قبل فترة سألني أحدهم: ما رأيك بما يكتبه فلان؟
ولأنّ ما يخبزه فلان من مقالات باهتة لا تروق لي.. هربت من الإجابة قائلًا:
نحن الكتاب مثل الخبازين.. ولا تسأل - يا رعاك الله - الخبّاز عن رأيه بخبز الفرن الذي بجانبه!
قال: يعني.. أنتم تخبزون علينا؟!
قلت: لا.. بل نخبز لكم.. وهنالك فرق بين لكم وعليكم يا أخا العرب!
قال: الكل يخبز؟
قلت: نعم، ومن أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، هذا يُقدم لك خبز «التميس الأفغاني» والآخر يُقدم لك «الخبز الفرنسي»!.. وما بينهما يتنوع الطحن والعجن وتتعدد الأرغفة، والكل يقول لك: إن خبزي هو الأشهى والأكثر لذة وفائدة.
قال: ولكن.. هنالك فرقا بين الخبز والكتابة!
قلت: أبدًا.. هذا غير صحيح.. الخباز يطحن ويعجن لكي يُقدم لك رغيفًا ساخنًا وشهيًا، وأنا أطحن وأعجن الأفكار لكي أخبز لك مقالًا ساخنًا وشهيًا.. وكلانا نطمع في أن يروق لك ما نخبز.. ويشبعك.
قال: هل هنالك فرق بين خباز وخباز؟
قلت: طبعًا.. الخبازون أنواع...
- هناك الكاتب/ «الأرفل»/ الكسول والذي يُقدم لك «خبز الرفلا»: نصفه محروق، والنصف الآخر عجين.
- وهناك الكاتب الذي يُقدم لك نفس «الرغيف» منذ سنوات.. ولكنه يخدعك كل مرة ليوهمك بتنوع ما يخبزه: مرة رغيف دائري، ومرة يخبزه بالشكل المثلث، ومرة يُضيف عليه بعض السمسم والسمن.. وهكذا، تتغيّر الأشكال رغم أن الرغيف واحد!
- وهناك الكاتب الشعبي ذو الأرغفة الشعبية و... كيس الخبز بريال!
- وهناك من يسرق «طحين» الآخرين ليعيد إنتاجه ويوهمنا بأنه خبز جديد.. وهناك من يسرق الخبز ويُعيد تسخينه!
- وهناك من تأكل أرغفته وتجد في داخلها بعض نشارة الخشب!
- وهناك من يحرث، ويزرع، ويسقي، ويحصد، ويطحن، ويعجن، ويتحمل أذى الفرن وناره اللاسعة، ليخبز لك في النهاية خبزًا لا شبيه له سواه.
- وهناك من تأكل خبزه الفاخر.. وتظن - للذته - أنه كعك.
(أ)
الجوع يبتكر أخلاقه!
وتقلّب الحالة الاقتصادية لأي مجتمع بإمكانها أن تعيد تشكيل وعيه وطباعه وأخلاق الشارع.
الطباع تتغيّر، والكلمات - ومعانيها - تتغيّر، وأخلاق الناس تتغيّر مع تغيّر حجم الرغيف..
(ب)
طباع الجائع سيئة.. وطباع المتخم من الطعام أسوأ!
(ج)
والخبز يختلف شكله وحجمه وطعمه باختلاف المائدة:
هناك الخبز العادي للمواطن العادي.
وهناك الخبز الفاخر للمواطن الفاخر.
وهناك الخبز الأنيق: المعجون والمخبوز بطريقة أنيقة وشهية.. كأنه يدعوك لأكله!
وهناك المائدة المعولمة: احتضنت في سلة واحدة الخبز الفرنسي والعربي وخبز الفوكاشيا الإيطالي والتوست والمعجنات وخبز الجباتي الهندي!
وهناك الخبز اليابس للمواطن البائس!
(د)
أخطر شيء من الممكن أن يحدث في أي مطبخ هو أن تغيب المائدة المتوسطة/ الطبيعية.
الرغيف يصنع التاريخ... أحياناً!
ولأنّ ما يخبزه فلان من مقالات باهتة لا تروق لي.. هربت من الإجابة قائلًا:
نحن الكتاب مثل الخبازين.. ولا تسأل - يا رعاك الله - الخبّاز عن رأيه بخبز الفرن الذي بجانبه!
قال: يعني.. أنتم تخبزون علينا؟!
قلت: لا.. بل نخبز لكم.. وهنالك فرق بين لكم وعليكم يا أخا العرب!
قال: الكل يخبز؟
قلت: نعم، ومن أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، هذا يُقدم لك خبز «التميس الأفغاني» والآخر يُقدم لك «الخبز الفرنسي»!.. وما بينهما يتنوع الطحن والعجن وتتعدد الأرغفة، والكل يقول لك: إن خبزي هو الأشهى والأكثر لذة وفائدة.
قال: ولكن.. هنالك فرقا بين الخبز والكتابة!
قلت: أبدًا.. هذا غير صحيح.. الخباز يطحن ويعجن لكي يُقدم لك رغيفًا ساخنًا وشهيًا، وأنا أطحن وأعجن الأفكار لكي أخبز لك مقالًا ساخنًا وشهيًا.. وكلانا نطمع في أن يروق لك ما نخبز.. ويشبعك.
قال: هل هنالك فرق بين خباز وخباز؟
قلت: طبعًا.. الخبازون أنواع...
- هناك الكاتب/ «الأرفل»/ الكسول والذي يُقدم لك «خبز الرفلا»: نصفه محروق، والنصف الآخر عجين.
- وهناك الكاتب الذي يُقدم لك نفس «الرغيف» منذ سنوات.. ولكنه يخدعك كل مرة ليوهمك بتنوع ما يخبزه: مرة رغيف دائري، ومرة يخبزه بالشكل المثلث، ومرة يُضيف عليه بعض السمسم والسمن.. وهكذا، تتغيّر الأشكال رغم أن الرغيف واحد!
- وهناك الكاتب الشعبي ذو الأرغفة الشعبية و... كيس الخبز بريال!
- وهناك من يسرق «طحين» الآخرين ليعيد إنتاجه ويوهمنا بأنه خبز جديد.. وهناك من يسرق الخبز ويُعيد تسخينه!
- وهناك من تأكل أرغفته وتجد في داخلها بعض نشارة الخشب!
- وهناك من يحرث، ويزرع، ويسقي، ويحصد، ويطحن، ويعجن، ويتحمل أذى الفرن وناره اللاسعة، ليخبز لك في النهاية خبزًا لا شبيه له سواه.
- وهناك من تأكل خبزه الفاخر.. وتظن - للذته - أنه كعك.
(أ)
الجوع يبتكر أخلاقه!
وتقلّب الحالة الاقتصادية لأي مجتمع بإمكانها أن تعيد تشكيل وعيه وطباعه وأخلاق الشارع.
الطباع تتغيّر، والكلمات - ومعانيها - تتغيّر، وأخلاق الناس تتغيّر مع تغيّر حجم الرغيف..
(ب)
طباع الجائع سيئة.. وطباع المتخم من الطعام أسوأ!
(ج)
والخبز يختلف شكله وحجمه وطعمه باختلاف المائدة:
هناك الخبز العادي للمواطن العادي.
وهناك الخبز الفاخر للمواطن الفاخر.
وهناك الخبز الأنيق: المعجون والمخبوز بطريقة أنيقة وشهية.. كأنه يدعوك لأكله!
وهناك المائدة المعولمة: احتضنت في سلة واحدة الخبز الفرنسي والعربي وخبز الفوكاشيا الإيطالي والتوست والمعجنات وخبز الجباتي الهندي!
وهناك الخبز اليابس للمواطن البائس!
(د)
أخطر شيء من الممكن أن يحدث في أي مطبخ هو أن تغيب المائدة المتوسطة/ الطبيعية.
الرغيف يصنع التاريخ... أحياناً!