-A +A
سعيد السريحي
صالح العبد الله المطوع قفز إلى الذاكرة قاطعا مسافة تربو على النصف قرن، ذلك المعلم الذي لم يكن يعلمنا اللغة العربية في المدرسة السعودية المتوسطة بجدة فحسب بل كان يعلمنا معنى أن يكون الإنسان صادقا وفيا مهذبا وصارما في الوقت نفسه، صالح المطوع استدعته فصول التقوية التي هيأها تعليم جدة للطلاب الذين يحتاجون دروسا إضافية تعالج ضعفهم في بعض المواد الدراسية، كانت إدارة المدرسة السعودية المتوسطة في أواخر الثمانينات من القرن الهجري الماضي قد قررت فتح فصول لتقوية ضعف الطلاب في بعض المواد وفرضت رسوما رمزية لم تكن تتجاوز عشرة ريالات للمادة الواحدة على من يريد الالتحاق بهذه الدروس، وانتظم طلاب ومعلمون في تلك الدروس إلا أستاذنا صالح المطوع وحين سألناه لم لا يعقد دروسا للتقوية؟ قال: الطالب اللي ما يستفيد من عدد الحصص المقررة لكل مادة ما راح يستفيد من أي حصص إضافية.
بعد أسابيع تراجع أستاذنا المطوع وقبل إعطاء دروس إضافية وحين سألناه عن السبب علمنا أنه فعل ذلك لأن بعض الطلاب الذين كان يدرسهم في الصباح يتلقى دروس تقوية في المساء عند أساتذة آخرين ممن يتولون تعليم اللغة العربية لفصول أخرى، غير أن المطوع اشترط شرطا واحدا: الدروس التي أعطيها للطلاب عصرا مجانية لا أتقاضى عليها ريالا واحدا لأن طلابي لم تكفهم الحصص التي أعطيهم إياها في الصباح.

سألني ذات يوم وأنا أجلس بين الطلاب المحتاجين للتقوية في مواد اللغة العربية: انت إيش جابك؟ ما تحتاج دروس تقوية، تلعثمت وأنا أقول له : جيت من شان استمع إليك أكثر.