-A +A
محمد أحمد الحساني
أعادني الزميل الإعلامي عدنان محمد صعيدي عبر مؤلفه الجديد «على موجة طويلة» الذي أصدره موثقا به رحلة الإذاعة السعودية من خلال ما عاصره من حقبها وما عرفه عنها من أجيالها السابقة، أعادني إلى العديد من الذكريات الجميلة التي تجاوز عمرها نصف قرن وذكرني بأسماء ورموز إذاعية ترسخت في وجدان جيلي وبرامج غنية عشنا على تأثيرها ومتعها معظم مراحل طفولتنا ومراهقتنا وجزء من شبابنا مثل برنامج الأطفال «لبابا عباس» المرحوم عباس غزاوي الذي انتهى به المطاف سفيرا للمملكة في ألمانيا، وأنشودة «أنا بِدي أصير طيار × أهجم وأضرب بالنار» من كلمات المرحوم عزيز ضياء وأداء ابنه ضياء، وكيف كان قائدو خط البلدة بجدة إذا ركب الراكب معهم بقرشين وطلب النزول عند باب الإذاعة، فإن السائق يقول للراكب: وصلنا «لبابا عباس»، ويعني مبنى الإذاعة لشهرة البرنامج الطفولي في الأوساط الاجتماعية حتى أصبح أكثر شهرة من الإذاعة نفسها على ذمة راوي الموقف الإعلامي القدير محمد الصبيحي، وبرنامج «تحية وسلام» الذي كان يقدمه الرمز الإعلامي بدر كريم ويجعله نقطة تواصل بين المبتعثين السعوديين في أمريكا وأوروبا وأسرهم بالمملكة، وقصة أغنية «وطني الحبيب» التي أداها طلال مداح وما وقع من تنازع حول كلماتها بين الشاعر مصطفى بليلة وبين الفنان حسن دردير، حيث يدعي كل واحد منهما أنه كاتبها ولم يستطع أي منهما إقناع المؤلف بحجته فوقف من ادعائهما موقف الحياد، ولكنه أورد الأغنية وكلماتها باعتبارها أشهر أغنية وطنية ترددت في الإذاعة ووسائل الإعلام الأخرى عبر ما يزيد على نصف قرن.
وفهمت من قراءتي للكتاب أن الأرشيف الإذاعي بجدة يحتضن أكثر من ثلاثمائة ألف شريط بمواد متنوعة ويمثل ثروة إعلامية وثقافية لا تقدر بثمن.
أما بداية فكرة إنشاء إذاعة سعودية فكانت عندما زار الشيخ عبدالله السليمان وزير المالية القاهرة في عهد المؤسس، وصحب معه عددا من موظفيه وكان منهم السيد هاشم زواوي، وزار الوفد المعرض الزراعي بالجيزة وكان في المعرض إذاعة تذيع أسماء الأطفال التائهين في المعرض فقال الزواوي للسليمان: يا عم عبدالله لِم لا نشتري إذاعة كهذه ونركبها في عرفات يوم الحج لتذيع منها القرآن والأحاديث والتلبية وبعض الإرشادات، فإذا ضاع الحجاج ناديناهم بأسمائهم من الإذاعة فأعجبت الفكرة وزير المالية وقال: اشتروا، فتم شراء إذاعة بقوة اثنين كيلو وات ونصف.. ثم فتح الفتاح!
لقد وجدت مؤلف الصعيدي ممتعا وذلك يؤكد العبارة التي أوردها الزميل علي محمد حسون الذي قدم للكتاب عندما قال: اقرأوه فلن تندموا!.


mohammed.ahmad568@gmail.com