بعد فشل مجلس الشورى في التصويت على توصيته بالموافقة على خفض ساعات العمل في القطاع الخاص إلى 40 ساعة أسبوعيا، بما يتيح إجازة يومين لمنسوبي هذا القطاع، وفشله في التصويت على رأي الحكومة في رفع ساعات العمل إلى 45 ساعة والعمل 9 ساعات يوميا، لم يكن أمام المجلس - حسب النظام - إلا العودة للقرار السابق وينص على «لا يجوز تشغيل العامل تشغيلا فعليا أكثر من 40 ساعة في الأسبوع وبما لا يزيد على ثماني ساعات يوميا، وتخفض ساعات العمل الفعلية خلال شهر رمضان للمسلمين، بحيث لا تزيد على 35 ساعة في الأسبوع وبما لا يزيد على سبع ساعات يوميا».
وسيرفع المجلس قراره بهذا الشأن للجهات العليا لإقرار ما تراه مناسبا، بعد أن امتد نقاش نظام العمل لمدة ساعتين، بسبب الانقسام الواضح بين مؤيد ومعارض، إذ رفعت في الجلسة أكثر من 6 نقاط نظام اعتراضا تارة، وتارة أخرى صفق الأعضاء في أكثر من 12 مداخلة تأييدا لها.
ورغم محاولة نائب رئيس المجلس الدكتور محمد بن أمين الجفري أخذ الموضوع بمهنية في الاستماع لكل المداخلات ونقاط النظام، إلا أن الأعضاء لم يتفقوا وضجت قبة الشورى بمداخلات غير مرتبة حول تخفيض ساعات العمل، فيما أصر آخرون على توظيف السعوديين في القطاع الخاص، وبعد الانتهاء من بند نظام العمل شهدت الجلسة خروج عدد من الأعضاء، ما تسبب في اختلال نصاب المجلس وأطلق جرس النداء لإكمال النصاب خلال مناقشة البند الذي يليه.
ونفى صالح العفالق الذي تقدم بنقطتي نظام، تفسير الخروج بأنه انسحاب، وقال: «السبب يعود لإدراك صلاة الظهر». وأكد أن ما يحدث في المجلس ليس الهدف منه فرد العضلات وإنما العمل بناء على ما فيه مصلحة الوطن والمواطن.
وقرر المجلس التمسك بقراره السابق الخاص بخفض ساعات العمل في القطاع الخاص إلى 40 ساعة أسبوعيا، والرفع بذلك للجهات العليا لاتخاذ ما تراه مناسبا.
وأعلن المجلس بعد انتهاء الجلسة، تمسكه بقراره السابق لعدم وجود قرار جديد في جلسة أمس، بعد أن استمع إلى تقرير لجنة الإدارة والموارد البشرية بشأن مشروع تعديل المواد (98-99-100-104) من نظام العمل الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/51 وتاريخ 23/8/1426.
وأوضحت اللجنة في تقريرها أن المجلس سبق له مناقشة هذه المواد، ومن أبرزها المادة 98 من نظام العمل، وتتناول ساعات العمل في القطاع الخاص، ورأت عدم مناسبة مقترح الحكومة بتعديل المادة 98 لتكون بالنص التالي «لا يجوز تشغيل العامل تشغيلا فعليا أكثر من تسع ساعات في اليوم الواحد إذا اعتمد صاحب العمل المعيار اليومي، أو أكثر من خمس وأربعين ساعة في الأسبوع إذا اعتمد المعيار الأسبوعي، وتخفض ساعات العمل الفعلية خلال شهر رمضان للمسلمين، بحيث لا تزيد على سبع ساعات في اليوم أو 35 ساعة في الأسبوع».
وانتقد عضو المجلس صالح العفالق، تصرف اللجنة بعدم مشاركة دراستها مع أعضاء من خارجها، وقال: «إنها طالبت بالتصويت في نفس الجلسة ولم تترك مجالا للمداخلات بعد الجلسة»، مطالبا بتخصيص جلسة لهذا الأمر.
تطبيق التخفيض تدريجياً
رأى الأمير خالد آل سعود أن تخفيض ساعات العمل ينذر بالمزيد من المشكلات على المدى القصير، وطالب بالتدرج في تطبيقه ووضع حوافز لتوطين الوظائف في القطاع الخاص. وقال: «إن غالبية العمالة الوافدة غير متزوجين وأتوا للمملكة للعمل فقط، ما يدفعهم للبحث عن عمل خارج الدوام».
وأضاف الدكتور فهد بن جمعة: «أبناؤنا وبناتنا يستحقون الكثير منا، ليس فقط العمل 40 ساعة، بل وضع حد أدنى للأجور، لا يقل عن 6 آلاف، مع احتساب زيادة نسبة التضخم سنويا و22 ريالا للساعة الواحدة في العمل الجزئي». لافتا إلى أن نسب التوطين في المنشآت السعودية تصل إلى 13.37% في 996 ألف منشأة صغيرة.
من جانبه قال الدكتور عبدالله الحربي: «إن قرار تعديل المواد أتى في سياق مجموعة واسعة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والقانونية والإجرائية تهدف لتنويع بنية الاقتصاد السعودي وتهيئته للتحول إلى الاقتصاد المعرفي». مضيفا: «أتفق مع اللجنة على أن التراجع عن قرارات الشورى السابقة حيال تلك المواد يضعف من قوة النظام الجديد في جذب العامل».
مؤكدا ضرورة التفريق بين أمرين، ساعات العمل للمحلات وساعات العمل للأفراد.
وبين أن سوق العمل يعاني من عدم تكافؤ الفرص ومن منافسة القطاع الحكومي، وتساءل: «أين التوازن بين أخ يعمل 35 ساعة وآخر مطالب بالعمل 48 ساعة؟».
وأضاف الدكتور مشعل السلمي: «نحن أمام استحقاق تاريخي لإصلاح منظومة العمل في القطاع الخاص، المصلحة الوطنية تستوجب إجراء هذه الإصلاحات الضرورية في نظام وبيئة عمل القطاع الخاص، وسيؤدي ذلك إلى عكس نسبة العمالة في القطاع الخاص.. اليوم 80% عمالة أجنبية مقابل نحو 20% عمالة سعودية.. هذه المعادلة لن تتغير إذا استمر الوضع الحالي.. والمطلوب هو تغيير الوضع الحالي، وعلينا جميعا أن نتقبل ونتحمل تكلفة التغيير وهو تغيير إلى الأفضل، إذ إنه ليس من المقبول أن يوجد لدينا 9 ملايين عامل وافد يعملون في القطاع الخاص.
«الشورى» يناقش تقارير جهات حكومية
يناقش مجلس الشورى الأسبوع القادم، تقرير لجنة الشؤون الأمنية بشأن التقرير السنوي لوزارة الداخلية للعام المالي 1435/1436 في جلسة سرية، وعلمت «عكاظ» أن المجلس لم يزود الأعضاء بنسخ من التقرير، وترك معرفة ما فيه على كمبيوترات الأعضاء، وفق تعامل المجلس مع تقرير رسوم الأراضي البيضاء. كما يناقش مشروع نظام جمع التبرعات وصرفها في الوجوه الخيرية داخل المملكة، كما يناقش نظام منح نوط مكافحة الإرهاب وتقرير وزارة الصحة وتقرير وزارة التجارة، وتعديل أنظمة التقاعد المدني والعسكري والتأمينات الاجتماعية، بإضافة مادة تتعلق بالعلاوة السنوية، كما يناقش تقرير هيئة التحقيق والادعاء العام ويستمع لوجهة نظر لجنة الحج والإسكان حول ملحوظات الأعضاء وآرائهم تجاه مشروع نظام الغرامات والجزاءات البلدية.
.. القطاع الخاص يستخدم «السعودة» لمصلحته
أكد الدكتور فايز الشهري، أن إعلانات السعودة الوهمية أصبحت تعلن بشكل واضح، ما يدل على أن القطاع الخاص يستخدم كرت السعودة لمصلحته الشخصية دون سعودة حقيقية، لافتا إلى استطاعة القطاع الخاص التملص من تجارب الماضي من محاولات الدولة في فرض السعودة، مضيفا: «يجب على القطاع الخاص في هذه المرحلة أن يجعل وظائفه جاذبة للشباب حتى يقود قطار التحول الوطني ولا يكون معيقا له، كما أن التعديل يساعد في جلب النساء، خاصة للعمل في القطاع الخاص».
وتهكم الدكتور حاتم المرزوقي من مبررات أدرجت في التقرير بأن انخفاض الساعات سيؤدي إلى الجريمة والفراغ، وتساءل: «لماذا لم تؤد ساعات الدوام المنخفضة في القطاع العام للجريمة؟».
تخفيض الدوام الأسبوعي قرار «عاطفي»
أكد خليفة الدوسري أن قرار تخفيض الساعات إلى 40 ساعة قرار عاطفي، وتساءل: «هل ستقفل المولات والخدمات ويتوقف الكهربائيون عن العمل في الساعة الرابعة عصرا؟ أم سيوظف صاحب العمل موظفا آخر بأجر ثلاث أو أربع ساعات؟». من جانبه قال سطام لنجاوي: «اقتصادنا يركز على المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وسيؤدي قرار خفض ساعات الدوام إلى 13% إلى زيادة 20% من تكلفة الرواتب، كما أن رفع تكلفة الكهرباء والماء سيؤثر سلبا على المواطنين». وقال المهندس عبدالعزيز العطيشان: «كل مقاول يعمل 10 ساعات يوميا، وبما أن المقاولة تمثل 33% من تكلفة أي مشروع، سيؤدي تخفيض ساعات العمل إلى زيادة تكلفة البناء فوق 16%». مخاطبا الشورى «اتركوا العاطفة.. سيؤثر القرار على ارتفاع الأسعار.