-A +A
عبدالعزيز محمد النهاري
من الأعمال الإعلامية الناجحة، تلك الحلقات الثلاث التي بثتها «العربية» عن «كيف واجهت السعودية القاعدة»، وهو جهد توثيقي متكامل العناصر، اعتمد فيه على ما يسمى في لغة العلم بـ «البحث العلمي»، وهو المنهج الذي لا يرتبط بمجال معين او بتخصص محدد، وكلما كان دقيقا وموثقا، تزيد فرصة نجاحه، وهذا ما حدث في حلقات «العربية» التي حصدت على مشاهدات الملايين، واتمنى أن يترجم الى لغات العالم الحية، ليتعرف العالم على الريادة السعودية في مكافحة الإرهاب بجميع صوره. وحقيقة نحتاج الى مثل هذه البرامج الوثائقية المعتمدة على البحث العلمي في تسجيل أعمال ريادية سعودية ليس في مجال الأمن فحسب بل في مجالات عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر الاقتصادية والتعليمية والطبية. غير أنه ومع ايماننا بأهمية البحث العلمي الذي أخرج برنامجا وثائقيا مثل «كيف واجهت السعودية القاعدة» لا بد أن نعترف بأنه ليس لدينا مركز وطني للأبحاث العلمية، وفي ظل هذه الحقيقة، فإنه يصعب عرض ومعرفة وتوثيق وقياس أي ظاهرة أو حالة عاشتها او تعيشها بلادنا، كما أنه يصعب تنظيم موضوعات الأبحاث العلمية من أي جهة تعليمية او تخصصية نظرا لعدم وجود مرجعية للموضوعات البحثية، مما يجعل الباحثين يكررون أبحاثهم ودراساتهم دون رابط بين تلك الأبحاث التي قد تستغرق وقتا كان يمكن الاستفادة منه في إخراج ابحاث أصيلة وجديدة ومبتكرة.
وأذكر عندما كنت أخدم في الصحافة أننا احتفينا بخبر إقرار «إنشاء مركز وطني للبحث العلمي» جاءنا من الشورى وكان سبقا صحفيا نزعم بأن «عكاظ» سجلته وقتها وكتب كمانشيت رئيسي بالخط الأحمر وعلى ثمانية أعمدة في الصفحة الأولى، وكمنتم الى المجتمع الجامعي وضمن زملاء كنا نقوم بشرف تدريس مادة «البحث العلمي» وهو متطلب أساسي لأي طالب جامعي مهما كان تخصصه، سعدت بذلك الخبر الذي مضى على نشره أكثر من عشر سنوات، وظل مشروعا للشورى لم ير النور حتى اليوم، وربما يكون مجرد دراسة وضعت على الرفوف ضمن ملفات وأضابير قد تضم مئات الآلاف من الأبحاث العلمية التي صرفت عليها العديد من الجهات وقتا وجهدا، ومن المال ما الله به عليم.

أقسم بأن البحث العلمي ليس خسارة، حتى وإن انفقت عليه المليارات، فهو البوابة التي تفتح لنا مستقبلا زاهرا مبنيا على العلم وليس الارتجال، وهو ما سيوفر أي هدر في المال العام او الخاص، فهل نرى قريبا مركزا تنضوي تحته كل جهودنا البحثية العلمية ؟