-A +A
سلطان الميموني (المدينة المنورة)
أوصى مؤتمر تحقيق الإجماع وترك الحزب الذي عقد في المدينة المنورة على مدى يومين واختتم أعماله أمس، على التزام الجماعة باعتبارها أصلا عظيما من أصول الإسلام. مؤكدا على أن الجماعة هم الذين تمسكوا بهدي النبي وأصحابه في العلم والعمل، وتمسكوا بجماعة المسلمين وإمامهم، ولم ينزعوا يدا من طاعة لمن وجبت طاعته، خلافا لأهل الأهواء والبدع من الخوارج وغيرهم، وأن تصحيح الاعتقاد وتحكيم الشرع من أعظم الأسباب التي تحقق للمسلمين ألفتهم وتوحد صفوفهم وتعينهم على لزوم الجماعة.


لا جماعة بلا إمامة
وجاء في التوصيات التأكيد على أنه لا إسلام إلا بجماعة، ولاجماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة، إذ أن طاعة ولي الأمر لها مقاصد ومصالح عظيمة في الشريعة الإسلامية، بها تنتظم أحوال الأمة وتعتدل شؤونها ويستقيم أمرها. كما عبر المؤتمر عن تأييده للمنهج الشرعي الذي تقوم عليه المملكة وتطبيقها للكتاب والسنة في جميع أنظمتها وقراراتها وإجراءاتها للحفاظ على تماسك الجماعة ونبذ الفرقة والتحزب والتطرف ومحاربة الإرهاب بكل أشكاله وصوره، وملاحقة مرتكبي الأعمال الإرهابية ومثيري الفتن وتقديمهم للقضاء، وإنفاذ الأحكام القضائية فيهم دون تمييز لأي اعتبار غير شرعي تطبيقا للشريعة الغراء بحماية الحقوق، وتحقيق العدالة والحفاظ على أمن المجتمع وردع كل من تسول له نفسه الإفساد في الأرض، كما يشيد المؤتمر بكفاءة السلطة القضائية في المملكة والمستمدة من الشرع الحنيف واستقلالها ونزاهتها.
السعودية وجمع الكلمة
المؤتمر أشاد بالجهود العظيمة التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتحقيق الاجتماع ووحدة الصف وجمع الكلمة، ومن ذلك تكوين التحالف العربي والتحالف العسكري الإسلامي بقيادة المملكة لمواجهة الأخطار المحدقة بالعالمين العربي والإسلامي. وحث المؤتمر على نشر نصوص الكتاب والسنة المؤصلة للاجتماع والمحذرة من التحزب والافتراق وعدم مخالفة رأي جماعة المسلمين فيما استقر عليه أمرهم من أمور تخدم تنمية روح المواطنة، وتحث على توثيق اللحمة الوطنية ونبذ الشذوذ والمخالفة، كما يؤكد المؤتمر على ضرورة حماية النصوص الشرعية من التأويل الخاطئ، أو لي أعناق الوقائع والأحداث إلى أحكام أبعد ما تكون عن مقاصدها الحقيقية.
درء المؤامرات والفتن
كما أوصى المؤتمر العلماء والدعاة وطلاب العلم بإرشاد الناس وتوجيههم لاسيما الشباب إلى أهمية اجتماع الكلمة وخطورة الافتراق والتحزب وما يترتب على ذلك من عواقب خطيرة، كما يؤكد المؤتمر على أهمية محافظة الأسرة على أبنائها لتلافي تورطهم في جماعات منحرفة أو إرهابية. كما أكد أن كثيرا من المواقف السلبية تجاه الأئمة وولاة الأمور مردها إلى جهل بعض الناس بواجب طاعة الإمام، أوإلى قصر نظرهم أو سوء نيتهم وقصدهم، وأن إصلاح ذلك إنما يكون بالإحاطة علما بحكمها الشرعي وسعة النظر بمجالاتها والتحذير من العواقب الوخيمة والأضرار المترتبة على تلك المواقف السلبية نحو ولاة الأمور، تحقيقا لاجتماع الكلمة، وحماية للوحدة الوطنية، ودعما للجبهة الداخلية، ودرءا للمؤامرات. وحثت التوصيات بالتركيز على تحقيق الاجتماع ومقتضياته، ونشر ثقافته في المجتمعات الإسلامية، في إطار الضوابط الشرعية، عن طريق المساجد، والمؤسسات التعليمية والتربوية، والجمعيات الخيرية والدعوية، كما يحذر المؤتمر من أسباب مفارقة الجماعة، وصرفها عن حقيقتها ومنها؛ وجود الأحزاب والتنظيمات السرية.




توظيف تكنولوجيا الاتصالات في محاربة الفتـن



أكد المؤتمر على أهمية توظيف تكنولوجيا الاتصالات الحديثة، في إنشاء مواقع علمية إسلامية موثقة على شبكة «الإنترنت»، لترسيخ ثقافة الاجتماع ولزوم الجماعة، ورصد كل ما يقال أو يكتب مما يثير الفتن، ويكون سببا في إحداث الفرقة والافتراق، ودارستها دراسة معمقة، من متخصصين في جميع المجالات، والرد عليها بمنهج علمي، وأسلوب واضح، وبلغات مختلفة. وأوصى أن تشتمل وسائل الإعلام المختلفة على مواد إعلامية مناسبة لكل مرحلة عمرية، يكون مضمونها التوعية بأهمية الجماعة المسلمة وطاعة ولي أمرها، والتحذير من الفرقة والاختلاف، ودور ذلك في دعم الوحدة الوطنية، والنهوض بالوطن، والحفاظ على أمنه ومكتسباته. إلى جانب حث العلماء والمفكرين والإعلاميين ووسائل الإعلام المختلفة بأهمية تقديم مضامين ناضجة، مدعمة بالنصوص، ومقدمة بمهنية، يتم من خلالها إبراز منهج السلف الصالح في مسألتي الجماعة وطاعة ولي الأمر، نظرا لتأثر الشرائح المجتمعية بالإعلام عموما، وشبكات التواصل الاجتماعي خصوصا. وأهمية تفعيل مقصد الاجتماع والتآلف في منظومة التعليم والتربية، وتضمين مناهج التربية والتعليم في المستويات المختلفة لنصوص من الكتاب والسنة متضمنة الأمر بالاجتماع، ونبذ التحزب والتنازع، ومؤكدة على الحفاظ على اللحمة الوطنية، والمكتسبات المشروعة الحافظة لكيان الأمة ومقوماتها.
وفي ختام اللقاء أوصى المشاركون في المؤتمر برفع جزيل شكرهم، وعظيم امتنانهم لخادم الحرمين الشريفين على جهوده المباركة في جمع كلمة العرب والمسلمين ووحدة صفهم وتوحيد كلمتهم، واهتمامه بقضايا الأمتين العربية والإسلامية ورفع برقيات شكر وتقدير إلى ولي العهد وولي ولي العهد وأمير المدينة المنورة ووزير التعليم.
وكانت الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة استضافت على مدى يومين مؤتمر (تحقيق الاجتماع وترك التحزب والافتراق واجب شرعي ومطلب وطني) بحضور ومشاركة عدد كبير من العلماء من داخل البلاد وخارجها وحظي المؤتمر بقبول واهتمام كبيرين من العلماء والمفكرين والباحثين المتخصصين وطلبة العلم، حيث قدم للمؤتمر (277) بحثا، تم تحكيمها علميا، واجتاز التحكيم منها (67) بحثا، تناولت الموضوعات المندرجة تحت محاور المؤتمر، وتم إلقاء ملخصاتها في (9) جلسات علمية، وحظيت بمداخلات علمية ومناقشات هادفة.