-A +A
سعيد السريحي
الناس غلابى بصحيح.. لا أعرف لماذا تذكرت سمك الساردين حين علمت ان تسعين ألف مساهم عالقون في شركة أنعام وأن الشركة تنتظر رد هيئة سوق المال لكي تنقذهم. تسعون ألفاً عالقون في شبكة الأنعام.. بعضهم كان قد نجا من هوامير سوا وهوامير البورصة وأسهم بيشة وانهيارات سوق المال ليتورط في انعام، والبعض الآخر جاءته كارثة انعام لتخلّص عليه وتقضي على الرمق الأخير الذي تركه الهوامير على نحو جعل صاحبي يضرب كفاً بكف وهو يهتف: يا ناس المواطن الغلبان يلاقيها منين ولا منين. تسعون ألفاً دخلوا انعام وهم يحلمون بالنعمة والثراء بعد أن أغراهم المحللون والقفزات الوهمية التي استدرج بها السوق الناس الذين تساقطوا عليه تساقط الفراش على النور أو الذباب على العسل.
تسعون ألفاً عالقون مثل الساردين في انعام واربعون الفاً يقفون امام بوابة المحكمة من اجل استرداد اموالهم التي ضاعت في مساهمات البورصة واضعافهم لا يعرفون الطريق الى المحكمة بعد ليعرفوا كيف يستعيدون بعضاً من اموالهم التي ضاعت في مساهمات سوا.

تسعون ألفاً تورطوا في الانعام ومئات الألوف تورطوا في غيرها والملايين خسروا حرّ مالهم في سوق الأسهم ولنا بعد ذلك أن نتخيل ما الذي بقي من ثقة هؤلاء المواطنين في سوق الأسهم وما الذي بقي لديهم من الأموال ليغامروا بها في الاكتتاب في الشركات الجديدة.
ما الذي بقي لدى المواطن من الشجاعة لكي يكون شريكاً في الاقتصاد الوطني ومشاركاً في بناء الشركات الكبرى.. وما الذي بقي لديه من الحلم ليحلم بالثراء.. ليس ذلك فحسب وانما ما الذي بقي لديه من العقل والعزيمة لينهض بأعماله المناطة به.. كيف سيتخذ المدير قراره وكيف يوقع الاقتصادي قرار صفقاته ويشرح المدرس لطلابه ويجري خبير المعمل أبحاثه اذا كانوا جميعاً ضحايا السوق وعالقين في شبكة او حظيرة انعام وهوامير سوا ومضاربات البورصة.
نحن بحاجة الى ان ندرس انعكاسات ما يحدث في السوق ليس على مستوى الخسارة الاقتصادية التي حلّت بالمواطنين وإنما على مستوى انتاجية المواطن وعلى مستوى ادائه لواجباته سواء ما يتعلق منها بالعمل أو بعلاقته بأسرته.
صاحبي قال: ان لهذه الخسائر الفادحة جانبين ايجابيين؛ الأول أن مستوى أداء الطلاب سينخفض وأن التضخم في الدرجات الممنوحة لهم سوف يتراجع وتصبح للجامعات حجة إذا رفضت قبول الطلاب الذين لا يحققون المعدل الذي تقبل به جميع جامعات العالم، وإذا لم يكن للطلاب دخل في الخسائر فإن خسائر آبائهم سوف تنعكس حتماً عليهم.
أما المسألة الايجابية الثانية فتتمثل في انخفاض عدد المواليد وبالتالي تراجع ظاهرة الفتوة السكانية التي شكلت ضغطاً على كافة الخدمات وبالذات المدارس والجامعات، والعلاقة بين عدد المواليد وسوق الاسهم لا تحتاج الى ايضاح وتكفي الاشارة الى ان الخسائر كرهت الناس في كل جميل بما في ذلك زوجاتهم.. هذا إذا كانوا يرون أن زوجاتهم جميلات.
suraihi@gmail.com