جاء تنفيذ حكم القتل حرابة وتعزيرا بحق 47 إرهابيا أمس، في 12 منطقة على مستوى المملكة، بمثابة تأكيد قوي من الدولة، ممثلة في وزارة الداخلية، على أنها لن تتوانى عن ردع كل من يهدد أمن الوطن والمواطنين والمقيمين على ترابه، أو يعطل الحياة العامة، أو يعيق إحدى السلطات عن أداء واجباتها المنوطة بها في حفظ أمن المجتمع ومصالحه، أو يؤلب على الفتنة والمنازعة، ومواقعة أعمال الإرهاب، أو يدعو إلى إحداث الفرقة وتمزيق وحدة المجتمع، وتهديد السلم الاجتماعي فيه، أو الإخلال بأمنه ونظامه العام، والتشديد على أنها ماضية بكل عزم وحزم في المحافظة على استتباب الأمن واستقراره، وتحقيق العدالة بتنفيذ أحكام الشرع المطهر في كل من يتعدى حدود الله وعلى أنفس الأبرياء المعصومة، وأموالهم، وأعراضهم، كما هو تحذير لكل من تسول له نفسه الإقدام على ارتكاب مثل هذه الأعمال الإرهابية الإجرامية بأن العقاب الشرعي سيكون مصيره. وكما هي العادة في جميع الأحكام الصادرة عن القضاء، جاء هذا الحكم وفق استدلالات شرعية عدة من الكتاب والسنة، وبعد سنوات طويلة من بدء المحاكمات التي حرصت الدولة فيها على إتاحة فرصة الدفاع لكل متهم، بل وتحملت أتعاب المحاماة عن كل من يعجز عنها، وتعدد القضاة الذين نظروا في هذه القضايا، ومن ثم صدقت الأحكام من محكمة الاستئناف المختصة، ومن المحكمة العليا، وصدر أمر ملكي بإنفاذ ما تقرر شرعا، وصدق من مرجعه بحق الجناة، وكل ذلك بهدف الاطمئنان على سلامة الأحكام تحقيقا للعدالة.
والمؤكد أن هذه الأحكام جاءت محققة للمقاصد الشرعية، من الاجتماع على كلمة الحق، وحفظ البلاد والعباد من الفساد.
وبالنظر إلى جرائمهم نجدهم قد اتبعوا خطوات الشيطان من خلال أفعالهم الإرهابية المتعددة، واستباحة الدماء المعصومة، وانتهاك الحرمات المعلومة من الدين بالضرورة، مستهدفين زعزعة الأمن، وزرع الفتن والقلاقل، والتقول في دين الله بالجهل والهوى، حيث اعتنقوا المنهج التكفيري المشتمل على عقائد الخوارج، المخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، ونشره بأساليب مضللة، والترويج له بوسائل متنوعة، والانتماء لتنظيمات إرهابية، وتنفيذ العديد من المخططات الإجرامية، وقتل وإصابة العديد من المواطنين ورجال الأمن، والمقيمين، والتمثيل بجثثهم، وتسميم المياه العامة، وتصنيع وتهريب المتفجرات إلى المملكة، وحيازة الأسلحة والقنابل ومواد متفجرة ذات قدرة تدميرية عالية وشديدة، إضافة إلى قذائف وصواريخ متنوعة.
كما استهدف المجرمون مقار الأجهزة الأمنية والعسكرية، من خلال تفجير مبنى الإدارة العامة للمرور بمدينة الرياض، والتفجيرين اللذين استهدفا مقري وزارة الداخلية وقوات الطوارئ، مما أدى إلى استشهاد عدد من رجال الأمن والمواطنين. والشروع في استهداف قاعدة الملك خالد الجوية في محافظة خميس مشيط، وقاعدة الأمير سلطان الجوية في محافظة الخرج، والمطار المدني في محافظة عرعر، إضافة إلى العديد من عمليات الخطف والقتل لرجال الأمن، والتحريض على مواجهتهم بالسلاح، وإطلاق النار، وإلقاء قنابل المولوتوف عليهم أثناء تأديتهم لواجباتهم في حفظ أمن المجتمع، وحماية مصالحه، مع دعم وتشجيع أعمال التخريب المسلح في الطرقات والأماكن العامة.
ولما كان أمثال هؤلاء الخونة يرفعون شعار (الغاية تبرر الوسيلة)، فقد سعوا من أجل تحقيق غاياتهم الخبيثة الموجهة لخدمة أجندة خارجية، سعوا إلى ضرب الاقتصاد الوطني، والإضرار بمكانة المملكة وعلاقاتها ومصالحها مع الدول الشقيقة والصديقة، من خلال اقتحام القنصلية الأمريكية في محافظة جدة، ما أدى إلى استشهاد أربعة من رجال الأمن. واستهداف «مصفاة بقيق» في محافظة بقيق في المنطقة الشرقية، ونجم عنه استشهاد رجلي أمن، إضافة إلى الشروع في استهداف عدد من السفارات والقنصليات الأجنبية، وتفجير «شركة أرامكو السعودية» وعدد من المنشآت النفطية، وتنفيذ عدد من عمليات السطو المسلح على مصارف ومحال تجارية، وجرائم نصب واحتيال، نتج عنها جمع أموال بمبالغ ضخمة وتوظيفها داخليا وخارجيا لغسلها، ومن ثم استخدامها في تمويل الإرهاب والعمليات الإرهابية، والدعوة لإشاعة الفوضى والتحريض على أعمال العنف والتخريب، وإثارة الفتنة، وإيغال الصدور بالكذب والبهتان، والتلبيس على الناس، وتشجيع الأعمال الإرهابية في دولة شقيقة، وتأييدها علنا، والتحريض عليها مع إثارة الشغب والفوضى، والإخلال بالنظام العام.