جدة غير كما قال طلال حمزة.. وهي غير عبر السنوات الموغلة في التاريخ، حتى إذ استوطناها أحسسنا بأنها كذلك، وأي تظاهرة تقام في جدة تكتسب توهجا مغايرا، ولأن الأمكنة شخصية تتمايز عن بقية الأماكن، فعروس البحر الأحمر لها عبقرية مكانية، تتعدد عناصر تلك العبقرية وتظهر جلية من خلال أسمائها المتعددة، وقد يكون (بوابة الحرمين) إشارة تأكيد بأنها مصب كل الثقافات والفنون والأعراق واللهجات، هذا الوعاء التاريخي يزدان بكل مظهر ثقافي كون الجميع يكون مشاركا، والمشاركة هنا هي فيض ثقافي من كل الأعراق التي تمددت جذورها في تربة جدة.
لن أقف لو كان الموضوع مقتصرا على مدينة جدة.. ولأنني ميال للحديث عن معرض الكتاب الذي حقق نجاحا باهرا ليؤكد أن جدة غير.
وعودة معرض الكتاب هي إرادة شعبية وجدت الأذن المصغية لكي تتكامل نهضة جدة في جوانبها المختلفة ومشاريعها المتعددة، وكانت مطالبة الأمير خالد الفيصل للوصول إلى المجتمع الأول لم تكن لتحدث أي تقدم للمراكز المتقدمة في سلم المجتمعات ما لم تتم صياغة الإنسان معرفيا، والكتاب إحدى الوسائل لرقي الفكر والسلوك والإنتاج.
كانت عشرة أيام مبهجة حيث تمددت الثقافة على الشاطئ لتجمع بين أمواجه وزرقته فرحة كانت منسية، فانشغلت المدينة بفرحتها، لتتذكر بذلك الغزل الذي صاغه حمزة شحاتة في مدينته، حين كتب لها قصيدة في غاية الروعة.. (النهى بين شاطئيك غريق * والهوى فيك حالم لا يفيق)..
كانت عشرة أيام متسقة في أفراحها من غير إثارات متكررة -كما كان حادثا في مواقع أخرى- فقد التزم الجميع بإظهار تلك التظاهرة الثقافية كما يجب أن تكون.
هذا النجاح لم يكن ليحدث لولا أن جهودا جبارة واهتماما مكثفا كانا خلف تسيير المعرض في الوجهة التي رسمت له.
نجاح معرض الكتاب في جدة يستوجب شكر كل القائمين على إظهاره بذلك المظهر الراقي، وأول من ترفع له التحية لنجاح المعرض هو الأمير الشاعر خالد الفيصل الذي أضاف لمجده الثقافي نجاح العديد من التظاهرات الثقافية، فالثقافة ليست فعلا إبداعيا وحسب، بل إدارة الثقافة تعد دورا ثقافيا مهما..
كما جند محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد جهود كل المرافق لإعطاء المهرجان قوة إضافية من النجاح.. وتوالت أدوار المرافق في هذا النجاح كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووزارة الثقافة والإعلام والبريد ورجال المرور.
وفي ظل ذلك النجاح ظلت ثمة ملاحظات لازمت المعرض كصورة سلبية في جانبها التنظيمي قد يكون أهمها وجود أشخاص قليلي الإدراك بالأهمية الثقافية لهذا المحفل، فهم موظفون لا يميزهم شيء، ربما يكونون جيدين في وظائفهم، لكن حضورهم في محفل ثقافي كان عبئا، وفي مناسبات كثيرة تحدثنا عن ضرورة تطعيم اللجنة المنظمة بكتّاب أو محرري الصفحات الثقافية فلهم دراية بالشخصيات الثقافية، ليس من أجل التميز وإنما إعطاء الناس أقدارهم بدلا من أن يأتيك موظف ليس له من الأمر شيء سوى الصراخ..
وقد أحسنت الجهة المنظمة في اختيار المكان، إذ مثل بعدا جماليا، ولو تم استغلاله استغلالا ثقافيا لكان من الممكن أن يسهم بإضافة جماليات ثقافية، فلو تم إعطاء المساحات المطلة على البحر للفرق الشعبية بأغانيها وألعابها المتنوعة، ولو أقيمت حفلات غنائية في تلك المساحات التي تواجد فيها الجمهور لربما حفز المعرض بقية المدن على استعارة تجربة معرض جدة..
وربما كان الوقت قصيرا على الجهة المنظمة لكي تتدارك بعض الهفوات، كبعد المسجد وكذلك بعد المرافق العامة وانحصار بوابة الدخول، بحيث تحولت إلى طوابير طويلة، وعدم إيجاد عربات نقل داخل المعرض مما أنهك المشترين بحمل كتبهم وصولا إلى خارج المعرض..
هذه الهنات لا تحتسب أبدا في ظل المجهودات الرائعة التي خرج بها مهرجان جدة للكتاب.. ولأنها جدة مازلنا نردد في هواها:
النهى بين شاطئيك غريق
والهوى فيك حالم لا يفيق
لن أقف لو كان الموضوع مقتصرا على مدينة جدة.. ولأنني ميال للحديث عن معرض الكتاب الذي حقق نجاحا باهرا ليؤكد أن جدة غير.
وعودة معرض الكتاب هي إرادة شعبية وجدت الأذن المصغية لكي تتكامل نهضة جدة في جوانبها المختلفة ومشاريعها المتعددة، وكانت مطالبة الأمير خالد الفيصل للوصول إلى المجتمع الأول لم تكن لتحدث أي تقدم للمراكز المتقدمة في سلم المجتمعات ما لم تتم صياغة الإنسان معرفيا، والكتاب إحدى الوسائل لرقي الفكر والسلوك والإنتاج.
كانت عشرة أيام مبهجة حيث تمددت الثقافة على الشاطئ لتجمع بين أمواجه وزرقته فرحة كانت منسية، فانشغلت المدينة بفرحتها، لتتذكر بذلك الغزل الذي صاغه حمزة شحاتة في مدينته، حين كتب لها قصيدة في غاية الروعة.. (النهى بين شاطئيك غريق * والهوى فيك حالم لا يفيق)..
كانت عشرة أيام متسقة في أفراحها من غير إثارات متكررة -كما كان حادثا في مواقع أخرى- فقد التزم الجميع بإظهار تلك التظاهرة الثقافية كما يجب أن تكون.
هذا النجاح لم يكن ليحدث لولا أن جهودا جبارة واهتماما مكثفا كانا خلف تسيير المعرض في الوجهة التي رسمت له.
نجاح معرض الكتاب في جدة يستوجب شكر كل القائمين على إظهاره بذلك المظهر الراقي، وأول من ترفع له التحية لنجاح المعرض هو الأمير الشاعر خالد الفيصل الذي أضاف لمجده الثقافي نجاح العديد من التظاهرات الثقافية، فالثقافة ليست فعلا إبداعيا وحسب، بل إدارة الثقافة تعد دورا ثقافيا مهما..
كما جند محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد جهود كل المرافق لإعطاء المهرجان قوة إضافية من النجاح.. وتوالت أدوار المرافق في هذا النجاح كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووزارة الثقافة والإعلام والبريد ورجال المرور.
وفي ظل ذلك النجاح ظلت ثمة ملاحظات لازمت المعرض كصورة سلبية في جانبها التنظيمي قد يكون أهمها وجود أشخاص قليلي الإدراك بالأهمية الثقافية لهذا المحفل، فهم موظفون لا يميزهم شيء، ربما يكونون جيدين في وظائفهم، لكن حضورهم في محفل ثقافي كان عبئا، وفي مناسبات كثيرة تحدثنا عن ضرورة تطعيم اللجنة المنظمة بكتّاب أو محرري الصفحات الثقافية فلهم دراية بالشخصيات الثقافية، ليس من أجل التميز وإنما إعطاء الناس أقدارهم بدلا من أن يأتيك موظف ليس له من الأمر شيء سوى الصراخ..
وقد أحسنت الجهة المنظمة في اختيار المكان، إذ مثل بعدا جماليا، ولو تم استغلاله استغلالا ثقافيا لكان من الممكن أن يسهم بإضافة جماليات ثقافية، فلو تم إعطاء المساحات المطلة على البحر للفرق الشعبية بأغانيها وألعابها المتنوعة، ولو أقيمت حفلات غنائية في تلك المساحات التي تواجد فيها الجمهور لربما حفز المعرض بقية المدن على استعارة تجربة معرض جدة..
وربما كان الوقت قصيرا على الجهة المنظمة لكي تتدارك بعض الهفوات، كبعد المسجد وكذلك بعد المرافق العامة وانحصار بوابة الدخول، بحيث تحولت إلى طوابير طويلة، وعدم إيجاد عربات نقل داخل المعرض مما أنهك المشترين بحمل كتبهم وصولا إلى خارج المعرض..
هذه الهنات لا تحتسب أبدا في ظل المجهودات الرائعة التي خرج بها مهرجان جدة للكتاب.. ولأنها جدة مازلنا نردد في هواها:
النهى بين شاطئيك غريق
والهوى فيك حالم لا يفيق