في منتصف العقد الماضي نظم الشاعر عبدالرحمن موكلي في صالونه الثقافي في قرية «الظبية» أمسية تكريمية تحتفي بنادي حطين «من صامطة» إدارة ولاعبين بعد صعودهم لدوري الدرجة الأولى، وقد شاركنا في تلك الليلة عدد من الصحافيين والمثقفين والكتاب، حتى الذين لم يتمكنوا من الحضور لبعدهم الجغرافي شاركونا بمداخلات ثرية عبر الهاتف، وأذكر منهم الأستاذ تركي ناصر السديري الذي تحدث يومها عن الأندية الريفية وسيرها الحثيث من الهامش إلى المركز، وهو حديث سأعود إليه في إحدى المقالات المقبلة.
المهم أن كاتبا رياضيا كان على الموعد معنا تلك الليلة، وعندما قمنا بالاتصال به لم يرد ثم فاجأنا برسالة «أقسم بالله أنا عبد الأمير ....»، بالتأكيد كانت غلطة مطبعية حدثت بضغط الاستعجال، وهو كان يقصد أن يحلف أنه عند الأمير لا عبده.
تذكرت هذه الحادثة عندما حكى لي لاعبو أحد الأندية الحديثة، أي التي أسست للتو، أنهم أدوا مباريات رائعة في بداية دوري المناطق مكنتهم من الفوز المتتابع على أندية تأسست قبلهم بعشرات السنين، وأن رئيسهم جاء إليهم بعد واحد من هذه النزالات ووزع عليهم مكافأة هذه الانتصارات، وكانت عبارة عن خمسين ريالا لكل لاعب!
عندما تذمر هؤلاء اللاعبون وأبدوا امتعاضهم، لم يقل لهم الرئيس إن إمكانات النادي محدودة وأنه لا يوجد دعم وأن الأمور ربما تتحسن مستقبلا وأنه يقدر مجهوداتهم وبذلهم داخل الملعب وأن المزيد من الانتصارات سيأتي بالمزيد من الدعم، كلا، لم يقل لهم الرئيس شيئا من ذلك، إنما رد على انزعاجهم بانزعاج أقسى، وقال «ليس معكم سوى هذا المبلغ إذا كنتم لا تريدونه سأحضر لاعبين غيركم ثم أنا لست فاضيا سأذهب للقاء الأمير»!
لماذا التلويح بالأمير والإمارة، ففي كلتا الحالتين السابقتين لم يكن الكاتب مجبرا أن يقسم أنه عند الأمير ليعتذر عن عدم المشاركة، كان يمكنه أن يقول مثلا «أعتذر لدي ظرف يمنعني»، ولا رئيس النادي كان يليق به أن يوبخ جيلا ناشئا هكذا، ويختم كلامه بأنه ذاهب للأمير!
كنت أتوقع أن هذه اللغة انتهت فهي لا تناسب هذا الجيل ولا تصلح لهذا الزمن، زمن الكتاب الرقمي والإعلام الجديد.. وبمناسبة الكتاب شاهدت في الأسبوع الماضي في معرض جدة الدولي للكتاب إعلانا عن ندوة ثقافية تناقش التعصب الرياضي، وهو موضوع جميل ومهم، لكن المشكلة كانت تكمن في المتحدثين، فمعظمهم من أرباب التعصب الكروي ونافخيه، إنهم مثل الإعلام الرياضي الذي ينتمون إليه (يدَّعي) الوعي ويوصي به كتعليمات مزركشة وشعارات براقة تنبذ التعصب وتحتقره لكنه يظل شعارا خارج الممارسة والتطبيق!!
محاربة التعصب كظاهرة رياضية مطلب مهم، بيد أنها لن تنتهي طالما نصر على ربطها بالتعصب الرياضي فقط وحصرها في دوائر كرة القدم تبعا للمناسبة، التي ليست سوى غطاء مخادع مخاتل (يموه) علينا ويضللنا عن الرؤية (لنغفل) عن المسببات الحقيقية، سواء بعمد أو جهل لا يهم، تاركين لهذه الأسباب / الداء، حرية التنزه في بستاننا الجميل، تغرس في تربته بذور العقم والتشويه.
المهم أن كاتبا رياضيا كان على الموعد معنا تلك الليلة، وعندما قمنا بالاتصال به لم يرد ثم فاجأنا برسالة «أقسم بالله أنا عبد الأمير ....»، بالتأكيد كانت غلطة مطبعية حدثت بضغط الاستعجال، وهو كان يقصد أن يحلف أنه عند الأمير لا عبده.
تذكرت هذه الحادثة عندما حكى لي لاعبو أحد الأندية الحديثة، أي التي أسست للتو، أنهم أدوا مباريات رائعة في بداية دوري المناطق مكنتهم من الفوز المتتابع على أندية تأسست قبلهم بعشرات السنين، وأن رئيسهم جاء إليهم بعد واحد من هذه النزالات ووزع عليهم مكافأة هذه الانتصارات، وكانت عبارة عن خمسين ريالا لكل لاعب!
عندما تذمر هؤلاء اللاعبون وأبدوا امتعاضهم، لم يقل لهم الرئيس إن إمكانات النادي محدودة وأنه لا يوجد دعم وأن الأمور ربما تتحسن مستقبلا وأنه يقدر مجهوداتهم وبذلهم داخل الملعب وأن المزيد من الانتصارات سيأتي بالمزيد من الدعم، كلا، لم يقل لهم الرئيس شيئا من ذلك، إنما رد على انزعاجهم بانزعاج أقسى، وقال «ليس معكم سوى هذا المبلغ إذا كنتم لا تريدونه سأحضر لاعبين غيركم ثم أنا لست فاضيا سأذهب للقاء الأمير»!
لماذا التلويح بالأمير والإمارة، ففي كلتا الحالتين السابقتين لم يكن الكاتب مجبرا أن يقسم أنه عند الأمير ليعتذر عن عدم المشاركة، كان يمكنه أن يقول مثلا «أعتذر لدي ظرف يمنعني»، ولا رئيس النادي كان يليق به أن يوبخ جيلا ناشئا هكذا، ويختم كلامه بأنه ذاهب للأمير!
كنت أتوقع أن هذه اللغة انتهت فهي لا تناسب هذا الجيل ولا تصلح لهذا الزمن، زمن الكتاب الرقمي والإعلام الجديد.. وبمناسبة الكتاب شاهدت في الأسبوع الماضي في معرض جدة الدولي للكتاب إعلانا عن ندوة ثقافية تناقش التعصب الرياضي، وهو موضوع جميل ومهم، لكن المشكلة كانت تكمن في المتحدثين، فمعظمهم من أرباب التعصب الكروي ونافخيه، إنهم مثل الإعلام الرياضي الذي ينتمون إليه (يدَّعي) الوعي ويوصي به كتعليمات مزركشة وشعارات براقة تنبذ التعصب وتحتقره لكنه يظل شعارا خارج الممارسة والتطبيق!!
محاربة التعصب كظاهرة رياضية مطلب مهم، بيد أنها لن تنتهي طالما نصر على ربطها بالتعصب الرياضي فقط وحصرها في دوائر كرة القدم تبعا للمناسبة، التي ليست سوى غطاء مخادع مخاتل (يموه) علينا ويضللنا عن الرؤية (لنغفل) عن المسببات الحقيقية، سواء بعمد أو جهل لا يهم، تاركين لهذه الأسباب / الداء، حرية التنزه في بستاننا الجميل، تغرس في تربته بذور العقم والتشويه.