بدعوة كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني، تشرفت بتقديم ورقة عمل في إحدى ندوات مهرجان الجنادرية عن السياسة الخارجية السعودية في ضوء عاصفة الحزم تحت عنوان («لسنا دعاة حرب، ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها»، الرؤية السعودية للحرب والسلام في السياسة الخارجية).
والكل يعرف أن هذا العنوان ما هو الا استعارة للمقولة التاريخية التي صدع بها الأمير سعود الفيصل ــ يرحمه الله ــ الذي عاصر خمسة ملوك في الدولة السعودية الثالثة، وقضى 50 عاما من عمره في خدمة السياسة الخارجية، منها 40 عاما كوزير للخارجية، وذلك في آخر كلمة يلقيها قبيل وفاته أمام مجلس الشورى في جلسة خاصة عقدت بتاريخ 30 مارس 2015.
وفي تلك الورقة استعرضت عدة شواهد تاريخية منذ عهد الملك عبدالعزيز ــ يرحمه الله ــ مرورا بكافة أبنائه الملوك من بعده وانتهاء بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ــ يحفظه الله ــ لإثبات أن عاصفة الحزم لم تكن خارج السياق التاريخي كما يظن من لا يفهمون طبيعة مؤسسة الحكم السعودية ومنطلقاتها ومسلماتها. وحتى التصريحات والمقولات التاريخية بما فيها مقولة سعود الفيصل هي أيضا رجع صدى لسياسات ثابتة ومبادئ أساسية لا تتغير ولا تتبدل بتغير الأشخاص.
قارن بين مقولة الفيصل ومقولة تاريخية لجده الملك المؤسس عبدالعزيز قبل 64 عاما ستجد أن مقولة الفيصل لا تختلف عنها في مضمونها، وإن اختلفت الكلمات والجمل، وذلك في معرض رده على بعض القادة العسكريين الذين كانوا يستعجلون في اللجوء للحلول العسكرية حين خاطبهم قائلا «جعلت سنتي ومبدأي أن لا أبدأ أحدا بالعدوان، بل أصبر عليه وأطيل الصبر على من بدأني بالعداء، وأدفع بالحسنى ما وجدت لها مكانا وأتمادى بالصبر حتى يرميني البعيد والقريب بالجبن والضعف، حتى إذا لم يبق للصبر مكان ضربت ضربتي فكانت القاضية..».
فلقد قامت السياسة الخارجية للمملكة منذ تأسيسها على ثلاثة مبادئ حددها الأمير تركي الفيصل بالوحدة، والاستقرار، والمسؤولية. ولقد قمت باستعراض كل مبدأ من هذه المبادئ في تسلسله التاريخي الذي ضاقت به 18 صفحة هي مجمل صفحات ورقة العمل التي استعرضت بعض عناوينها مساء الأحد الماضي على منصة قاعة الملك فيصل في فندق الانتركونتننتال والتي أرفق رابطها في آخر المقالة لمن يرغب في الاطلاع عليها كاملة.
ففي مناقشتي لمبدأ (المسؤولية) على مختلف المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وجدت أيضا، على المستوى الدولي، شواهد ودلالات على أن السياسات الخارجية السعودية ترتكز فعلا على هذه المبادئ المعلنة عبر التاريخ ويكفي أن نورد بعض مقاطع من خطبة الأمير فيصل بن عبدالعزيز الذي كان يمثل والده المؤسس العظيم بتاريخ 24 تشرين الأول/أكتوبر 1945م في سان فرانسيسكو/الولايات المتحدة وهو يخاطب العالم ويحدثه عن المبادئ السامية التي قامت عليها منظمة الأمم بعد توقيعه على المبادئ الأخلاقية للوثيقة العالمية وعلى البيان العالمي لتأسيس الأمم المتحدة حين قال بكل جرأة وشجاعة «إن هذا الميثاق لا يدل على الكمال، كما كنا نتوقع في الأمم الصغيرة التي كانت تأمل أن تحقق المثل العليا، على أنه خطوة كبيرة وسنعمل كلنا للمحافظة عليه وسيكون الأساس المتين الذي يبنى عليه صرح السلام العالمي».
ولقد كانت المفاجأة المدوية للعالم أجمع بأن ما قاله الفيصل قبل 68 عاما عن النقص المجحف في ميثاق المنظمة الدولية بحق الدول الصغيرة لم يكن مجرد كلام مصفوف وخطبة عربية بليغة، إنما هو سياسة ثابتة قائمة على مبادئ راسخة لا تتبدل ولا تتغير بمرور الزمن، وذلك حين أعلنت الخارجية السعودية يوم 18 أكتوبر 2013 على لسان وزيرها الأمير سعود الفيصل ــ يرحمه الله ــ اعتذار المملكة عن قبول العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن الدولي بسبب «ازدواجية المعايير» في المجلس وفشله، خصوصا في حل القضية الفلسطينية والنزاع السوري وجعل الشرق الأوسط خاليا من أسلحة الدمار الشامل. وأوضح البيان بأن «آليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته وتحمل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين على النحو المطلوب».
وهكذا، تمر أعوام وأعوام وتتغير أجيال وأجيال ويمر قادة وزعماء ويأتي آخرون ولكن المبادئ والمسلمات تبقى بقاء الدولة السعودية ويمكن لأي كائن أن يتعرف عليها بسهولة ويتوقع ردود أفعالها. وتبقى بلادنا مسالمة لا تبدأ أحدا بعدوان ولا تتحرش بجار أو شقيق، ويبقى شعارها المرفوع عبر الأجيال «لسنا دعاة حرب، ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها» شعارا معبرا عن سياستها الخارجية قولا وفعلا عبر الأجيال..
والكل يعرف أن هذا العنوان ما هو الا استعارة للمقولة التاريخية التي صدع بها الأمير سعود الفيصل ــ يرحمه الله ــ الذي عاصر خمسة ملوك في الدولة السعودية الثالثة، وقضى 50 عاما من عمره في خدمة السياسة الخارجية، منها 40 عاما كوزير للخارجية، وذلك في آخر كلمة يلقيها قبيل وفاته أمام مجلس الشورى في جلسة خاصة عقدت بتاريخ 30 مارس 2015.
وفي تلك الورقة استعرضت عدة شواهد تاريخية منذ عهد الملك عبدالعزيز ــ يرحمه الله ــ مرورا بكافة أبنائه الملوك من بعده وانتهاء بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ــ يحفظه الله ــ لإثبات أن عاصفة الحزم لم تكن خارج السياق التاريخي كما يظن من لا يفهمون طبيعة مؤسسة الحكم السعودية ومنطلقاتها ومسلماتها. وحتى التصريحات والمقولات التاريخية بما فيها مقولة سعود الفيصل هي أيضا رجع صدى لسياسات ثابتة ومبادئ أساسية لا تتغير ولا تتبدل بتغير الأشخاص.
قارن بين مقولة الفيصل ومقولة تاريخية لجده الملك المؤسس عبدالعزيز قبل 64 عاما ستجد أن مقولة الفيصل لا تختلف عنها في مضمونها، وإن اختلفت الكلمات والجمل، وذلك في معرض رده على بعض القادة العسكريين الذين كانوا يستعجلون في اللجوء للحلول العسكرية حين خاطبهم قائلا «جعلت سنتي ومبدأي أن لا أبدأ أحدا بالعدوان، بل أصبر عليه وأطيل الصبر على من بدأني بالعداء، وأدفع بالحسنى ما وجدت لها مكانا وأتمادى بالصبر حتى يرميني البعيد والقريب بالجبن والضعف، حتى إذا لم يبق للصبر مكان ضربت ضربتي فكانت القاضية..».
فلقد قامت السياسة الخارجية للمملكة منذ تأسيسها على ثلاثة مبادئ حددها الأمير تركي الفيصل بالوحدة، والاستقرار، والمسؤولية. ولقد قمت باستعراض كل مبدأ من هذه المبادئ في تسلسله التاريخي الذي ضاقت به 18 صفحة هي مجمل صفحات ورقة العمل التي استعرضت بعض عناوينها مساء الأحد الماضي على منصة قاعة الملك فيصل في فندق الانتركونتننتال والتي أرفق رابطها في آخر المقالة لمن يرغب في الاطلاع عليها كاملة.
ففي مناقشتي لمبدأ (المسؤولية) على مختلف المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وجدت أيضا، على المستوى الدولي، شواهد ودلالات على أن السياسات الخارجية السعودية ترتكز فعلا على هذه المبادئ المعلنة عبر التاريخ ويكفي أن نورد بعض مقاطع من خطبة الأمير فيصل بن عبدالعزيز الذي كان يمثل والده المؤسس العظيم بتاريخ 24 تشرين الأول/أكتوبر 1945م في سان فرانسيسكو/الولايات المتحدة وهو يخاطب العالم ويحدثه عن المبادئ السامية التي قامت عليها منظمة الأمم بعد توقيعه على المبادئ الأخلاقية للوثيقة العالمية وعلى البيان العالمي لتأسيس الأمم المتحدة حين قال بكل جرأة وشجاعة «إن هذا الميثاق لا يدل على الكمال، كما كنا نتوقع في الأمم الصغيرة التي كانت تأمل أن تحقق المثل العليا، على أنه خطوة كبيرة وسنعمل كلنا للمحافظة عليه وسيكون الأساس المتين الذي يبنى عليه صرح السلام العالمي».
ولقد كانت المفاجأة المدوية للعالم أجمع بأن ما قاله الفيصل قبل 68 عاما عن النقص المجحف في ميثاق المنظمة الدولية بحق الدول الصغيرة لم يكن مجرد كلام مصفوف وخطبة عربية بليغة، إنما هو سياسة ثابتة قائمة على مبادئ راسخة لا تتبدل ولا تتغير بمرور الزمن، وذلك حين أعلنت الخارجية السعودية يوم 18 أكتوبر 2013 على لسان وزيرها الأمير سعود الفيصل ــ يرحمه الله ــ اعتذار المملكة عن قبول العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن الدولي بسبب «ازدواجية المعايير» في المجلس وفشله، خصوصا في حل القضية الفلسطينية والنزاع السوري وجعل الشرق الأوسط خاليا من أسلحة الدمار الشامل. وأوضح البيان بأن «آليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته وتحمل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين على النحو المطلوب».
وهكذا، تمر أعوام وأعوام وتتغير أجيال وأجيال ويمر قادة وزعماء ويأتي آخرون ولكن المبادئ والمسلمات تبقى بقاء الدولة السعودية ويمكن لأي كائن أن يتعرف عليها بسهولة ويتوقع ردود أفعالها. وتبقى بلادنا مسالمة لا تبدأ أحدا بعدوان ولا تتحرش بجار أو شقيق، ويبقى شعارها المرفوع عبر الأجيال «لسنا دعاة حرب، ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها» شعارا معبرا عن سياستها الخارجية قولا وفعلا عبر الأجيال..