-A +A
عبدالمحسن هلال
تفاعلا مع قرار البنك المركزي الأمريكي رفع سعر الفائدة، أحسنت صنعا مؤسسة النقد، ولا أدري لم لا نقول بنكنا المركزي والبنوك حولنا تملأ الرحب، برفع معدل اتفاقات الشراء المعاكس (الريبو العكسي وهو أداة للتغلب على أزمات نقص السيولة) لحماية سعر الريال، لكن الخشية أن لا يكفي ذلك لمواجهة تبعات القرار الأمريكي، ولعله يعيد فتح ملف علاقة الريال بالدولار تحسبا للمستقبل وإرهاصات دخول الاقتصاد الأمريكي مرحلة كساد قد تطول.
القرار يعتبر تشجيعا للبنوك لشراء السندات الحكومية وتعويضها بتوفير سيولة أكبر، وهو إجراء مرحلي حتى يستقر سوق النفط وتعاد صياغة أولوياتنا التنموية، لكنه يتطلب عدة إجراءات لتجنب أثاره الجانبية. أكثر المتضررين من القرار سوق الأسهم وحجم التداول وعلاقة ذلك بالمؤشرات العالمية وأسواق المال، فإن قلنا هو الغريق فما خوفه من البلل، يأتي متضرر آخر أشد قسوة، سعر النفط، فهل سنقول هنا زاد ضغثا على إبالة. لندع الحديث عن تأثر معدل التضخم لفرصة أخرى، مع شكي الكبير في إمكانية استفادة المستهلك النهائي من انخفاض أسعار السلع والواردات خارج منطقة الدولار، أثبت تجارنا قدرتهم الدائمة في عكس كل توقعات انخفاض السعر عالميا، حتى صارت واحدة من خصوصياتنا التي نفاخر بها، كمثال انخفاض اليورو اليومين الماضيين أمام الريال لمستوى 4,052 (عكاظ، أمس الأحد) لا أعتقد أنه سيؤثر في أسواقنا.

سيسهم قرار مؤسسة النقد في زيادة قدرة بنوكنا المحلية على الإقراض، فإذا اتفقنا أن شراء هذه البنوك للسندات الحكومية يعتبر استثمارا له مردود سنجد أنها تكسب في الحالين، استثمارا آمنا مع الحكومة وإقراضا للمواطنين بتسهيلات حكومية، وبعيدا عن حديث الالتزامات الاجتماعية للبنوك، يتطلب القرار خفض معدل الفائدة لصالح المقترضين، ولتنعيم سن المنشار الذي يأكل في الاتجاهين. والمؤسسة مدعوة لرعاية مصالح المواطنين كما ترعى مصالح البنوك، فهي تمثل الجانبين، بل المفترض أنها تحمي الجانب الأضعف وهو المقترض المحتاج لا البنك القادر.
أما بالنسبة للسيولة، فهي متوفرة وبكثرة بانتظار أوعية استثمارية آمنة، فهي إما مجمدة «تحت البلاطة» أو في حسابات ادخار خشية الربا، هي مدخرات المعلمين والمعلمات والمتقاعدين والمتقاعدات من القطاعين العام والخاص، ومن بعض الأثرياء القانعين، وكثيرين آخرين يفتقدون البيئة الاستثمارية الآمنة التي لا توفرها البنوك، فلم لا ننشئ شركات استثمار للعامة بضمانة حكومية تشجع كل هؤلاء لتشغيل أموالهم بطرق حلال ومضمونة، وقد يتاح لبعض هذه الشركات شراء سندات الحكومة باسم أصحابها فتكون عونا للطرفين.