-A +A
عبدالعزيز محمد النهاري
في جدة.. العروس الجميلة التي يحبها كل من شاهدها، ويقصدها ملايين الزائرين والسواح، ويُفتن بها الجميع ما عدا أهلها، وحتى لا أكون متجنيا أقول «بعض أهلها» وأقصد أولئك الذين يعشقون جلدها بألسنتهم وأقلامهم، فلا يرون فيها جميلا، حتى وإن كان هناك ما يُجمع الكثرة على روعته وجودته من جماد يُرى أو عمل يُنفذ، أو خدمة تُؤدى.
تصوروا أن يسكن جدة قرابة أربعة ملايين نسمة، نصفهم من غير المواطنين الذين منهم الإخوة البنجاليون الذين يسيطرون على حلقة الخضار، وسوق جنوب المصفاة و90 % من البقالات ومحلات التجزئة في أغلب الأسواق الشعبية وفي العديد من ورش الحدادة التي تحتل شمال جدة فيما يعرف بــ «الصناعية».. لنترك هذا النصف ونتجه إلى المواطنين الذين نفترض أن نصفهم لا يتعاطون مع الشأن العام، ولا يهتمون به، بينما النصف الآخر من السكان الذين قد نحصيهم جزافا بمليون نسمة من المتعلمين العاملين في نشاطات متعددة وغالبيتهم من حملة الشهادات الجامعية، وممن يعرفون على الأقل ما لهم وما عليهم، ولنفترض أيضا أن ربع هؤلاء من النخبة والصفوة المتنورين ممن ينادون بمشاركة المواطنين في التخطيط والتنمية، وبمساهمة المرأة في الشأن العام، وعدم إبقائها كنصف معطل في مجتمعنا، ينادون بذلك من خلال المجالس والمنابر والأعلام على تنوع وسائله ووسائل الاتصال على تعددها.

هذه النخبة ولنقل أن عددهم لا يتجاوز 250 ألفا، وهو عدد لا يليق بمدينة مثل جدة تحتضن قرابة سبع جامعات وعشرات الكليات والمؤسسات الثقافية والتعليمية والاقتصادية، كان أولئك وبدون شك يتابعون بحكم ثقافتهم واطلاعهم وانشغالهم بالشأن العام الأخبار والتقارير الإعلامية والحملات الإعلانية التي تحث على المشاركة في اتخاذ القرار من خلال المجالس البلدية التي يختارون من يمثلهم فيها، ضمن إطار ممارسة حضارية، أعتقد بأنها وفي دورتها الثالثة وبعد تطوير نظامها، والسماح للمرأة بالمشاركة فيها، ومنحها العديد من الصلاحيات، أصبحت أكثر نضجا وأقوى تأثيراً.
هذه الصفوة من المواطنين سكان جدة، جلسوا في بيوتهم يوم السبت الماضي وهو يوم انتخاب أعضاء المجلس البلدي ولم يخرج منهم إلى دوائر الانتخاب العشر بمراكزها التي انتشرت في كل الأحياء، غير قرابة 6697 ناخبا منهم 876 سيدة وهم يمثلون 12 % من الناخبين المسجلين من قبل اثني عشر عاما وحتى اليوم وعددهم الإجمالي 55098 ناخبا وناخبة، فأين أهل جدة ونخبها ومثقفيها والمتنورين فيها من هذا المشهد الحضاري الذي كان يجب أن يتساووا فيه مع المواطنين في المدن والمراكز والقرى التي وصلت مشاركتهم في هذا الحدث الوطني إلى نسب تخطت 40 %.
لا أنسى أن اذكر بأن لسان حال بعض الذين لم يشاركوا في العملية الانتخابية هو «وماذا فعلت المجالس البلدية؟» وهو انطباع ليس دقيقا وغير موثق، ومع ذلك، وحتى وإن لم تفعل من قبل شيئا، فلتفعله أنت بمشاركتك واختيار من يمثلك.