شكاوى سكان المدن عن تواضع إمكانات المستشفيات الحكومية يقرأها ويسمع بها القرويون وسكان الأطراف البعيدة فيستعجبون.. المقارنة ظالمة للجهتين، فما يراه أهل المدن ترديا في الخدمات الصحية ينظر إليه أهل الهجر والقرى عكس ذلك، ليس انحيازا إلى وزارة الصحة وأسرتها الشحيحة وأجهزتها المعطوبة ومستشفياتها المحترقة، وإنما مقارنة بمراكزهم الصحية «اللي رايحه فيها»!
حملت جدي المصاب بعطب في المثانة بعربة إسعاف إلى أقرب مستشفى في المدينة التي تبعد عن قريتنا نحو 100 كيلومتر، وعلى البوابة استقبلتنا قبيلة من ممرضات بلاد آسيا الجميلات «فطس الخشوم» فاستفاق جدي «الشايب الأملح الأشهب» من مرضه وصاح «مملوحة وذربه» والحقيقة كنت أنا سارح الذهن بعد!
الرحلة الشاقة تلك، زادت وطأة مرضه، فغاب عن الوعي، ولم يفق إلا على لحون تلك الوجوه البيضاء فظن أن المنية والجنان كتبت له فأطلق قولته. لو عاش جدنا - رحمه الله – إلى يومنا لسعد قلبه بالمركز الصحي الجديد في البلدة، ثلاث غرف وصالة، ومقاعد بلاستيكية فاخرة وممرضة تتولى مرضاها بالضمادات والأشعة والجراحات الصغيرة والختان وثقب أذان البنات.. لو عاش جدنا يومنا هذا لأزجى الشكر لهذه الصحيفة التي فتحت سجالا ساخنا بين وزير الصحة الأسبق حمد المانع ومدير صحة جدة السابق أحمد عاشور ، كل يكشف الأسباب التي أدت إلى تردي أداء الصحة.. إنها مباراة ساخنة لكشف الخروقات وأسباب الحروقات.. الجمهور مع اللعبة الحلوة بلا فاولات وانبراشات أحمد جميل، بس شد حيلك يا بدر يا غانمي، وشوف لنا الوزير السابق عبدالله الربيعة ومسرحية الآيباد، وبالمرة حاور الوزير الفالح وجيب لنا حكاية حريق مستشفى جازان وأسبابه ومسبباته، لأني مش عارف ولا حاجة حتى الآن - ولك الله !
ysahmedy@gmail.com