-A +A
حمود أبو طالب
كان منظرا ملفتا واستثنائيا عندما وقف الملك سلمان قليلا ليشارك فرقة الفنون الشعبية رقصة العرضة السعودية بعد افتتاحه مركز الملك عبدالله للدراسات البترولية وتدشين مشروع مصفاة «ياسرف» يوم أمس بحضور الرئيس الصيني. كان الملك مبتهجا طوال الحفل وانتشى أكثر في ختام الاحتفالية، وكأنه أراد أن يبلغ شعبه رسالة ضمنية بأن المستقبل يدعو للتفاؤل والاستبشار رغم كل الظروف. والحقيقة أنه كان محقا في تعبيره الرمزي، فكيف لا يكون وشعبه سعداء بهذا الحراك التنموي والاقتصادي الضخم من خلال هذه المشاريع العملاقة التي تتم في إطار منيع وثابت من الاستقرار والأمن والطمأنينة وسط الأمواج المتلاطمة من السيولة الأمنية والاضطرابات والخوف في محيطنا القريب والبعيد.
في زيارته للصين عندما كان وليا للعهد، وقد تشرفت بأن أكون ضمن الوفد الإعلامي المرافق، شاهدت للمرة الأولى فريق عمل احترافي سعوديا من المسؤولين في كل المجالات، ذاهبين وهم يعرفون ماذا يريدون بالضبط وماذا بإمكانهم أن يقدموا للطرف الآخر. لم يكن ثمة وقت كاف في الطائرة أو في مقر السكن للأحاديث الخارجة عن أهداف الزيارة، كل مسؤول كان مشغولا بنفسه وبالطرف الصيني الذي يقابله، ملفات مطروحة تمت دراستها بتمحيص وتحتاج إلى كل دقيقة من الوقت. سلمان بن عبدالعزيز بنفسه لم يكن وقته يسمح سوى بجزء يسير جدا من التقاط الأنفاس لكثرة الاجتماعات والمقابلات، وفي حديثه معنا عندما حرص على استقطاع وقت لمقابلته أكد لنا باختصار وثقة أن للمملكة خياراتها النابعة من سيادتها وقوة اقتصادها للبحث عن مصالحها وأن نتيجة زيارة الصين ستترجم إلى واقع خلال وقت قريب.

ها هو الوقت أتى، ووقعت المملكة 14 اتفاقية إستراتيجية مع الصين، بالإضافة إلى عدد من المشاريع التي تم إنجاز بعضها ومنها عملاق تكرير النفط «ياسرف» الذي تم تدشينه أمس.
وبمحض الصدفة كنت قبل البارحة في مناسبة جمعت عددا كبيرا من أهم الاقتصاديين ورجال الأعمال والمال والإعلاميين المتخصصين وكان الحديث كله عما يحدث لدينا من توجهات ديناميكية في تغيير روح وماهية وتفكير الإدارة الاقتصادية، وكانت من المرات النادرة التي ألمس فيها ما يقترب من الإجماع على أننا بدأنا فعلا نفكر ونعمل خارج الصندوق التقليدي الذي حبسنا أنفسنا فيه وقتا طويلا.