-A +A
أحلام محمد علاقي
أذكر حينما كنت أعيش ببريطانيا أن بعض من قابلت من البريطانيين وخاصة الرجال منهم يتندرون على المشاجرات النسائية حينما يشهدونها ويرددون كلمة «مياو» في ذلك الموقف لتشبيه النساء بالقطط حينما تتعارك!
طبعا هذا خطاب بترياركي متعجرف وكان يضايقني كثيرا فأقول لهم عيب أن يقولوا ذلك وهم يعيشون في بريطانيا البلد الراقي الذي تحكمه ملكة «امرأة»! ولكن طبعا كان الرد دائما بأن النسوان حينما يتعاركن «فيا لطيف».

ورغم أنني من أكثر المؤمنين بقدرات المرأة على الإبداع والصبر والتضحية والجمع بين المهمات وغيرها من جمائل الخصال، إلا أن التجربة للأسف علمتني بأن بعض النساء (ولو كن قلة) هداهن الله يساهمن بقوة في تعزيز هذا الكليشيه وتعميمه، وطبعا صورة المرأة أصلا مهزوزة بتاريخ قرون من الهيمنة الذكورية فتتعاظم المشكلة وهذا شيء مؤسف.
ويظهر هذا واضحا في المواقع «النسائية البحتة» سواء اجتماعيا أو وظيفيا. فأجد بعض النساء يتدخلن في ما لا يعنيهن ويكدن لبعضهن وينتقدن ويعقدن المقارنات مما يدل على الفضاوة. وأنا بدوري أنصح أي إنسان رجلا أم امرأة يجد نفسه في وضعية التفرغ لمراقبة الناس أن يخلق لنفسه حياة فيبحث عن وظيفة أو هواية أو عمل تطوعي. فنحن في القرن الواحد والعشرين ويجب علينا مواكبة العصر وتطوير الذات.
فمثلا ،حسب تجربتي، حينما يكون المجتمع الوظيفي نسائيا خالصا نجد أمورا مؤسفة فمثلا يكون هناك فريق من الصديقات يتحيزن لبعضهن وبكل وضوح فيسهلن امورهن بينهن ويعطين امتيازات اكثر للصديقات بل ويخبئن في الأدراج ما يردن لتعقيد امور من لا تعجبهن لسبب او آخر. بالتأكيد يحدث المثل بمجتمع الرجال الوظيفي ولكن لا أعرف اذا ما كانت السيناريوهات والدسائس بهذا الاستفزاز.
كنت أعمل فترة في مجال نسائي بحت وكانت الموظفات يجمعن أموالا من الموظفات الأخريات لأهداف انسانية مثل مساعدة الخالة المسؤولة عن القهوة والشاي. شيء رائع. ولكن كانت هناك بنود أخرى أيضا لجمع الأموال «بتكرار»: ففلانة خطبت أو تزوجت أو ولدت أو انتقلت لبيت جديد ونريد أن نشتري لها هدية ويضطر الجميع للمساهمة ولو لم تكن المعنية صديقة مقربة لهن وهذا فيه ظلم واحراج لمن لا تسمح لها ظروفها. فليست كل موظفة تعمل لتتسلى بل هناك الأرامل والمطلقات والمسؤولات عن عوائل واقتطاع المئات من رواتبهن لشراء «كولييه ألماس» لزميلة تصرف ظالم. والهدية طبعا ليست متساوية للجميع! فيرتفع سعرها بقدر غلاوة المهدى اليها وتفرض صديقاتها على الجميع الدفع «للتمنظر» والمسكينة التي لا تدفع ستقابل بنظرات الإنكار بل والسخرية كما شهدت. وذات مرة تزوجت صديقة فاشتريت لها هدية ثمينة لوحدي كنت اعرف بأنها تحتاجها، واعتذرت عن الاشتراك بالهدية الجماعية فقالت لي من كانت تجمع المبالغ بأنني أكيد اريد ان اوفر واشتري هدية أرخص! كيف يمكن أن يرد الإنسان على نوعية البشر هذه دون أن يهبط للقاع وطبعا التزمت الصمت والبحلقة بذهول.
وكانت لنا زميلة آنسة لم تتزوج وكانت تشارك فتدفع لجميع الهدايا من خطوبات وزواجات وولادات وتبريكات على منازل، ولم يهدها أحد أي هدية أبدا وهي صامتة وكانت محترمة في حالها فلذا لم تكن لها شعبية كبيرة فهي غير مسلية بنظر البعض. وحينما حصلت هذه الزميلة على شهادة علمية توقعت ان يجمعن لها كالعادة ولكن الجميع «طنش» وحينما ذكرتهن تهربت الكثيرات وجدتني من القليلات اللواتي اهدينها لرد جمائلها ولو أنها لم تهدني أنا شخصيا ولكن شوية ذوق ياجماعة.
واجتماعيا نرى تصرفات نسائية أحيانا تناقض الخلق الإسلامي حتى ممن يدعين التدين وكأن التدين مظاهر فقط. فبعض القريبات والصديقات يلكن سيرة بعضهن ويرمين الكلام المسموم غيبة ونميمة واستحقارا وشماتة، وبعض أهل الزوج يحقدن ويكدن لزوجات ابنائهن ويعادينهن بلا سبب، أو العكس فتجد نساء يتسببن بقطيعة بين الزوج وأهله، ورأيت من تصلي التراويح في المسجد يوميا وتقاطع أم زوجها بالسنوات وهما في نفس العمارة بحجة «بدي العلاقات تكون رسمية!» والسلايف يغرن من بعضهن ويتفرغن للمقارنات والجارات يتجسسن ويتابعن مشتروات جاراتهن من «العين السحرية».
أقول هذا بعدما شهدت مقاطع كيدية لا نهائية بين قطط بشرية وابشركم فأنا دائما اخرج من المعارك بخدوش بسيطة ولله الحمد فسياستي الصمت والبحلقة ولا اقول إلا: «مياو»!