كثر الحديث مؤخرا عن الأمانة العلمية في المدارس والجامعات حول العالم، وتنافس المعلمون والأساتذة الجامعيون في توضيح أخطار الغش العلمي أو ما يسمى بالبليجاريزم (plagiarism) ومكافحته، وهو يشمل جميع أساليب الغش العلمي من نقل للمعلومات دون توثيق مصادرها وغيره. فهدف تخريج الطالب من المدرسة، أو الجامعة خاصة، إعداده ليس فقط أكاديميا وإنما شخصي كفرد متحضر مستعد للتعايش مع عصره. وبما أننا في القرن الواحد والعشرين فنحن لا نتطلع لتطوير القدرات القرائية والكتابية للمتخرجين فقط (ولو أنها تعاني أحيانا)، وإنما تتطلع مخرجات التعليم لإعداد مخترعين ورواد ومصممين ومبدعين ومبتكرين بشتى المجالات.
إن الجاهل الآن ليس من لا يقرأ أو يكتب، وإنما من لا يجيد التفكير الخلاق والابتكاري والتحليلي والمنطقي والإيجابي، ويرفض التباين والاعتراف بالخطأ ولا يرى من العالم إلا أفقه الضيق.
زرت يوما جامعة أوروبية لرؤية بروفيسور شهير لبحث معلومة معينة، فأرشدني طالب لمكتب، رأيت فيه شخصا مسنا جالسا يشبه إينشتاين بشعره الفضي، بملابس تفضح سنوات من الاستهلاك. ظننت بجهلي أنه موظف بسيط، ولكنني فوجئت بأنه البروفيسور الشهير وصعقت أكثر حينما قام مرحبا بي وصنع لي كوبا من القهوة الساخنة بنفسه قدمها لي بيده المجعدة المرتجفة. خجلت منه وأكبرت صنيعه ورأيت بعيني نتاج العلم في تهذيب الخلق والتواضع. فللأسف في بعض مجتمعاتنا نرى معيدا مبتدئا في الكادر الجامعي يحدث الطلاب بتأفف وأنفة وكأنه أرشميدس زمانه.
المتعلم حقا لن يحمل شهادته في إطار ليعرضها على المارة، ولكن الجميع سيرى أثر العلم عليه خلقا وتواضعا وذكاء وإيجابية وتحضرا.
فالجامعات مثلا -ليست مجرد محطة علمية أخيرة- تأتي بعدها الوظيفة التقليدية للشاب أو الزواج للفتاة والجلوس بالمنزل. هذا السيناريو لا يمكن قبوله اليوم! فالجامعات يا سيداتي وسادتي عبارة عن جسر بين حياة المدرسة واستقبال المعلومات واسترجاعها وترديدها، وبين الحياة الحقيقية في الكادر العملي والمتميزة بخلق المعلومات الجديدة وسد الثغرات البحثية والإنتاج والابتكار وتحليل المشاكل لإيجاد الحلول. التعليم الأكاديمي يحضر الإنسان ليصبح جزءا من القوى العاملة ومن الثروة الوطنية والاقتصادية والفكرية لبلاده، خاصة ونحن الآن نتحدث عن تنويع مصادر الدخل القومي والابتعاد عن الاعتماد على النفط وغيره من الموارد القابلة للنضوب. فالاستثمار في القوى البشرية أعظم أنواع الاستثمار وأكثرها خلودا وأضمنها مردودا.
إن الجاهل الآن ليس من لا يقرأ أو يكتب، وإنما من لا يجيد التفكير الخلاق والابتكاري والتحليلي والمنطقي والإيجابي، ويرفض التباين والاعتراف بالخطأ ولا يرى من العالم إلا أفقه الضيق.
زرت يوما جامعة أوروبية لرؤية بروفيسور شهير لبحث معلومة معينة، فأرشدني طالب لمكتب، رأيت فيه شخصا مسنا جالسا يشبه إينشتاين بشعره الفضي، بملابس تفضح سنوات من الاستهلاك. ظننت بجهلي أنه موظف بسيط، ولكنني فوجئت بأنه البروفيسور الشهير وصعقت أكثر حينما قام مرحبا بي وصنع لي كوبا من القهوة الساخنة بنفسه قدمها لي بيده المجعدة المرتجفة. خجلت منه وأكبرت صنيعه ورأيت بعيني نتاج العلم في تهذيب الخلق والتواضع. فللأسف في بعض مجتمعاتنا نرى معيدا مبتدئا في الكادر الجامعي يحدث الطلاب بتأفف وأنفة وكأنه أرشميدس زمانه.
المتعلم حقا لن يحمل شهادته في إطار ليعرضها على المارة، ولكن الجميع سيرى أثر العلم عليه خلقا وتواضعا وذكاء وإيجابية وتحضرا.
فالجامعات مثلا -ليست مجرد محطة علمية أخيرة- تأتي بعدها الوظيفة التقليدية للشاب أو الزواج للفتاة والجلوس بالمنزل. هذا السيناريو لا يمكن قبوله اليوم! فالجامعات يا سيداتي وسادتي عبارة عن جسر بين حياة المدرسة واستقبال المعلومات واسترجاعها وترديدها، وبين الحياة الحقيقية في الكادر العملي والمتميزة بخلق المعلومات الجديدة وسد الثغرات البحثية والإنتاج والابتكار وتحليل المشاكل لإيجاد الحلول. التعليم الأكاديمي يحضر الإنسان ليصبح جزءا من القوى العاملة ومن الثروة الوطنية والاقتصادية والفكرية لبلاده، خاصة ونحن الآن نتحدث عن تنويع مصادر الدخل القومي والابتعاد عن الاعتماد على النفط وغيره من الموارد القابلة للنضوب. فالاستثمار في القوى البشرية أعظم أنواع الاستثمار وأكثرها خلودا وأضمنها مردودا.