-A +A
ياسر أحمدي

في الأسبوع الذي أمضيته ملسوعا منوما في المستشفى من بعوض أمانة جدة، أخذني ممرضات شرق وجنوب آسيا على كفوف الراحة، ما إن تنهي تريزا مهمتها القومية في غرس حقنتها الحنونة على عضدي حتى تطل صويحبتها راشيل سليلة جبال الفلبين تبحث في عضلي عن مكان خال عن ضربة إبرة أو فلتر مغذ. فقلت بيني وبين نفسي «الغوث الغوث» عندما رأيت أم عيالي، وقد جاءت تزورني مثل «الحمى»، فقلت لها وأنا أهذري: إني أخشى على نفسي أن أموت كالبعير على سرير المستشفى، فأجهشت بالبكاء ثم سألتني إن كنت تركت لها شيئا في البنك تستعين به على تربية «البزورة»!
بعد ربع قرن من الزواج.. شعرت أن أم عيالي تستنهض رومانسيتها الدفينة، وهي تنقب في حقيبة يدها التي اشترتها بالتقسيط، لتهدي لي زهرة برية حمراء. فتخيلت نفسي مثل راغب علامة في الملاحة.. قلت لها أحبك. لن أحدثكم كيف ردت تحيتي، فما قالته لا يصلح للنشر في هذه الصحيفة المحترمة. لكن الأهم من كل ذلك أن حنان وزارة الصحة بمرضاها أفضل بكثير من حنان أم عيالي بمريضها. إذ أطفأت الوزارة مصابيح غرفتي خوفا على حياتي من التماس الكهربائي، ومنعتني عن الطعام خشية من التسمم، (أم عيالي عندما تضع الأطباق على السفرة تطلق عبارتها التاريخية.. اتفضل اتسمم).
الصحة مشكورة حرمتتي من الدواء حتى لا أتسمم، حظرت على ممرضاتها معاودتي حتى لا يغرقن في بحر غرامي..
يا لها من جدة.. وبعوضتها الرومانسية فقد عرفتني عدوي من صديقي في الشدائد!

ysahmedy@gmail.com