-A +A
حمود أبو طالب
مهما كانت محاولات التقليل من أهمية دورها أو تشويهه أو حتى الحديث بعكس حقيقته في بعض وسائل الإعلام العربية والغربية التي اعتادت على بيع وشراء المواقف بجاهزية دائمة وفي أي اتجاه، مهما كانت فإن الرياض هي الآن دون منازع ولا منافس العاصمة التي تبحث وتعمل بإخلاص واقتدار وإصرار على حماية الوجود والوجدان والتاريخ العربي من خطر الانهيار الذي بدأ يجتاحه وفق مخطط رهيب نسجته وتداخلت فيه قوى تبدو ظاهرا متضادة في أهدافها لكنها في حقيقتها تخدم هدفا واحدا أصبح مكشوفا ومفضوحا ولم يعد سهلا إنكاره، هو تكريس الفوضى الدائمة وتحويل كل أجزاء الساحة العربية إلى شتات يستحيل تجميعه مرة أخرى أو حتى الحفاظ على بقاياه.
وامتدادا للدبلوماسية السعودية في مرحلتها الراهنة التي فرضت عليها القيام بدور تاريخي مصيري، استضافت الرياض قبل يومين حدثين استقطبا أنظار العالم الذي لا يريد بعضه نجاحهما، الأول هو اجتماع فصائل المعارضة السورية، والثاني اجتماع القمة الخليجية. الشعب السوري ببقايا الحريصين على بقاياه لم يجدوا في النهاية غير المخلصين لقضيتهم الذين لا يزايدون ولا يتاجرون بها ولا يوظفوها لغايات غير نزيهة، لم يجدوا غير الرياض تفتح قلبها وعقلها وتسخر إمكاناتها من أجل سوريا والشعب السوري الذي لم يبق أحد ولم تبق جهة لم تزايد عليه، وبالتأكيد لن تكون المسألة سهلة بعد كل التعقيد الذي مرت به لكن عندما تخلص النوايا والأعمال فلابد في النهاية من فرج.

أما مجلس التعاون الخليجي، فبرغم كل الملاحظات عليه وطموحات الشعوب التي لم يصل إليها، إلا أنه يكاد يكون الآن الكيان الوحيد المتماسك الذي لابد له من استشعار خطورة المرحلة والنهوض بواجباته حيالها دون تسويف أو تردد.
محاولات زعزعة الدول الخليجية لإلحاقها بركب الفوضى لن تتوقف، وجهات كثيرة تعمل على ذلك إما مباشرة أو عن طريق وكلائها، وهنا تصبح القضية وجودية ومصيرية، إما مواجهتها بكل قوة وحزم وحسم وإما الضياع والشتات والندم حين لا ينفع الندم.