جدة، بعد الفوضى التي حدثت فيها نتيجة لهطول الأمطار الأخيرة عليها.
وخلافا لمضامين بعض الآراء الصحفية المنشورة في الأيام الماضية، كانت الشفافية هي أكثر ما استوقفني في تصريح الأمير خالد الفيصل حول مشكلة تصريف مياه الأمطار في جدة، ولاسيما حرصه على تسمية الأمور بأسمائها، وتأكيده على أن (أمانة جدة لم تنفذ مشاريع التصريف)، ويبدو جليا الآن أن ثمة سوء فهم شعبيا، وربما رسميا أيضا وراء ذلك، لأنه ينبغي أولا التفريق بين موضوعين متداخلين ومتشابهين ولكنهما مختلفان تماما، أولهما هو تصريف مياه الأمطار داخل المدينة، والآخر هو درء مخاطر السيول المنقولة إليها من الأودية.
وبعكس شفافية ووضوح حديث الأمير، فقد جاء (توضيح) الأمانة ضبابيا وغامضا، حيث أكدت فيه (عدم وجود دراسة «معتمدة» لمشروعات تصريف المياه في جدة، وأن الأمر لم يتجاوز مرحلة المقترحات)!، وفي تقديري فإن رد أمانة جدة غير مقنع، وكان أجدر بها أن تكون أكثر شفافية، خصوصا لو كانت هناك معوقات منعتها من تنفيذ مشروعات تصريف مياه الأمطار، وكما أن ردها افتقر للكثير من المعلومات الجوهرية، فإنه أثار عندي عددا من التساؤلات المهمة، من أبرزها ما يلي:
1- لماذا لم توضح الأمانة الجهة التي أعدت تلك الدراسات «غير المعتمدة»؟ وهل هي الأمانة نفسها؟ أم إمارة المنطقة؟ أو وزارة الشؤون البلدية والقروية؟
2- ما هي أسباب عدم تطوير تلك المقترحات أو الأفكار إلى دراسات (نهائية) لمشاريع متكاملة؛ بمخططاتها التفصيلية وميزانياتها المحددة؟
3- ما الذي تقصده الأمانة بقولها إن تلك الدراسات «غير معتمدة»؟، وهل يعني ذلك عدم اعتماد التمويل اللازم لتنفيذها؟، أم رفض المشروع ذاته لوجود ملاحظات فنية أو هندسية أو مالية عليه؟
أما لو أردنا تجاوز تلك الأسئلة، فإن عدم مبادرة الأمانة إلى تقديم تصوراتها وخططها لحل هذه المشكلة، هو تقصير بحد ذاته، لأن التعامل مع مياه الأمطار هو من صميم مسؤوليات أمانات المدن وبلدياتها، وليس من مهام إمارات المناطق، وكان يتعين على الأمانة عدم انتظار أية توجيهات أو مقترحات لكي تقوم بواجباتها (الرئيسية)، باعتبارها الجهاز الحكومي المعني بصفة مباشرة بالخدمات البلدية، خصوصا بعد غرق الأنفاق الجديدة التي بنتها الأمانة ولم توفق في تشغيل وصيانة مضخاتها وقت المطر!.
من جانب آخر، فإن التلميح إلى عدم اعتماد مخصصات مالية كافية؛ لو صح، هو تبرير غير مقبول لسببين هما:
أ- قيام الأمانة بإنفاق بعض ميزانيتها على مشاريع أقل أهمية لأهالي جدة، وكان الأجدر بها توجيه مواردها لمشروع صرف مياه الأمطار، بدلا عن تبذير نسبة منها على (مشاريع!) لا تمثل أولوية لنا، مثل تبديل الأرصفة (الجيدة)، بأخرى مرتفعة!؛ أسهمت في حجز المزيد من مياه المطر في الشوارع!
ب- حتى على افتراض شح الموارد، كان من واجب الأمانة الإعلان عن ذلك إعلاميا، إن لم يكن لديها ما تخشى نشره، وذلك لكي تنفي عن نفسها تهمة التقصير، ولأن من حقنا -كسكان جدة- أن نعرف الجهة التي قصرت في حمايتنا من أضرار مياه الأمطار، ولتعرف قيادتنا الرشيدة أيضا الجهة التي تعيق تمويل المشاريع الضرورية لحماية مدينة بأهمية ومكانة جدة.
وقد أحسن سمو الأمير بعرض مشكلة جدة مع الأمطار حيث قام بتشخيصها بشكل دقيق، وقسمها إلى شقين، الأول وهو الأكثر خطورة، تم حله بكفاءة عالية والمتمثل في السيول التي تداهم جدة من الأودية، حيث نجحت إمارة مكة في تحييد هذا الخطر، بإشرافها المباشر والفعال على تنفيذ شركة أرامكو لمنظومة من السدود الجديدة، وهو ما أدى لإنقاذ المدينة من كارثة جسيمة، ربما لا تقل خطورة عن كارثة سيول 2009؛ كان يمكن أن تتسبب بها نحو 50 مليون متر مكعب من مياه السيول التي تم احتجازها خلف السدود، وتوجيهها إلى البحر مباشرة.
أما الشق الثاني في حديث الأمير فدار حول غياب شبكة حديثة لتصريف مياه الأمطار والمياه السطحية بجدة، فطوال العقود الماضية لم تتم تغطية سوى نحو ثلث المدينة فقط بالشبكة المطلوبة.
وفي ضوء ما تقدم، وبعد توضيح الأمانة المخيب للآمال، فإن الأمل معقود على حكمة وحزم سمو الأمير خالد الفيصل، ونهجه الإداري المتميز، باعتباره أحد أكفأ الحكام الإداريين الذين شهدتهم منطقة مكة المكرمة، في إطلاق مبادرة كبيرة، ينتظرها أهالي جدة وزوارها، وتستهدف وضع حد لمشكلة قصور شبكة صرف مياه الأمطار، ولعل هذا هو تحديدا ما قصده الأمير في إشارته لدور كل من وزارة المالية ووزارة الشؤون البلدية والقروية في استكمال مشاريع تصريف المياه بجدة، لأنه بدون التمويل الكافي، والتخطيط الجيد، والتنفيذ المتقن والسريع، لا يمكن أن يخرج هذا المشروع الحيوي إلى حيز التنفيذ وستستمر معاناة أهالي جدة من هذه المشكلة المزمنة والمخجلة.
وخلافا لمضامين بعض الآراء الصحفية المنشورة في الأيام الماضية، كانت الشفافية هي أكثر ما استوقفني في تصريح الأمير خالد الفيصل حول مشكلة تصريف مياه الأمطار في جدة، ولاسيما حرصه على تسمية الأمور بأسمائها، وتأكيده على أن (أمانة جدة لم تنفذ مشاريع التصريف)، ويبدو جليا الآن أن ثمة سوء فهم شعبيا، وربما رسميا أيضا وراء ذلك، لأنه ينبغي أولا التفريق بين موضوعين متداخلين ومتشابهين ولكنهما مختلفان تماما، أولهما هو تصريف مياه الأمطار داخل المدينة، والآخر هو درء مخاطر السيول المنقولة إليها من الأودية.
وبعكس شفافية ووضوح حديث الأمير، فقد جاء (توضيح) الأمانة ضبابيا وغامضا، حيث أكدت فيه (عدم وجود دراسة «معتمدة» لمشروعات تصريف المياه في جدة، وأن الأمر لم يتجاوز مرحلة المقترحات)!، وفي تقديري فإن رد أمانة جدة غير مقنع، وكان أجدر بها أن تكون أكثر شفافية، خصوصا لو كانت هناك معوقات منعتها من تنفيذ مشروعات تصريف مياه الأمطار، وكما أن ردها افتقر للكثير من المعلومات الجوهرية، فإنه أثار عندي عددا من التساؤلات المهمة، من أبرزها ما يلي:
1- لماذا لم توضح الأمانة الجهة التي أعدت تلك الدراسات «غير المعتمدة»؟ وهل هي الأمانة نفسها؟ أم إمارة المنطقة؟ أو وزارة الشؤون البلدية والقروية؟
2- ما هي أسباب عدم تطوير تلك المقترحات أو الأفكار إلى دراسات (نهائية) لمشاريع متكاملة؛ بمخططاتها التفصيلية وميزانياتها المحددة؟
3- ما الذي تقصده الأمانة بقولها إن تلك الدراسات «غير معتمدة»؟، وهل يعني ذلك عدم اعتماد التمويل اللازم لتنفيذها؟، أم رفض المشروع ذاته لوجود ملاحظات فنية أو هندسية أو مالية عليه؟
أما لو أردنا تجاوز تلك الأسئلة، فإن عدم مبادرة الأمانة إلى تقديم تصوراتها وخططها لحل هذه المشكلة، هو تقصير بحد ذاته، لأن التعامل مع مياه الأمطار هو من صميم مسؤوليات أمانات المدن وبلدياتها، وليس من مهام إمارات المناطق، وكان يتعين على الأمانة عدم انتظار أية توجيهات أو مقترحات لكي تقوم بواجباتها (الرئيسية)، باعتبارها الجهاز الحكومي المعني بصفة مباشرة بالخدمات البلدية، خصوصا بعد غرق الأنفاق الجديدة التي بنتها الأمانة ولم توفق في تشغيل وصيانة مضخاتها وقت المطر!.
من جانب آخر، فإن التلميح إلى عدم اعتماد مخصصات مالية كافية؛ لو صح، هو تبرير غير مقبول لسببين هما:
أ- قيام الأمانة بإنفاق بعض ميزانيتها على مشاريع أقل أهمية لأهالي جدة، وكان الأجدر بها توجيه مواردها لمشروع صرف مياه الأمطار، بدلا عن تبذير نسبة منها على (مشاريع!) لا تمثل أولوية لنا، مثل تبديل الأرصفة (الجيدة)، بأخرى مرتفعة!؛ أسهمت في حجز المزيد من مياه المطر في الشوارع!
ب- حتى على افتراض شح الموارد، كان من واجب الأمانة الإعلان عن ذلك إعلاميا، إن لم يكن لديها ما تخشى نشره، وذلك لكي تنفي عن نفسها تهمة التقصير، ولأن من حقنا -كسكان جدة- أن نعرف الجهة التي قصرت في حمايتنا من أضرار مياه الأمطار، ولتعرف قيادتنا الرشيدة أيضا الجهة التي تعيق تمويل المشاريع الضرورية لحماية مدينة بأهمية ومكانة جدة.
وقد أحسن سمو الأمير بعرض مشكلة جدة مع الأمطار حيث قام بتشخيصها بشكل دقيق، وقسمها إلى شقين، الأول وهو الأكثر خطورة، تم حله بكفاءة عالية والمتمثل في السيول التي تداهم جدة من الأودية، حيث نجحت إمارة مكة في تحييد هذا الخطر، بإشرافها المباشر والفعال على تنفيذ شركة أرامكو لمنظومة من السدود الجديدة، وهو ما أدى لإنقاذ المدينة من كارثة جسيمة، ربما لا تقل خطورة عن كارثة سيول 2009؛ كان يمكن أن تتسبب بها نحو 50 مليون متر مكعب من مياه السيول التي تم احتجازها خلف السدود، وتوجيهها إلى البحر مباشرة.
أما الشق الثاني في حديث الأمير فدار حول غياب شبكة حديثة لتصريف مياه الأمطار والمياه السطحية بجدة، فطوال العقود الماضية لم تتم تغطية سوى نحو ثلث المدينة فقط بالشبكة المطلوبة.
وفي ضوء ما تقدم، وبعد توضيح الأمانة المخيب للآمال، فإن الأمل معقود على حكمة وحزم سمو الأمير خالد الفيصل، ونهجه الإداري المتميز، باعتباره أحد أكفأ الحكام الإداريين الذين شهدتهم منطقة مكة المكرمة، في إطلاق مبادرة كبيرة، ينتظرها أهالي جدة وزوارها، وتستهدف وضع حد لمشكلة قصور شبكة صرف مياه الأمطار، ولعل هذا هو تحديدا ما قصده الأمير في إشارته لدور كل من وزارة المالية ووزارة الشؤون البلدية والقروية في استكمال مشاريع تصريف المياه بجدة، لأنه بدون التمويل الكافي، والتخطيط الجيد، والتنفيذ المتقن والسريع، لا يمكن أن يخرج هذا المشروع الحيوي إلى حيز التنفيذ وستستمر معاناة أهالي جدة من هذه المشكلة المزمنة والمخجلة.