من يشاهد ردود الفعل الاجتماعية الرافضة بالمطلق لأي ظاهرة مدنية مفيدة تتسرب إلى المجتمع السعودي، أو تلك الردود المستريبة من أي تنظيم إداري حضاري جديد تقره الجهات الرسمية يحق له أن يتساءل هل فعلا يعيش المجتمع السعودي في هذا الزمن أم في زمن آخر يبعد عن الحالي قرونا طويلة؟ هذا التساؤل أشغل ذهن طبيب أمريكي شهير يُدعى سيمور غراي، عمل في الرياض قبل عقود وأصدر كتابا يرصد فيه تجربته ليتوصل من خلاله إلى أن السعوديين على رغم حداثة مبانيهم وسياراتهم وشوارعهم، يعيشون في مرحلة زمنية ماضية تبعد عن زمننا الحالي نحو 1000 عام.
فلسفيا يمكننا اعتبار رأي الدكتور غراي صحيحا، وهذا مرده إلى وجود بعض القوى الاجتماعية والفكرية التي تسحب المجتمع إلى الماضي السحيق بقوة ومن دون مقاومة، تحت تأثير من مرض اجتماعي سائد هو «فوبيا الجديد»، ومرض آخر أشد خطرا هو «عقدة المؤامرة».
أن تكون إنسانا «ماضويا» يعني أن تعيش بعقلك في زمن مضى، وتعيش بجسدك في زمن آخر مختلف تماما، وهذا بكل بساطة ما نحن فيه، وليس له علاج سوى أن يبدأ التحرك من خلال المجتمع بأكمله، لإعادته إلى زمنه الحالي، أما أي جهود أخرى فمصيرها الفشل والضياع.
من يصدق أن السعوديين انشغلوا قبل أقل من عشرة أعوام بمعارك جدلية ضارية وسارعوا لاستصدار الفتاوى لتحريم ومنع أجهزة الهواتف النقالة المزودة بكاميرا؟ ومن يصدق أن كثيرا من السعوديين كانوا قبل أعوام قليلة يتداولون في المدارس والجامعات والمستشفيات كتيبات وعظية تحذر من خطر تقنية «البلوتوث»؟ قبل ذلك بعقدين من الزمن امتلأت رفوف المكتبات ومحال التسجيلات الإسلامية بكتيبات حملت عناوين من نوعية «احذري التلفون يا فتاة الإسلام»، هذه وقائع تصور حجم دوائر التخلف التي يُجر إليها المجتمع يوميا وينجح في تجاوزها آليا «ببركة الله».
من واجبات السلطة في أي مكان في العالم أن تدفع بالمجتمع حضاريا إلى الأمام، وهذا واجب يندرج تحت بند التنمية ولا يقل أهمية عن واجب توفير الأمن للمواطنين، ولذلك فإن التساهل مع قوى التخلف والرجعية من بعض فئات المجتمع، والتغاضي عن رؤية تلك القوى خطر للغاية، وسبب رئيس لتخلف البلاد والعباد، ويفترض أن نقف صفا واحدا ومكافحتهم في كل مكان كما نكافح المخدرات، لأن كليهما يفتك بالمجتمعات.
التجارب أثبتت أن الحضارة والمدنية في المجتمعات العربية تُفرض فرضا ثم تصبح أمرا عاديا بعد ذلك، وحتى لا نبتعد كثيرا، يمكننا أن نتذكر ببساطة كيف فُرض تعليم البنات في السعودية وحجم الممانعة التي أحاطت به حينها، ولنا أن نتخيل مصير أخواتنا وبناتنا اليوم، لو أن الدولة استجابت لضغوط الرافضين لتعليم البنات قبل 50 عاما.
فلسفيا يمكننا اعتبار رأي الدكتور غراي صحيحا، وهذا مرده إلى وجود بعض القوى الاجتماعية والفكرية التي تسحب المجتمع إلى الماضي السحيق بقوة ومن دون مقاومة، تحت تأثير من مرض اجتماعي سائد هو «فوبيا الجديد»، ومرض آخر أشد خطرا هو «عقدة المؤامرة».
أن تكون إنسانا «ماضويا» يعني أن تعيش بعقلك في زمن مضى، وتعيش بجسدك في زمن آخر مختلف تماما، وهذا بكل بساطة ما نحن فيه، وليس له علاج سوى أن يبدأ التحرك من خلال المجتمع بأكمله، لإعادته إلى زمنه الحالي، أما أي جهود أخرى فمصيرها الفشل والضياع.
من يصدق أن السعوديين انشغلوا قبل أقل من عشرة أعوام بمعارك جدلية ضارية وسارعوا لاستصدار الفتاوى لتحريم ومنع أجهزة الهواتف النقالة المزودة بكاميرا؟ ومن يصدق أن كثيرا من السعوديين كانوا قبل أعوام قليلة يتداولون في المدارس والجامعات والمستشفيات كتيبات وعظية تحذر من خطر تقنية «البلوتوث»؟ قبل ذلك بعقدين من الزمن امتلأت رفوف المكتبات ومحال التسجيلات الإسلامية بكتيبات حملت عناوين من نوعية «احذري التلفون يا فتاة الإسلام»، هذه وقائع تصور حجم دوائر التخلف التي يُجر إليها المجتمع يوميا وينجح في تجاوزها آليا «ببركة الله».
من واجبات السلطة في أي مكان في العالم أن تدفع بالمجتمع حضاريا إلى الأمام، وهذا واجب يندرج تحت بند التنمية ولا يقل أهمية عن واجب توفير الأمن للمواطنين، ولذلك فإن التساهل مع قوى التخلف والرجعية من بعض فئات المجتمع، والتغاضي عن رؤية تلك القوى خطر للغاية، وسبب رئيس لتخلف البلاد والعباد، ويفترض أن نقف صفا واحدا ومكافحتهم في كل مكان كما نكافح المخدرات، لأن كليهما يفتك بالمجتمعات.
التجارب أثبتت أن الحضارة والمدنية في المجتمعات العربية تُفرض فرضا ثم تصبح أمرا عاديا بعد ذلك، وحتى لا نبتعد كثيرا، يمكننا أن نتذكر ببساطة كيف فُرض تعليم البنات في السعودية وحجم الممانعة التي أحاطت به حينها، ولنا أن نتخيل مصير أخواتنا وبناتنا اليوم، لو أن الدولة استجابت لضغوط الرافضين لتعليم البنات قبل 50 عاما.